تمتد ولاية تطاوين على ربع مساحة الجمهورية التونسية ، ثرية بالموارد الطبيعية و المواد الانشائية و الثروات النفطية التي لا تزال غير مستغلة ، ومن اهم الموارد لطبيعية التي تزخر بها الجهة الجبس و الرمل . و يعتبر الجبس التونسي من اهم الاحتياطيات في العالم حيث ينتمي الى ثلاث عصور جيولوجية مختلفة و هي " الترياس" و " الجوراسي" و "الايوسين" و التي توجد بشمال و جنوب شرق البلاد التونسية، ويعتبر مكمن الجبس بجهة تطاوينبالجنوبالتونسي من أهم الاحتياطيات في العالم من حيث الحجم والنقاوة العالية التي يتميز بها الجبس والصالح لعدّة استعمالات منها الجص بأنواعه والجبس الطبي والدهن حيث يصل سمك طبقة الجبس إلى 450 م وتتجاوز نسبة الجبس بالخام 99 بالمائة. و لقد تم تصنيف مادة الجبس كمادةمنجمية طبقا لمجلة المناجم الصادرة بتاريخ 28 أفريل 2003 لغرض دعم استكشافها وترشيد استغلالها وتصنيعها في إطار تشريع منجمي جديد بعد أن كانت تستغل ضمن المواد الإنشائية كمواد مقطعية.وتبعا لذلك أصبحت مدة استغلال هذه المادة المعدنية تتماشى مع حجم المدخرات المكتشفة ويمكن بذلك تركيز مشاريع متكاملة لاستغلال الجبس وتصنيعه لمدة تصل إلى 30 سنة لتأمين تزويد المصنع بينما تحدد مدة الاستغلال بالقانون المقطعي لفترة تتراوح بين 5 و 10 سنوات. كما يؤمن القانون المنجمي نجاح هذه المشاريع بإعتبارأن المواد المنجمية هي ملك الدولة. ومنذ أن أصبحت مادة الجبس مصنفة "مناجم"، شهد هذا القطاع إقبالا غير مسبوق من طرف المستثمرين تزامن مع بعث المشاريع الكبرى بالبلاد. وتم منذ سنة 2005 إسناد ما يقارب 40 رخصة بحث منجمية انبثق عنها إلى حد الآن تأسيس 24 ترخيص استغلال. وتمكن قطاع الجبس من تحقيق تطور ملحوظ في الانتاج خلال السنوات الأخيرة مع تركيز مصنعين جديدين بجهة تطاوينبجنوب البلاد علاوة على مصنع سابق بولاية سيدي بوزيد بالوسط الغربي. فقد ارتفع عدد تراخيص لاستغلال الإنتاج من 6 الف طن ستة 2008 الى 24 الف طن سنة 2012 في حين ان عدد المصانع مر من 325 الى 350 سنة 2016 و تمكنت تونس سنة 2012 من تصدير 120 الف طن. اما الصعوبات التي يواجهها القطاع فهي بالأساس محدودية السوق المحلية بالنسبة لصناعة الإسمنت التي لا تتجاوز حاليا مستوى 300 ألف طن من الجبس الخام سنويا وامتلاك أغلب مصانع الإسمنت لمقاطع جبس لتزويد مشاريعهم، بالإضافة الى صعوبة اقتحام السوق الخارجية نظرا لعدم خبرة المستثمرين بهذا القطاع الجديد والتي تتطلب البحث عن شركاء أجانب جديّين لضمان التسويق، ومع تجاوز هذه الصعوبات تدريجيا ونظرا لتميز تونس بمدخرات هائلة من الجبس ذي النقاوة العالية وبموقعها الاستراتيجي الذي يمكنها من التصدير إلى بلدان إفريقيا الغربية التي لا تملك خامات الجبس وإلى بلدان أوروبا التي بدأت مدخراتها في التقلص مع صعوبة فتح مقاطع جديدة نظرا للقوانين البيئية الصارمة بهذه البلدان، فإنه من الضروري تشجيع و دعم هذا القطاع الواعد من حيث طاقة الإنتاج وتنويع المنتوج وتطوير التصدير حتى يكون مصدرا لدعم الاقتصاد الوطني . اما " الرمل " ، رمل