ألقت الأوضاع الأمنية والسياسية التي تعيشها ليبيا بظلالها على مختلف نواحي الحياة من تعليم وصحة واقتصاد وغيرها. ولعل القرب الجغرافي لتونس من ليبيا شجع العديد من الليبيين للسفر إليها، إذ لا تتطلب الرحلة بين طرابلس العاصمة ومدن الجنوب التونسي سوى ثلاث ساعات وأقل من ذلك بالنسبة لمدن الزاوية وزوارة وبعض مدن جبل نفوسة. يعبر، يوميا، آلاف الليبيين إلى تونس عبر المنفذين البريين رأس جدير وذهيبة وازن أو عبر المطارات.. آلاف الليبيين يزورون تونس للسياحة والعلاج والتجارة، غير أن "ليبيا المستقبل" رصدت شريحة أخرى أقل عددا وأكثر نخبوية خيرت الاستقرار في تونس، ولكن ليس للتجارة أو السياحة أو العلاج بل لتسجيل أبنائها بالمدارس التونسية. أثناء وجودنا بجزيرة جربة التقينا "أحمد" أصيل العاصمة طرابلس، ويقدم نفسه على أنه رجل أعمال في بلاده. يقول أحمد أنه قدم إلى تونس وأجّر منزلا بجزيرة جربة وسجّل ابنيه (الأولى والثالثة ابتدائي) بإحدى المدارس التونسية. وعند سؤالنا عن الأسباب التي دفعته إلى نقلة أبنائه إلى تونس لغرض التعليم، أفاد أن الأوضاع غير المستقرة في ليبيا أثرت سلبا على العملية التعليمية، التي تشكو نقائص أصلا، وأن غيابات المدرسين المتكررة وضعف المادة التعليمية المقدمة لا تشجع على المواصلة هناك، وأضاف أنه يجد مشقة كبيرة في الإحاطة بأبنائه في تونس وأعماله في ليبيا، حيث يتنقل إلى طرابلس، على الأقل، مرة في الأسبوع، غير أن مستقبل أبنائه يستحق التضحية حسب تعبيره.. أفادنا أحمد أن مئات الطلبة الليبيين مسجلين في المدارس التونسية الحكومية والخاصة في مدن الجنوب التونسي وصفاقس والساحل والعاصمة. في مدينة مدنين التقينا "عبد السلام" أصيل مدينة الزاوية استقر هو الآخر في تونس من أجل دراسة أبنائه.. يؤكد عبد السلام أن أبناءه انسجموا في العملية التعليمية التونسية منذ سنتين واستطاعوا تحصيل نتائج دراسية جيدة، وهو الأمر الذي شجعه على المواصلة.. يعاني عبد السلام، على غرار أحمد، من صعوبة التوفيق بين مشاغله في ليبيا ودراسة أبنائه في تونس. توجهنا إلى مصدر مسؤول بوزارة التربية التونسية لسؤاله عن وضع الطلبة الليبيين بالمدارس التونسية، فأفادنا أن الطالب الليبي يعامل معاملة الطالب التونسي حقوقا وواجبات، وأضاف أن وزارته تطبق نفس المناهج والتراتيب والأنظمة التعليمية بغض النظر عن جنسية الطالب.