ها قد جاءكم رمضان.. شهر القرآن والتوبة والإنابة.. لنجعل منه منطلقاً لتوبة نصوح خالصة مع الله، علها تزيل ذنوبنا، وتمحو خطايانا، وسيئاتنا.. لما سلسل الشيطان في شهر رمضان وخمدت نيران الشهوات بالصيام، انعزل سلطان الهوى، وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل، فلم يبق للعاصي عذر. يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي… يا شموس التقوى والإيمان اطلعي… يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي… يا قلوب الصائمين اخشعي… يا أقدام المجتهدين اسجدي لربك واركعي… يا عيون المجتهدين لا تهجعي… ويا سماء النفوس أقلعي… يا بروق الأشواق للعشاق المعي… يا خواطر العارفين ارتعي… يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي… لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار، ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها: { يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: 88] لبرز لهم التوقيع عليها: {قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 92] إن من لم يتب في ر مضان، فمتى سيتوب؟! من لم يعد إلى الله تعالى في رمضان، فمتى سيعود؟! من لم يحافظ على الصلوات والواجبات في رمضان، فمتى؟! من لم يقلع عن المعاصي والآثام في رمضان، فمتى إذاً؟!