ثمة رسائل تنهال على «أدمغتنا» من كل اتجاه: أزمات لا نفهم متى خرجت ومن أين انطلقت ولمصلحة من انتشرت في هذا الوقت بالذات لا ندري ما هو المقصود منها وتصريحات متناقضة وغير مفهومة نسمعها وندقق فيها لنستوعبها ولكن بلا جدوى.. وقصص مثيرة يتناقلها «رواة» من مختلف الطبقات تؤكد أن ثمة مياها تجري من تحت الأقدام دون أن ينتبه إليها احد . أسوأ ما يمكن أن نفعله في زمن «الحيرة» هذا هو أن نتفرج أو أن نتظاهر بأننا نفهم أو ننشغل بالتفاصيل على حساب القضايا الكبرى وما تضمره من أخطار ففي كل يوم نكتشف بأننا نخسر أكثر ونصطدم بالجدار أكث، ونضع الناس أمام طرق وعرة ونراهن على أوهام لم تعد تقنع أحدا لا نريد أن ندخل في تفاصيل قضية معلم مدرسة الحسنى الذي تحرش بتلميذاته في عطلة نصف الثلاثي الثاني خارج المدرسة و التي تابعنا فيه فصولاً مثيرة من التصريحات و القيل و القال إلى الإقالات من الوظائف العامة التي قوبلت ردود فعل متباينة على حوائط الفيسبوك حيث لوحظ بأن بها حالة من التسرع وعدم الدقة لدرجة أن البعض وصفها بتصفية حسابات والأغرب من ذلك أن أول المقالين المندوب الجهوي للتربية صفاقس 2 الذي تتحدث الإحصاءات الرسمية عن انجازاته وتأتي إقالتة قبل أشهر قليلة من أحالته على شرف المهنة بعد مسيرة طويلة وناجحة في حقل التربية لم يرتكب خلالها خطأ مهني و لا تجاوز صلاحيات تداول خلالها على عديد المسؤوليات الجسيمة باقتدار وكفاءة و ويليها و ليس آخرها إقالة مدير مدرسة الحسنى و مساعده . مالذي يحدث في مندوبية التربية صفاقس 2 ؟ هل أصبح المرفق العمومي لعبة بين أيدي أصحاب القرار ؟ و من هم أصحاب القرار الذين يقيلون و يعينون متى شاؤا و كيف ما شاؤا ؟ هل أن التدخل و التحكم في هذا المرفق أصبح صريحا و معلنا دون مراعاة أو احترام لأي قانون أو دستور ؟ إن ما أقدم عليه السيد وزير التربية من إعفاء من الخطة الوظيفية لمدير مدرسة الحسنى و مساعده هو تجاوز خطير للسلطة فإدارة المدارس تختلف عن بقية الخطط الوظيفية التي بإمكان وزير التربية إعفاء أي مسؤول مكلف باعتبار عملية التسمية من صميم صلاحياته و هو كما يعين يمكن له في أي لحظة سحب تلك الخطة أما بالنسبة للتعليم الأساسي فإدارة المدرسة لا يحصل عليها إلا من تناظر عليها في جداول تناظر شفافة لا يمكن إطلاقا لأي مترشح أن يحصل على خطة مستحق آخر و ذلك بضمان اللجنة الجهوية المتكونة من الإدارة و النقابة حيث يمضي كل طرف و يتحمل مسؤولية إمضائه و عملية الاعتراض مكفولة للجميع و من المستحيل أن تقع مظلمة في هذه الوضعيات ثم تمضى المحاضر بعد مدة من طرف لجنة وطنية و بعدها تصل التسميات لأصحابها . لئن سمح المشرع بعملية الإقالة في حالات استثنائية جدا كان يقترف مسؤول من هؤلاء خطأ فادحا يتطلب الأمر إقالة فورية تحفظية و ليست نهائية و هنا لا تنطبق الحالة إطلاقا فوزير التربية علل الإقالات بالتراخي و عدم التعامل مع قضية المعلم المتحرش و التي دارت أحداثها خارج المؤسسة التربوية و خلال عطلة نصف الثلاثي الثاني بالسرعة المطلوبة وهذا يحرم الموظف من الضمانات القانونية التي كفلها له قانون الوظيفة العمومية و هو مثوله أمام مجلس تأديب للاستماع إليه و تمكينه من الدفاع عن نفسه بمعية من يراه مناسبا للدفاع عنهما هكذا تورد الإبل.. ولا هكذا تعالج المشكلات.. ولا هكذا تدار الأزمات بمنطق المزيد من الأزمات علما إن تبعات قراره هذا ستؤدي إلي تعميق الأزمة و ربما إلى محطات نظالية سيخوصها رجال التربية و التعليم بصفاقس الغرببية بمعية نقابتهم الأساسية مندوب التربية و المدير و مساعد المدير حملو أوزار عمل لم يقوموا به و هذا مالا يستسيغه العقل بعد ثورة الكرامة و الحرية و من باب أولى و أحرى أن يقال وزير التربية الذي تعددت الكوارث و المصائب منذ إلحاقه بوزارة التربية فلا يمكن أن ننسى حرق المبيتات و موت تلميذتين في عمر الزهور و انتشار مرض البوسفير و حالات التسمم بالمطاعم المدرسية و فضيحة تسريبات الامتحانات و سقوط أسقف قاعات التدريس على المدرسين و التلاميذ و انتشار ظاهرة المخدرات بين التلاميذ إلى جانب العنف المسلط على المدرسين من قبل التلاميذ و أولياء الأمور إلى حالات التحرش و الاغتصاب و… علما أن وزير التربية في تفاعله مع قضية المعلم الذي اصطلح على وصفه بالوحش صرح بارتكاب 78 حالة تحرش و اغتصاب بكامل الجمهورية تزامنت مع القضية فهل سيقيل وزير التربية بقية المندوبين و مدراء مدارسهم و معاهدهم على غرار ما وقع في صفاقس 2 و بالتالي يساهم في أفراغ الوزارة من أطرها الأكفاء ؟ الاستقالة هنا واجب، والبعض لا يزال يمارى فى الحق والواجب، واجب الوزيركان منع هذا الذي حدث فالمسؤولية تستوجب الاستقالة في بلد مثل اليابان يستقيل وزير التعليم بعد تمزيق تلاميذ المدارس الكتب مع نهاية العام الدراسي، محملا نفسه مسؤولية عدم احترام التلاميذ الكتاب. لو احتذى مسؤلونا بهذا الوزير لكنا على موعد مع استقالة لوزير التربية.