الزمان: من 2 الى 4 فيفري 2018 الحدث: الدورة 24 لمعرض المغرب- المشرق للكتاب. في هذا اللقاء السنوي اقامت فنادق صدر بعل التونسية صالونا للفن المعاصر يضم لوحات نادرة على ملكيتها من تونسوالعراق. معرض باريس هذا يعود بنا في دورته الاولى الى سنة 1994، وقد اسست له جمعية لفحة شمس Coup de soleilالتي اسستها مجموعة من الفرنسيين ذوي الاصول الجزائرية منهم رئيسها،المولود بمدينة قسنطينة، جورج مورانGeorges Morin سنة 1985 ، وذلك بهدف لمّ شمل اصيلي المغرب العربي واصدقائهم، ودعم الصلات بين هذه الشعوب على اختلاف جغرافياتهم وثقافاتهم وتاريخهم. منذ 2001 يحتضن قصر باريس أنشطة هذه الفعالية الثقافية. ونجد في ملصق هذه الدورة شريكا في التنظيم معهد البحوث والدراسات للمتوسط والشرق الاوسط، واتساع الفضاء الجغرافي الى الشرق الذي يضم مصر وايران وتركيا والخليج. والمناسبة ، حضرت فيها الآداب التونسية ضيفة شرف، وشاركت جربة في لقاءات الاماكن المقدسة المشتركة، والصعود الاجتماعي في تونس ادرج محورا في المقهى الثقافي، كما اهتمت احدى الندوات بحضور المؤلفين المغاربة اللافت في النشر الفرنسي وسط تكريم للمفكر التونسي محمد الشرفي. وبالمربع الفني الكبير لهذه التظاهرة، التي تستقطب سنويا اكثر من 6 الاف زائر، علقت 13 لوحة تحت عنوان ملتقىSymbiose، من المجموعة الخاصة بفنادق صدر بعل التونسية. من تونس، محمود السهيلي(1931-2015) وعبد الرزاق الساحلي(1941-2009) وعلي بن سالم (1910-2001) ونجيب بلخوجة(1933-2007)ورضا بالطيب(1939-1993)ورفيق الكامل. ومن العراق، ضياء الخزعي، وفخر محمد، وضياء عزاوي وحسن عبد علوان( 1945-2013) ورافع الانصاري(1940-2013)ومحمد موهرالدين(1938-2015). وينسجم "الملتقى" هنا بين المغرب والمشرق، وبين الرسم والشعر( أعمال ضياء عزاوي المستوحاة من أشعار إرادة الحياة لابي القاسم الشابي) وسبق لنزل صدر بعل ان شارك في السنة الماضية(2017)، وفي سنة 2001 في فعاليات هذا الصالون الذي عرض فيه نماذج اختارها الفنان والاستاذ الجامعي خليل قويعة من المجموعة النادرة التي بدا بجمعها السيد محمد العموري منذ سنة 1970 ويواصل ابنه رؤوف رعاية هذا الكنز الفني واثرائه. الصالون وجد صدى واسعا في باريس، والدليل على ذلك رغبات الشراء التي ابداها عديد الزوار، ولكن اللوحات المعروضة ليست للبيع! لان من أهداف مثل هذه المشاركات – في فلسفة القائمين على هذا المشروع- خدمة الثقافة الوطنية والتعريف بالتراث التشكيلي التونسي، وبفنادق صدر بعل ذاتها، التي مثلتها في هذه الدورة السيدة فيروز العموري.جاء في البلاغ الصحفي لهذا المعرض: "وبقدر ما يهدف هذا المعرض إلى التّعريف بالرّصيد الفنّي لروّاد الحركة الفنيّة في العالم العربي (تونسوالعراق بصفة خاصّة) وثرائها الجمالي… بقدر ما يعكس القيم التي تأسّست عليها مجموعة "صدر بعل" الفنيّة وخاصّة ما يتعلّق بخدمة رهانات السّياحة الثقافيّة، حيث يكون الإبداع الفنّي محلّ إشعاع ثقافي وعامل استقطاب سياحي، بما يجعل هذه الأعمال الفنيّة وجهة لشريحة مهمّة من السّياح والزّوّار، في إطار تصوّر فريد للنّزل- المتحف." فعلا تتوق هذه السلسلة من الفنادق الى تحويل نزلها الى متاحف فنية، نعم انت لا تسكن في نزل كلاسيكي وإنما في نزل- متحف أو متحف- نزل، وهذه مقاربة ذكية في العمل السياحي تاتي من القطاع الخاص ومن شانها ان تعطي صورة مغايرة عن تونس وصورة تليق بها، فتونس ليست فكرا منغلقا وتطرفا وارهابا كما تروج اطرافا لذلك، وهي لم تكن على مدى تاريخها الممتد في الزمن محافظة بل ثورية كما ذكر ذلك المفكر حمادي بن جاب الله، وهي ارض ابداع وتسامح وجمال وقيم وثقافي وفن، هذا عنوان تونس الذي نقله هذا الصالون الى باريس ومن هناك الى كل انحاء العالم. نزل صدر بعل هو النزل الوحيد في تونس الذي اشترى أكثر اعمال رواد الفن التشكيلي في تونس (بن سالم الساحلي السهيلي بلخوجة بالطيب….) وهم فصل مهم كما جاء في ادبيات تاريخ الحركة التشكيلية بتونس، وأعمالهم اليوم لا تقدر بثمن. هل فهم القطاع الخاص الدّرس؟لو اقدم 30-40-50 نزل على شراء لوحات الفنانين التونسيين، ألا ينتعش سوق الفن بتونس، ويتميز الفنانون التونسيون؟ لو بادرت شركات خاصة في اي قطاع برعاية Mécénat المبدعين في اي مجال، ألا تزدهر حركة الكتاب والنشر، والمسرح والتصوير الفوتغرافي، وخدمة التراث والاثار وثقافة العلم والتكنزلزجيا مفتاح التقدم..؟ ان بيع اي سلعة فلاحية او تجارية او صناعية أو خدمة هي عملية اقتصادية صرفة، ولكنها تحتاج في كل الاحوال الى صورة Image ثقافية، هكذا تقول أدبيات التسويق وتؤكد على ذلك، وهذا ما تقوم به فنادق صدربعل جلب السواح من بوابة الفن والجمال التي تزخر بها بلادنا من خلال رموزها الفنية المبدعة. رضا القلال