إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء: وبعد متابعته للتداعيات المترتبة عن تقديم وزير العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية السيد حافظ بن صالح لاستقالته الى رئيس الحكومة السيد مهدي جمعه بتاريخ 14 جويلية 2014 وبعد اطلاعه خصوصا على البلاغ الصادر عن مكتب الاعلام بالوزارة المذكورة بتاريخ 15 جويلية 2014 وما ورد به من إشارة الى "بعض الصعوبات في التعاطي مع عدد من الملفات التي تهم مرفق العدالة والتي كانت محل محادثة وحوار بين الوزير والسيد رئيس الحكومة أفضى إلى إيجاد أرضية مناسبة لتذليل هذه الصعوبات". وبعد وقوفه على معطيات مؤكدة تفيد أن دوافع الاستقالة الصادرة عن الوزير تتعلق بإصراره على التمديد في مدّة المباشرة لبعض القضاة من أصحاب الوظائف القضائية العليا رغم بلوغهم السن القانونية للتقاعد وتمسك الوزير بأن طلبات التمديد لهؤلاء قد وردت قبل قرار رئيس الحكومة بإلغاء التمديد في سن التقاعد لموظفي الدولة وأعوانها مهما كانت رتبهم وبعد وقوفه على فحوى القرار الصادر بهذا الشأن عن رئيس الحكومة بتاريخ 03 جويلية 2014 "بهدف فسح المجال أمام الكفاءات للارتقاء في السلم الوظيفي والتمتع بالامتيازات التي تخولها الرتب الوظيفية" (صحيفة الشروق التونسية – 04 جويلية 2014). وإذ يذكر بالموقف الصادر عن الهيئة المديرة للمرصد بتاريخ 01 نوفمبر 2012 على إثر ابقاء الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس السيد عبد القادر البهلول بحالة مباشرة لمدة سنة بدابة من 01 ديسمبر 2012 وخصوصا دعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي والحكومة الى العمل على الغاء امكانية التمديد لأعضاء السلطة القضائية في انتظار اعادة النظر في نظام التقاعد عند مراجعة القوانين الاساسية للقضاة وإذ يلاحظ تمادي الحكومة بعد ذلك على التمديد لبعض القضاة بصفة انتقائية من ذلك صدور أمرين عن رئيس الحكومة السيد علي العريض بتاريخ 07 نوفمبر 2013 تحت عدد4487 وعدد 4488 يتعلقان بالتمديد للسيد عبد القادر البهلول لسنة اضافية بداية من 01 ديسمبر 2013 وإبقاء السيدة نجيبة الرويسي القاضي من الرتبة الثالثة بحالة مباشرة لمدة سنة ابتداء من 01 مارس 2014 (الرئد الرسمي عدد 70 بتاريخ 12 نوفمبر 2013). أولا- يورد ما بلغ الى علمه من أن وزير العدل الحالي السيد حافظ بن صالح قد سبق له أن طلب من الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إبداء رأيها – بصفة غير رسمية- في امكانية التمديد لبعض القضاة بعد سن التقاعد وقد تم إبلاغ الوزير – بعد تداول أعضاء الهيئة في الموضوع – بالرفض المبدئي لذلك الإجراء رغم أن بعضهم معنيون به مع اقتراح مشروع بديل في صيغة قانون ينصّ على الترفيع في سن التقاعد بالنسبة الى القضاة الى 65 سنة على غرار الاساتذة الجامعيين والأطباء. غير أن الصعوبات المرتبطة بمناقشة المشروع من قبل المجلس الوطني التأسيسي قد دفعت الوزير الى طرح موضوع التمديد مرة ثانية على الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي ابلغته بنفس موقفها السابق. ويشار الى ان الهيئة الوقتية لم تعلن بعد اتخاذ ذلك الموقف عن أسباب رفضها واكتفى الناطق الرسمي باسمها بالاشارة الى ذلك في حديث صحفي عن الحركة القضائية تضمّن أن هيئة القضاء العدلي قد عقدت "جلسة عامة في وقت سابق بخصوص مسألة التمديد وقررت رفض العمل بهذه الآلية أي التمديد للقضاة بعد السن القانونية والذي يهدف أيضا الى فتح الآفاق أمام القضاة وأن عملية تسوية مسالة التمديد لا يمكن أن تكون إلا في نطاق مشروع قانون يكون للهيئة دور فيه وبمعية بقية الأطراف المعنية" (صحيفة المغرب – 14 جوان 2014). ثانيا- يؤكد أن وزير العدل قد تجاوز رأي الهيئة الوقتية والموقف المعلن لجمعية القضاة التونسيين – وهي الهيكل الممثل لهم – وتولى بمعزل عن ذلك اقتراح قائمة محدودة لبعض القضاة تضم بين خمسة الى سبعة من أصحاب الوظائف العليا من بين الطلبات المتعددة المقدمة له وقد تم اعداد مشاريع الأوامر الخاصة بهؤلاء وإحالتها على رئاسة الحكومة. ثالثا- يعتبر أن اصرار وزير العدل الحالي على استعمال آلية التمديد المرتبطة بالنظام القضائي السابق يستهدف المحافظة دون مبرر على امتيازات السلطة السياسية والمساس باستقلال القضاء. رابعا- يتمسك – طبقا لموقفه السابق- بان التمديد بحكم صدوره بصفة انفرادية عن السلطة السياسية وبناء على اختيارها يؤدي بالضرورة الى التمييز بين القضاة وامتياز بعضهم طبقا معايير الولاء والتبعية زيادة على ما يترتب عن ذلك من اهتزاز الثقة في المؤسسة القضائية. خامسا- ينبه الى خطورة التمادي على استعمال التمديد بغرض تطويع القضاة وفتح الباب للامتيازات وانتهاز الفرص والاستغلال السياسي فيما يتناقض مع حياد القضاء واستقلاله. كما يعبر عن خشيته من أن تكون صيغة التفاهم بين رئيس الحكومة ووزير العدل قد أدت الى الاتفاق على إبقاء بعض القضاة في حالة مباشرة بعد سن التقاعد. سادسا- يدعو الحكومة الى توفير الضمانات اللازمة لممارسة الوظيفة القضائية وتطبيق القرار المتعلق بإلغاء التمديد في سن التقاعد على جميع القضاة دون استثناء. عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء