كثيرا ما نقرأ العناوين البراقة التي تعلن عن التغذية الواقية من السرطان (Cancer Prevention)، و إعلان آخر يقول تخلص من خطر السرطان في نصف دقيقة من وقتك تمضيه في الرياضة يومياُ … فهل من الصحيح أنك تستطيع أن تتخلص من خطر السرطان بهذه الإجراءات البسيطة اليومية؟ لا يوجد هناك ما هو سحري للوقاية من السرطان بحيث يجعلنا بعيداً عن أعينه . تلعب المورثات دور كبيراً في إحداث السرطان و بالتالي، مهما حاولت أن تعيش الحياة الصحية او تقيدت بكل التعليمات و التوصيات الطبية، لن تكون بمنأى تماماً عن خطر الإصابة به. إلا أن الخبراء يقدرون أن ما يقارب ثلث حالات السرطان التي تصيب البالغين ما كانت لتحدث لولا طبيعة و نمط الحياة الخاطئ التي يعيشونها و هم يعتقدون أن أي عادة صحية تكتسبها و أي عادة خاطئة تتخلص منها ستجعلك تبتعد عن خطر السرطان خطوة نحو الخلف و هذا بحد ذاته أمر طيب. و ما هذا المقال إلا بضعة نصائح وضعت لك لكي تجنبك بعض المخاطر التي قد تفضي الى السرطان عند بعض الأشخاص و إليك إياها: يقتل سرطان الرئة الأمريكيين (رجالاً و نساءً) بنسب أعلى من أي نوع آخر من السرطانات حيث يشكل 28% من إجمالي السرطانات التي تصيب البالغين في أمريكا أي أن هناك ما يقارب 160.000 مريض جديد بسرطان الرئة في كل عام (في الولاياتالمتحدةالأمريكية) ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن أغلب الوفيات ناجمة عن التدخين. هذا فقط فيما يخص سرطان الرئة. لكن التدخين يتعدى ذلك ليكون مسؤولاً أيضاً عن 30% من وفيات الأنواع الأخرى من السرطانات .. و لهذا السبب لن تستغرب أن يقول لك الأطباء إن العلاج الاساسي لأي سرطان هو التوقف عن التدخين – إن كنت مدخناً – و إن لم يكن بالإمكان التوقف بشكل كامل فلا أقل من التخفيف منه. بينت إحدى الدراسات التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية في العام 2010 أن الإقلال من التدخين من 20 سيجارة في اليوم الى 10 سجائر سيقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 27 % و هي خطوة لا بأس بها على الطريق الصحيح لكن لا بد من المثابرة حتى نصل الى الاقلاع التام عن التدخين. لا تحسبن نفسك بمنأى عن الدخان و مخاطره – حتى و لو لم تكن مدخناً … فقد بينت الدراسات أن 3.000 حالة سرطان جديدة ناتجة عن التدخين السلبي … فإذا فرضنا أنك موجود في مطعم أو نادي يضم مائة شخص و الهواء فيه محصور و التدخين مسموح فأنت بلا شك شريك حقيقي في التدخين – كما يعبر عن ذلك الدكتور (Mack Ruffin IV) من قسم طب الأسرة من جامعة متشغان (department of family medicine at the University of Michigan ) و المتخصص في الوقاية من السرطان حيث صرح بأن ثياب الشخص إن تشبعت برائحة الدخان فهذا يعني أن من يلبسها قد استنشق الدخان بشكل فعلي كما المدخنين. لذا فكر مرتين قبل أن تسهر في الأماكن المحصورة حيث يسمح فيها بالتدخين. و الأمر كذلك عند يدخن شخص ما في سيارة مغلقة. طول السيجارة يتناسب عكساً مع عمرك 2- إياك و زيادة الوزن: الكثير منا يعرف أن زيادة الوزن مضرة بصحة القلب … لكن القليل يعلم أنها من عوامل الخطورة الكبيرة المؤهبة للسرطان فالبدانة مسؤولة عن 14% من حالات الوفيات الناجمة عن السرطانات (بمختلف أنواعها) و هي مسؤولة عن 3% من حالات السرطان الجديدة في كل عام. و النصيحة الأهم في هذا الشأن أن يحافظ الإنسان على وزن مثالي ما أمكنه فهذا قد يمنع أو يقلل من حدوث السرطان و ذلك وفق ما صرحت به البروفسور أليس بندرAlice Bender رئيسة قسم التغذية في معهد ابحاث السرطان الأمريكي في العام 2007 نشر الباحثون مقالاً عن آلية تأثير الطعام و الغذاء و التمارين الرياضية في الوقاية من السرطان و كيف أن البدانة قد تكون مسؤولة عن حدوث سرطان المريء (esophageal) و البنكرياس (pancreatic)، و المرارة (gall bladder)، و البطانة الرحمية (endometrial)، و الكلية (kidney ) و سرطان الثدي (breast cancer). 