السيليكا الذي يستعمل في العديد من المجالات الصناعية والتقنية والطبية، ففي مجال الإلكترونيات تصنع اللاقطات الشمسية (الخلايا الفوطوضوئية) والترانزستورات والألياف البصرية وغيرها من الأجهزة والمواد الصناعية التي ترتكز عليها التكنولوجيات المتقدمة من مادة السيليكون المستخلصة من رمل السيليكا. حيث تمتلك منطقة الدويرات من ولاية تطاوين الحظ الأوفر في هذه النسبة من رمال السيليكا أو رمال الكوارتز و هي صخور رملية بيضاء نقية تحتوي على نسبة عالية من السيليكا وهو ثاني أوكسيد السيليكون (SiO2)، إضافة إلى كمية قليلة من الشوائب والمعادن الثقيلة. و هو ثروة طبيعية لا تقل قيمة عن باقي الثروات التي يمكن استخراجها من الرمال وهيالسيليكا أو الرمل السيليسي (رمال الكوارتز)، التي تقفز قيمتها المادية بعد عملية تحويلها من مادة خام رخيصة الثمن إلى مستوى بعض الثروات الطبيعية كالفوسفاط، كما تستعمل كويرات السيليكا المجوفة التي يتراوح قطرها بين 360 و680 ميكرومترا في تنقية المياه الملوثة وتحفيز التفاعلات الكيميائية ويضاف للبوليمرات ليعطيها خصائص جديدة. وتعتبر السيليكا المجوفة التي يتم إعدادها صناعيا إحدى المواد الرئيسية المستعملة في صناعة النفط وذلك بضخها مع الماء لتصديع الطبقات الأرضية لاستخراج النفط والغاز. وفي المجال الطبي تستعمل السيليكا المجوفة في تقنية لحمل الأدوية داخل الجسم. إضافة إلى استعمالات أخرى. كلما زادت نسبة نقاوة رمل السيليكا زادت قيمته المادية وإن عمليات التنقية لا تكلف كثيرا ويمكن الوصول إلى نسبة نقاوة 98.5% بوسائل تقنية بسيطة ومتوفرة وهو ما يرفع من السعر العالمي لمتوسط الطن الواحد من الرمل من 7.7 دولارات بالنسبة لرمل السيليكا الخام إلى حوالي ستة أضعاف ليبلغ 56 دولارا للطن مقابل 90 دولارا هي ثمن الطن من الفوسفات. وتقفز أسعار السيليكا المجوفة التي يتم إعدادها صناعيا ليبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد مئات الدولارات. إن استغلال هذه الثروة في تونس ما زال في مستوى متدن مقارنة ببعض الدول الأخرى التي لا تتوفر فيها رمال السيليكا كما تتوفر في الوطن العربي كالولايات المتحدة التي تفوق إيراداتها من هذه المادة إيرادات قطاع الفوسفات رغم أنها الأولى عالميا في هذا المجال. وتعتبر مصر والسعودية أهم الدول العربية التي أقامت صناعة لتثمين رمل السيليكا وتصديره في حين بدأت الأردن والجزائر السير في هذا الاتجاه و فيإنتظار تونس التي تملك إحتياطيا ضخما من هذه الرمال التي تستعمل في قطاع البناء و تباع ببضع السنتيمات و هو ما يعتبر هدرا صارخا لها، السيليكا و الجبس من أهم ثرواتنا الطبيعية المهدورة وأن استعمالها في البناء هو بمثابة إتلاف للذهب. و لا سيما و أن تثمين هذه الثروة يمكن أن يكون إحدى ركائز قفزة صناعية في مجال الطاقات المتجددة لتونس في المستقبل إذا ما ربطناها بثروتين طبيعيتين مهملتين إلى حد ما هما الطاقة الشمسية ومادة الليثيوم التي يمكن استخراجها من السباخ. المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية