تمثّل منطقة أو عمادة القراطن الناحية الشرقية لمعتمديّة قرقنة وربما تعكس تسمية القراطن (جمع قرطين وحي مصطلح يعني دخول البحر في اليابسة) وضعها كقرية ساحليّة شواطئها كثيرة التعاريج بفعل الانجراف البحري الذي يأكل سنويّا مساحات من اليابسة… هذه القرية لم تشهد منذ الاستقلال قيام أي مشروع تنموي يُذكر باستثناء ميناء للصيد البحري أتى استجابة لضرورة قصوى حيث تعيش الأغلبيّة القصوى من الأهالي على الصيد البحري الساحلي الذي يعتمد على الوسائل التقليديّة للصيد البحري ليس لعجز عن توفير واستعمال العصري منها وإنّما وعيا منهم بدور تلك الوسائل التقليديّة في الحفاظ على الثروة السمكيّة والبحريّة عموما رغم محدوديّة دخلها أحيانا، ولعل هذا الوعي هو الذي جعلهم في حال انتفاضة مستمرّة ضدّ الصيد بالكيس (الكركارة الساحلية). … هذه البلدة تجد اليوم نفسها مرّة أخرى عرضة لمظلمة بشريّة صارخة حيث تمّ اقرار مشروع تعاون وشراكة تونسي ألماني لحماية شواطئ قرقنة من زحف البحر الذي أصبح يهاجم اليابسة خاصّة أمام انخفاض مستوى الجزيرة الذي يكاد يتساوى مع مستوى سطح البحر وهو تهديد يهم كامل أرخبيل قرقنة، إلاّ أنّ الصيغة التنفيذيّة للمشروع استثنت شواطئ منطقة القراطن من الاستفادة من هذا المشروع الذي تمّ إقرار الانطلاق في تنفيذه اثر زيارة السفير الألماني لقرقنة في نوفمبر 2013. ويحمّل أهالي القراطن مسؤوليّة هذا الإهمال والانحياز لمناطق أخرى تبدو أقل استهدافا من الزحف البحري إلى وكالة حماية وتهيئة الشواطئ وهو ما أثار غضب الأهالي ورفع وتيرة احتجاجاتهم. وبالاتصال بالسيد علي سويسي رئيس جمعيّة القراطن للتنمية المستدامة والثقافة والترفيه وهي الجمعية المدنيّة الأكثر نشاطا وتمثيليّة بالمنطقة أفاد بأنّه اثر ما تعرّضت له منطقة القراطن من تجاهل وإقصاء من مشروع حماية السواحل قامت الجمعيّة بتأطير عملية إمضاء الأهالي في عرائض تمّ إرسالها إلى وزارة التجهيز عن طريق السيد معتمد قرقنة بتاريخ 7ماي 2014، لكن الأهالي فوجئوا مرّة أخرى بإصرار القائمين على هذا المشروع على تجاهل مطلب الأهالي بادراج بلدتهم ضمن هذا المشروع رغم أنها الأكثر تهديدا. وأمام إصرار الأهالي واحتجاجهم أعلنت الوزارة تخصيص مبلغ مالي لانجاز مشروع بالبلدة لكن ذلك الوعد اعتبره الأهالي جزءا من سياسة المماطلة والتسويف التي دأبوا عليها منذ العهد البائد. … الوزارة أكّدت أن أمر المشروع جدّي وقائم فعلا وسيتم إعلانه رسميا خلال هذا الأسبوع، والأهالي يصرّون على أنهم لن يصدّقوا حتّى يروا المشروع يتجسّد واقعا على الأرض