نظمت يوم 24 ديسمبر الجاري معتمدية قابس الغربية بالتعاون مع المكتب الجهوي لمنظمة عين تونسبقابس و جمعية آفاق للأمن الداخلي و الديوانة و جمعية مرفأ للتجديد في الأدب و الثقافة و الفنون فعاليات المنتدى الإستراتيجي لتحصين الشباب ضد الإرهاب تحت شعار " الأمن الفكري كخيار استراتيجي لحماية الفرد و المجتمع و الوطن " بحضور ممثلين عن الجمعيات و المنظمات الجهوية و المحلية . و في افتتاح أشغال هذا المنتدى ذكر السيد عبد الحميد صالح معتمد قابس الغربية أن تنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار مزيد تفعيل التعاون القائم بين الهياكل الأمنية و العسكرية من جهة و النسيج الجمعياتي المدني من أجل مواجهة التحديات الراهنة و كسب معركة التنمية الشاملة تؤمن العيش الكريم للأجيال المتعاقبة . و قد خصص هذا المنتدى لعرض مجموعة من المداخلات الفكرية تركزت على عديد المسائل منها الأمن الفكري و حماية الوطن و قيمة المعلومة و علاقتها بالأمن و المواطن و الإرهاب الإلكتروني في ظل المتغيرات و التحولات الإقليمية و الدولية و سجناء قضايا الإرهاب والتصدي من الارهاب ضمن مقاربة تربوية حيث أبرز السيد سيف الله الهيشري رئيس جمعية آفاق للأمن الداخلي و الديوانة أن تنظيم هذا المنتدى جاء في إطار تفعيل استباقية الاستراتيجية الوطنية لمكافة الارهاب التي انطلقت سنة 2013 و هي منهجية عملية مدروسة ضمن تعدد المقاربات الامنية و الثقافية و الاجتماعية و الدينية و التربوية و السياسية و الاقتصادية و العسكرية بهدف تطوير الفكر و مقاومة الفكر بالفكر و الابداع لمكافحة الارهاب إعتمادا على تعدد المقاربات بعد أن أثبتت ان المقاربة الامنية غير كافية للحد من هذه الظاهرة . و أشار أيضا إلى ان الجمعية بصدد إعداد مشروع قانون للإرهاب الإلكتروني بهدف تيسيير الإجراءات القانونية المرتبطة بهذه التجاوزات نظرا لما يواجهه رجال القانون من مشكلة أمام القضاء عند محاكمة أصحاب هذه الظاهرة الإلكترونية إلى جانب إعادة ضبط قائمة اسمية في المواقع المشبوهة و الصفحات الإرهابية و الشروع في تنفيذ برنامج توعوي بالتعاون مع وزارة التربية حول الأمن الفكري خلال السنة القادمة كما عدد خصائص الارهاب الالكتروني التي تكمن في البحث و التنقيب عن المعلومات و دعم الاتصالات و التعبيئة و التجنيد و تبادل و إعطاء التعليقات و التلقين الإلكتروني و مزيد التخطيط و التنسيق و الحصول على التمويل . وذكر السيد علي الغربي الباحث في المجال الثقافي و الإجتماعي أننا مطالبون بضرورة تنويع الوسائل و الاساليب في مقاومة الارهاب الفكري و المادي من خلال الحرص على إيجاد تصور جديد يعتمد على الفكر الأمني تماشيا مع واقعنا المعاش و الراهن . و أكد السيد جلال الدجبي الإطار السامي بوزارة الداخلية على اهمية دور المواطن في المساهمة في مكافحة الارهاب من خلال الاسراع بتبليغ المعلومة و حسن التعامل معها حول التحركات الارهابية لدى السلط الامنية و العسكرية حماية للجميع ملاحظا أن التبليغ لا يعد وشاية بالمرة بل هو تعاون قائم بين المواطن و مختلف المؤسسات الأمنية و العسكرية من أجل تجنب الإعتداءات الإرهابية على الممتلكات و المواطنين . و من جانبه أشار السيد مبروك الحميدي رئيس المكتب الجهوي لمنظمة عين تونس فرع قابس إلى أن التصدي للإرهاب ضمن مقاربة تربوية هي الخطة الاستباقية لتحصين الشباب