أول ما يمكن استنتاجه من نتيجة الانتخابات الجزئية في المانيا كون الناخب التونسي أكثر ذكاء و فطنة من نخبته السياسية و عرف جيدا كيف و متى يعاقب هته النخبة و يعود بها إلى حجمها الحقيقي و يكذب عمليات سبر آراء مدفوعة الثمن لتضخيم حجم من لا حجم له او لتقزيم و تشويه كل مبادرة سياسية حزبية أو فردية جديدة. ثاني ما يمكن إستنتاجه أن " النهضة مهما طال الزمان ما فيهاش أمان" فللمرة الثانية على التوالي توجه ضربة موجعة لحليفها الباجي قائد السبسي و تغدر به فالمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية السابقة حين ادعت أنه ليس لديها مرشح و تلتزم الحياد، فصوت كل النهضاويين لمنصف المرزوقي، لتعيد الكرة في المرة الثانية حين أعلنت مساندتها لمرشح النداء في ألمانيا غدرت به مجددا و بطبيعة الحال سيثبت التاريخ صحة المقولة: jamais deux sans trois فالحقيقة التي يحاول بعض الانتهازيون أو المغفلون إنكارها أن النهضة و النداء خطان متوازيان لا يلتقيان فإن تعسفنا لكي نلاقيهما إنكسر الخط الضعيف منهما و إنقلب إلى جناح ثاني لطائر متوحش ينقض على كل من حوله تماما كما فعل سابقا بحزب التكتل و المؤتمر من أجل الجمهورية. ثالث ما يمكن إستنتاجه من هته النتيجة أن النداء إنتهى منذ مدة، فهو فقط في حالة موت سريري و يكفي أن نقطع عنه الحقن الإعلامية الكاذبة و الهالة التي يتستر بها و يستمدها من شخص و نفوذ رئيس الجمهورية لكي نتأكد من هذا الموت بعد أن تعمد الباجي بواسطة حافظ و جماعته قتل كل ابنائه الشرعيين الذين أسسوه و أوصلوه الى قصر الرئاسة و تبني لقطاء غريبين عن الحزب تتعقبهم قضايا فساد و فضائح وهم في الحقيقة مأجورين مهمتهم إختراق النداء لصالح حركة النهضة. رابع ما يمكن إستنتاجه أن موت النداء سيخلف إرثا مهما على الوريث الشرعي له حسن إدارته و استغلاله فعملية استيعاب هذا الإرث هي عملية صعبة و معقدة تتطلب عملا ميدانيا ضخما و تقديم الكثير من التنازلات و التواضع و الحنكة من القيادة و القواعد على حد السواء. خامس ما يمكن إستنتاجه أن هته النتيجة ستكون لها تداعيات سياسية كبيرة في علاقة الباجي بالغنوشي الذي إفتقد كل سيطرة على قواعده و سيدفع حزبه ضريبة باهضة لقاء ذلك و ستزعزع علاقته برئيس الجمهورية و سيسقط قناع التوافق عن الشيخين قريبا فلا غرابة ان يسعى الباجي منذ اليوم في محاولة تكوين جبهة سياسية تقدمية جديدة تضم كل القوى الديمقراطية ضد شبح عودة المنصف المرزوقي للمنافسة على منصب الرئاسة. لكن يبقى السؤال عن مدى استجابة هته القوى لنداء الباجي بعد أن اثبت هذا الاخير ان كل مبادراته السابقة ليست جدية بل مجرد مناورات مؤقتة يستفيد منها لوحده و لا تعود بالمصلحة على حلفائه. سادس ما يمكن استنتاجه أن خسارة النداء قد تكون سببا في عدم إجراءات الإنتخابات البلدية سنة 2018 و تاجيلها إلى حين إيجاد حل للخروج من المأزق الذي وضع النداء نفسه فيه بالمناورة الخاطئة التي تم من خلالها خلق الشغور في منصب نائب ألمانيا لحسابات سياسوية ضيقة سقطت منذ أن تم كشفها. سابع ما لا يمكن إستناجه و يبقى رهين كل ما سبق ذكره وهو هل سيستفيد يوسف الشاهد من هزيمة النداء في ألمانيا و من تصدع العلاقة بين الشيخين؟