3- تحرك: هل تعلم أن الحركة بكل أشكالها و كذلك التمارين الرياضية يمكن أن تقيك من الكثير من أنواع السرطان قد لا تحتاج الى الجهد العضلي الكيبر و لا إلى التمارين الرياضية العنيفة … لكن الرياضة يمكنها أن تقلل من خطر السرطان بنسبة 30 – 50% … هذا بالنسبة للرياضة لوحدها فماذا لو اقترنت مثلاً بترك التدخين و تخفيف الوزن: لا بد أن النتائج ستصبح أفضل . هذه الإجراءات بحد ذاتها و بغض النظر عن تقليل خطورة الإصابة بالسرطان ترفع من سوية و معدل الحياة التي يحياها الإنسان بشكل عام. 4- أكثر من تناول الأغذية النباتية: هناك العديد من الأغذية الجيدة التي تقلل من خطورة الإصابة بالسرطان مثل البندورة، البطيخ الأحمر، و غيرها ممن تحتوي غلى مادة الليوكوبن (lycopene ) … حيث تبين أن هذه المادة تقي من الإصابة بسرطان البروستات عند الرجال. و إذا ما كنت تطمح أن تقلل من خطورة السرطان بوجه عام، فما عليك إلا أن تنوع و تكثر من الأطعمة النباتية و الفواكه, و لا بد من التركيز على الأطعمة المتوسطية (الشرق أوسطية ) و التي كثيراً ما تكون غنية بالسلطات و الخضار المنوعة … و لكي يكون الطعام ذو فائدة واضحة في الوقاية من السرطان يجب أن تحوي ثلثي الوجبة على الخضار و الفواكه و الحبوب غير المقشورة و الثلث المتبقي على اللحم الخالي من الدهون و الأسماك و الدجاج. 5- أقلع عن شرب المسكرات: يعتبر الكحول – من الناحية الصحية – سلاحاً فتاكتاً يزيد من خطر الإصابة بالسرطان و هو بهذا يعتمد على الكمية المتناولة فكلما أكثر الشخص من الشرب كلما زادت خطورة الإصابة بالسرطان نا هيك عما يرافق جلسات الشرب من التدخين. 6- تخلص من الأزمات: كثيراً ما يود المرضى معرفة ما إذا كانت الشدة النفسية تسبب السرطان. في الحقيقة لا يوجد هماك دليل علمي أكيد على أن الشدة النفسية لوحدها تسبب السرطان، لكنها تجعل الناس تنخرط في تصرفات و عادات اجتماعية تودي بهم الى الوقوع في براثن السرطان كالإقدام على تعاطي الكحول و التدخين بشراهة و ما إلى ذلك. و لذلك ينصح الباحثون الى اللجوء الى التمارين الرياضية كوسيلة للتخلص من الشدة النفسية دون اللجوء الى التصرفات الضارة بالصحة. 7- أجرِ الفحوصات الاستقصائية باكراً ما أمكن: تهدف معظم الاختبارت المخبرية و الشعاعية المسحية الى الكشف المبكر عن السرطان مثل صورة الثدي (Mammography) و الكشف المخبري عن المستضد البروستاتي النوعي (PSA).. و لكنها في الحقيقة تكشف عن السرطان بعد حدوثه و ليس قبل ذلك .. و مع ذلك يمكن أن نعتبر ذلك أمراً جيداً . بالمقابل، هناك بعض الاختبارت يمكنها أن تنبئنا باقتراب السرطان مثل مسحة بابانيكولا من عنق الرحم (Pap smears )، و تنظير القولونات (colonoscopies) الذي يبين لنا التغيرات ما قبل السرطانية (precancerous changes ) و التي ستتحول – إن تركت دون تدبير – الى سرطان عنق الرحم أو سرطان القولون . هناك الكثير من الجدل حول توقيت عمل هذه الاختبارات و من هم الأشخاص الذين يجب عليهم عمل هذه الاختبارات و لذلك يفضل دائما استشارة طبيبك الخاص و طلب النصح منه لمعرفة ما إذا كانت تنطبق عليك ظروف التحاليل الاستقصائية أم لا. على سبيل المثال ، هل يجب على النساء اللاتي دون سن الخمسين أن يجرين صورة شعاعية للثدي ؟ الجواب نعم خاصة لأولئك اللاتي لديهن قصة عائلية مع سرطان الثدي. و مع يبقى من المهم جداً تقييم كل حالة فردية على حدة و استشارة الطبيب المتخصص في هذا المجال. 8- عمّق جذورك: ينصح الدكتور (Ruffin ) كل مرضاه بدراسة التاريخ الصحي لعائلاتهم بالتفصيل و ذلك للوقوف على مكامن عوامل الخطورة في كل عائلة و الكشف المبكر عن السرطان لديهم و هذا – من ناحية أخرى – مما يعمق ارتباط الاقرباء ببعضهم البعض و الشد من أزر بعضهم و التناصح فيما بينهم. 9- تناول الأسبرين: هل يجب تناول الأسبرين للوقاية من السرطان؟ حتى الآن لا يمكن التأكيد على ذلك.. و لكن هناك الكثير من الدراسات التي نشرت في العام 2010 و ما بعد أكدت أن التناول اليومي للأسبرين – بجرعات منخفضة – من شأنه أن يقلل من خطر الوفيات الناجمة عن بعض أنواع السرطانات ( بشكل أساسي سرطان الرئة، و القولون و المستقيم، و سرطان المريء) بحوالي 20% . .. حتى أن البعض يبالغ بالنتائج و يصرح بأن الأسبرين قد يكون في القريب العاجل أحد الأدوية المضادة للسرطان. يكن تجب الإشارة هنا أيضا الى التأثيرات الجانبية لتناول الأسبرين و التي منها تخريش مخاطية المعدة و نزيفها في بعض الأحيان . تجدر الإشارة في النهاية إلى أن كل الإجراءات السالفة الذكر لا تمنع حدوث السرطان لكنها تساهم الى حد ما في التقليل من خطر حدوثه . و لم لا إذا كان بإمكاننا أن نقلل الى حد ما من المعاناة من مرض السرطان.