من الانزلاق في هذه المتاهات بشكل استباقي ووقائي مؤكدا أن الحد من هذه الظاهرة التي مازالت تنخر المجتمع التونسي و حماية البلاد يتطلب محاربة و مقاومة هذه الآفة بمختلف الوسائل و الأساليب و أبرز أن 70 بالمائة من شخصية الانسان تتشكل في سنواته الاولى و هو ما يتطلب ضرورة استثمار هذه المرحلة من عمر الطفل في زرع كل القيم الايجابية التي بها ننحت رجل الغد لأن الطفل المحصن في طفولته لا يمكن له أن يكون ارهابيا أو متبنيا لفكر ارهابي و أكد على دور المؤسسة التربوية في إفراز خريج خلال مرحلة الطفولة الاولى التي تمتد الى فترة ما قبل المراهقة و شدد على أهمية جعل مختلف الفضاءات التربوية و الثقافية و نوادي الأطفال بالخصوص مصانع للأمصال و التلاقيح من شأنها أن تساهم في إفراز خريج يرفض العنف و ينبذ التطرف ويكره المسميتين و استعرض تجربة المنظمة الناجحة ضمن مختلف أنشطة النوادي الثقافية المدرسية في هذا المجال . و قدم السيد أيمن العمدوني المختص في علم الاجتماع تعريفا ضافيا حول مفهوم الإرهاب و التطرف في أشكاله المتنوعة إعتمادا على ما تحدده التقاليد و الاعراف و المعايير القانونية و الإجتماعية والدينية السائدة في المجتمع وأبرز أن الجماعات المتطرفة تمكنت من استقطاب كثيرا من الشباب و الزج به في بؤر الإرهاب و استخدامه كوقود للإعتداء على الأملاك العامة و الخاصة و إزهاق أرواح المواطنين الأبرياء من خلال استغلال الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية كغياب الوعي لدى أغلبهم و تفشي البطالة و انخفاض مستوى المعيشة وحول المناهج و السبل الكفيلة بالحد من ظاهرة الارهاب دعا إلى ضرورة مراقبة التحركات المشبوهة داخل غرف السجن بصورة استباقية للحيلولة دون تنفيذ أي مخطط اجرامي او مخطط يهدد الامن العام و عدم احتكاك الارهابيين بالمتهمين بجرائم الحق العام داخل السجن و العمل على رعاية الشباب و الاهتمام بقضاياه و تحصينه من الاختراقات الفكرية و نوازع الغلو و تعميق و تشديد الرقابة على مضامين المنشورات و الاشرطة السمعية و البصرية المعروضة بالفضاءات التجارية و المكتبات و التكثيف من الملتقيات و الدورات الإعلامية حول التعريف بالرسالة الامنية و مساعدة المسجونين المورطين في العمليات الإرهابية على التعايش داخل المجتمع و رعايتهم وإحاطتهم نفسيا و إجتماعيا و دينيا تحت إشراف مختصين لإستئصال مفرداتهم الفكرية و التخلي عن مواقفهم المتشددة . و خلال فتح باب النقاش للحاضرين أكد أغلب المتدخلين على ضرورة مساهمة الجميع في القضاء على ظاهرة الإرهاب و استئصال جذوره والمطالبة بترشيد الخطاب الديني و التكثيف من إقامة حلقات ودورات إعلامية للتعريف بدور الشباب خصوصا و مكونات المجتمع المدني عموما في مكافحة الإرهاب اعتمادا على الأمن الفكري و الوعي و اليقظة المستمرة و تشجيع الدراسات و البحوث الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب و العمل على مزيد تحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية. و شددوا أيضا على أهمية دور مختلف وسائل الإعلام و خاصة المرئية منها في نشر الوعي البناء و تعزيز سبل الوقاية من الفكر المتطرف و بث روح المواطنة و طالبوا بضرورة دعم البرامج العلمية و التعريف بإبداعات و ابتكارات الشباب في شتى المجالات و الميادين و التخلي عن البرامج المخلة بالحياء و الأخلاق العامة .