كلما حلت بالبشر مصيبة من نوع جائحة الكرونا إلاّ وهرول بعضهم للظهور بمكتشف أو مخترع أو شاف أو عالم علم اليقين بما لم يعلمه باستور ولا ابن سينا في زمانه ولا حتى النباتي ابن البيطار، الذي اكتشف أكثر من ألف نبتة طبية جرّبها على نفسه قبل أن يدعها في مخطوطته. علما وأنّه مات بآخر نبتة تجرّعها. وتصلني يوميا عشرات المقاطع المسجلة وأكثر منها عددا من مكالمات هاتفية تسألني بإلحاح عن رأيي والبعض من أصحابها ينتهي باتهامي بأنّ أنا كذلك أخفي شيئا ولست له بذاكر للحقيقة العلمية. لذلك ارتأيت الإجابة عن كل هذا جملة وتفصيلا حسب علمي القاصر، اللهم أبقني في ضيق مكنتي واجعلني من المتواضعين. أولا: هل هذا المرض ينتقل من حيوان لآخر؟ يبدو غير مؤكّد بالمرة احتمال انتقال المرض هذا من الخفاش إلى البنغولا… لكني أؤكّد عدم تأكيد معهد باستور للأمر… ولو تأكّد ففي الأمر خطورة كبرى.. إذ ما الذي يمنع حينئذ من انتقاله من الخفاش إلى الطيور والدجاج الذي نأكل من لحمه كل يوم؟ ثانيا: هل يمكن اكتشاف الإصابة بمرض الكرونا دون أعراض؟ قلت في مقال سابق أن الذكاء الاصطناعي سوف يتمكّن ذات يوم من القيام بهذا التشخيص المبكّر وهو أمر يتطلّب دراسة سريعة للجينوم الفيروسي المسؤول عن المرض وإعمال تطبيقة معلوماتية تمكّن من الكشف المبكّر.. وحاليا هذا غير ممكن ولم تتوصل المخابر لهذا.. ثالثا: هل يمكن اكتشاف لقاح مبكّر أو دواء بصورة سريعة جدا… أي في الساعات التي تلي اكتشاف المرض؟ سوف يكون ذلك ممكنا إذا نحن آمنا بالعلم وسخرنا كلّ طاقاتنا للعلم وليس لتشييد القصور والمعابد بأنواعها. خاصة ونحن نضطر لغلقها أيام المحنة والطواعين لإمكانية تحوّلها لوكر لنقل المرض وليس الحماية منه.. وعلى كلّ بلد أن يحصي ما صرفه على قصوره ومعابده ومساجده ليتعرّف على ما قد فقده، وحرم منه شعبه من إمكانية البحث وتمكين العلماء من البحث ليسهموا بحق في الحضارة الإنسانية وتكون لهم كلمة اليوم أمام مصائبهم وليس انتظارهم خلاصا من وراء البحار، ومن إسرائيل، ومن بلاد الكفار… ليتذكر منا من قد يخلص من هذا الداء وتكون في عمره أيام بعد الكرونا. رابعا: هل هناك بحوث لأدوية مفيدة لداء الكرونا وهي تخفى على البشر؟ في تصوّري كل نقاط العالم، كل مخابر العالم، إذا استثنينا مخابر البلدان العربية، تبحث عن أنجع الأدوية لهذا المرض وغيره. قلت أستثني البلدان العربية لأنّها لا توفّر المال الكافي لاستيعاب علماء الكون بين جدرانها… وأستثني كذلك دولتين هما قطر والإمارات اللتان قد نفاجأ من إحداها بأمر ما… بحدث ما… باكتشاف ما.. وأضيف أن لا مصلحة لدولة ما إن تأكدت من نجاعة لقاح أو دواء أن تخفيه على باقي البشر لأنّ في الأمر ربحان: الأول معنوي والثاني مادي بحت. خامسا: هل إن الكلوروكين دواء فعال لمرض الكرونا؟ أن يسمح الرئيس ترمب باسعتمال هذه المادة في هذا المرض ليس معناه فعاليته المطلقة.. لقد قام بذلك حتى لا يؤاخذ أو يعاقب طبيب وصف مادة الكلوروكين في حالة الإصابة بالكرونا. وبما أن الشفاء من الكرونا يضاهي التسعين بالمائة دون دواء وفاعلية الكلوروكين لا تتجاوز نفس النسبة فإنّ وصفه يبقى اجتهادا من الطبيب أمام حالة مرض بالكرونا. سادسا: هل هناك غذاء خاص يقي من الكرونا أو يشفي منه؟ بصورة عامة الغذاء الصحي مفيد جدا على المدى الطويل يصلح لاكتساب مناعة أكبر تسمح بالتصدي للكرونا وغير الكرونا.. والفيتامينات مثل ال س Cوغيرها مفيدة كذلك،لكن على المدى الطويل. كما إنّ تناول المشروبات غير الغازية وغير الكحولية الدافئة مفيد جدا.. وبعد هذا، لا بدّ من التمسّك بإعمال العقل في أزمة تتطلّب كثيرا من الحكمة والعقلانية. لا بدّ من احترام الحجر الصحي لأنّ من أمر به قد درس كل المعطيات الصحية والاقتصادية ومردودها على البلاد حاضرا ومستقبلا. إذا استثنينا بعض السياسيين الموبوئين بداء الأنانية السياسية وداء الأنا المفرط والاتهام دون مبالاة. ومن يقرأ هذا إن قرأه يعلم أني أقصده… ولا بدّ من التبليغ بمن يفرض عليه الحجر الصحي ولا يقوم به، وعندما يقوم بذلك فهو قد قام بعمل مواطني حتى يحمي نفسه ويحمي غيره من نقل المرض ونشره عبر الزقاق. كما لا بدّ من التبليغ بمن يحتكر مؤونة الشعب، ففي التبليغ حماية لهذا الشعب المسكين: ولسائل أن يسأل ما دخل هذا بهذا؟ ذاك أن الراحة النفسية للمواطن مفتاح جيّد من مفاتيح مقاومة أيّ مرض… وحين لا يأمن المواطن قوته أو يهلع فهو يتعرّض للخوف ويتعرّض لعدم الأمان وتنقص لديه القدرة المناعية لمجابهة أيّ مرض يطرأ. الدكتور أحمد ذياب: أستاذ في الطب والأنثروبولوجيا