نظمت يوم 21 أكتوبر الجاري الإدارة الجهوية للصحة بقابس بمساهمة من الإدارة الفرعية للصحة البيئية بقابس و بالتنسيق مع جمعية المواطنة و البيئة و شركة إسمنت قابس اليوم الجهوي الأول للصحة البيئية بقابس احتضنته إحدى الفضاءات السياحية بمطماطة و حضره عدد من ممثلين عن مختلف الدوائر الصحية بين إطارات طبية و شبه طبية و الهياكل و المؤسسات الطبية الجهوية ضمن القطاع العام و الخاص بولاية قابس . و لدى افتتاحه لأشغال هذا اللقاء الصحي أكد الدكتور يحي حمدي كاهية مدير الإدارة الفرعية للصحة البيئية بقابس أن هذه المبادرة التي جاءت بمساهمة من بعض مكونات المجتمع المدني و المؤسسات الاقتصادية المنتصبة بالجهة تعكس المسؤولية المشتركة القائمة بين كافة الأطراف من أجل إيجاد الحلول الملائمة لوضع حد للتلوث البيئي بهدف التقليل من تطور عدد المصابين بالأمراض المزمنة المرتبطة بالملوثات الصناعية بالخصوص ضمن مقاربة تشاركية تهدف إلى التمهيد لإقرار تنمية مستدامة للأجيال القادمة . و خلال الفترة الصباحية الأولى تابع المشاركون في أشغال هذا اليوم الصحي خمس مداخلات علمية في مجال الصحة و علاقتها بالبيئة اهتمت محاورها بمفهوم ومشاكل البيئة للأستاذ عماد القرقوري بكلية الطب بصفاقس و تحليل المخاطر والرصد البيئي في الوقاية من الأمراض ومراقبتها للأستاذ البرتغالي جوزي بالما و البيئة و أمراض القلب والأوعية الدموية للأستاذ هشام بنقير بالمستشفى الجهوي بقابس و أمراض الجهاز التنفسي و البيئة للدكتورة نجلاء البهلول بكلية الطب بصفاقس و السرطان و البيئة للأستاذ سمير علولو رئيس قسم أمراض الأورام الخبيثة بالمستشفى الجهوي بقابس . فيما خصصت الفترة المسائية الثانية لإقامة ثلاث ورشات تكوينية تركزت محاورها على علاقة الهواء و المياه و الصناعة بالصحة و المحيط . وفي إطار إشعاع الهياكل الصحية على محيطها تضمنت فعاليات هذا اليوم للصحة البيئية أيضا تنظيم حملة تحسيسية و توعوية حول أهمية المحافظة على نظافة الأيدي من خلال عرض لوحات فنية يعكس مضمونها هذا المحور من إنجاز طلبة المعهد العالي للفنون و الحرف بقابس إلى جانب تقديم أنشطة فرجوية بمساهمة مهرجين بهدف مزيد نشر الثقافة الصحية بالوسط الجماعي. لقد شكل هذا اليوم الصحي لقاء دراسيا حول أهم المشاكل الصحية الناجمة عن مختلف الملوثات البيئية بالجهة حيث إعتبره المشاركون فرصة لتبادل الخبرات و المعلومات بين المختصين و الفاعلين في القطاع الصحي و المنتمين لمكونات المجتمع المدني نظرا لغموض و انعدام البحوث العلمية حول علاقة التلوث البيئي بالصحة خاصة و أن التطرق لهذا الموضوع يعتبر من الممنوعات خلال سنوات خلت و دعوا في خاتمة أشغال هذا اليوم الصحي إلى ضرورة تشديد المراقبة على مصادر التلوث و مطالبة المؤسسات و الهياكل العمومية بضرورة تيسير الوصول إلى المعلومة الخاصة بالإحصائيات الوبائية و الكشف عن مخاطر و مواقع الصناعات الكيميائية الملوثة بالجهة و دعوة مجلس نواب الشعب إلى اتخاذ إجراءات عملية من أجل إيجاد الآليات و القرارات السياسية للحد من التلوث الهوائي و البحري في قابس بالإضافة إلى التأكيد على وضع استراتيجية تهدف إلى المحافظة على الموارد المائية الجوفية و حمايتها ومزيد العمل على مقاومة التلوث السمعي و ظاهرة التدخين و نشر ثقافة ترشيد استهلاك المياه في مختلف المجالات الحيوية و حسن استعمال المواد الكيميائية في النشاط الفلاحي . و للوقوف على انطباعات و الخطوات المتخذة القادمة لبعض المشرفين على هذه التظاهرة الصحية اتصلنا بالدكتور رياض الشاوش المدير الجهوي للصحة بقابس الذي أشار إلى أن الإدارة ستسعى بالتعاون مع المؤسسات و الهياكل الصحية و مكونات المجتمع و بالتوازي مع البرامج الصحية الوطنية التي تساهم في مزيد تعزيز الرعاية الصحية إلى مواجهة التحديات المنتظرة و العمل على استغلال و تفعيل التوصيات المنبثقة عن أشغال هذا اليوم الجهوي للصحة البيئية ضمن ضبط خطة طريق تسهر على تنفيذ مكوناتها لجنة جهوية سيتم تركيزها قريبا و أبرز أن هذه اللجنة ستدعم هذه التوصيات بإعداد بنك معلومات من خلال جمع الإحصائيات و البيانات والمؤشرات المسجلة بالجهة و إجراء البحوث و الدراسات العلمية للوقوف على مكامن الأسباب الحقيقية لظهور بعض الأمراض الغير سارية و تفشيها في صفوف المواطنين و التعرف على مدى ارتباطها بالوضع البيئي الراهن على غرار أمراض الجهاز التنفسي المزمنة و السرطان و أمراض القلب و الأوعية الدموية إلى جانب تكوين و تشريك ممثلي مختلف القطاعات في أنظمة المراقبة و الرصد للعوامل المساعدة على تلويث البيئة و كيفية مكافحة الإخلال المسجل في هذا المجال من أجل إيجاد الحلول الملائمة للنقص الحاد في المياه و المشاكل البيئية التي تعيشها الجهة منذ حوالي 40 سنة و ختم قوله بالتأكيد على إعطاء هذه التظاهرة الصبغة الوطنية خلال الدورة القادمة . ومن جانبه ذكر مسعود شنيب رئيس المصلحة الجهوية للإدارة الفرعية للصحة البيئية بقابس أن هذه البادرة التي أتاحت للمشاركين فرص تبادل المعلومات و المعارف و الإطلاع و الاستفادة من خبرات و تجارب عدد من الأخصائيين في مجالات الصحة و البيئة و الصناعة من خلال المداخلات المقدمة و الورشات التكوينية من شأنها أن تساهم في مزيد تحسيس المهنيين في القطاع الصحي و الصناعي و النسيج الجمعياتي بأهمية الاعتماد على أساليب علمية في الحفاظ على صحة البيئة و سلامة المحيط و ضمان حماية الموارد المائية وهو ما يتطلب أيضا تكثيف الجهود من أجل مواجهة غول التلوث بمختلف أشكاله و أنواعه بالطرق العلمية الحديثة بغية الحد من تفاقم الأمراض المزمنة المرتبطة بالمحيط في صفوف المواطنين.