عرض وزير العدل على الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي استشارة بخصوص إصدار أمر جماعي من رئيس الحكومة،يقضي باستبقاء كل من يرغب من القضاة من الصنف العدلي في مواصلة العمل بعد سن التقاعد بالتمديد له لسنة طبق الإجراءات المضبوطة بقانون الوظيفة العمومية وحصول الموافقة من هيئة القضاء العدلي. وفي هذا الإطار أكدت جمعية القضاة التونسيين على أن آلية التمديد أثارت باستمرار ردود أفعال رافضة من أغلب القضاة، لمساسها باستقلال القضاء، باعتبارها تفتح الباب أمام الولاءات للسلطة التنفيذية، كما أكدت على أن تلك الآلية أصبحت اليوم تتعارض مع الخيارات التأسيسية صلب الدستور الجديد الذي أكدت توطئته على مبدإ استقلالية السلطة القضائية وعلى ضمان الدولة لتلك الاستقلالية . وأبدت جمعية القضاة شديد استغرابها من عدم استشارة الهياكل الممثلة للقضاة في مثل هذا الاجراء، خصوصا بعد توقف العمل به بقرار اتخذه رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة في جويلية 2014 . كما اعتبر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة، أن موافقة هيئة القضاء العدلي على إجراء التمديد الجماعي يشكل تراجعا لافتا ومثيرا للانشغال عن مسار الاصلاح القضائي، الذي يقتضي، حسب ما أكده أعضاؤه، تحييد القرارات المتصلة بالمسارات المهنية للقضاة عن أي تدخل من السلطة التنفيذية . انسداد الأفق كما أقرت جمعية القضاة التونسيين أن هذا الاجراء الجماعي غير مبرر، مؤكدة على أن عدد قضاة الرتبة الثالثة في القضاء العدلي يناهز 983 قاض مقابل 488 قاض من الرتبة الثانية و 764 قاض من الرتبة الأولى بما يؤكد أن الرتبة الثالثة لا تشكو أبدا من شغورات أو نقص في عدد القضاة يمكن أن يبرر الالتجاء إلى التمديد، منبهة إلى أن هذه الآلية ستتسبب حتما في وضعية انسداد آفاق الترقية المشروعة أمام قضاة الرتبة الثالثة، كما سيحرم طاقات وكفاءات جديدة من قضاة الرتبة المذكورة من الطموح للاضطلاع بالمسؤوليات القضائية العليا. ونبهت الجمعية إلى أن ما تم تقديمه من مبررات لتمرير هذا الاجراء الجماعي لا يلغي أبدا شبهة تدخل السلطة التنفيذية في الدفع لاستبقاء بعض القضاة في بعض الخطط القضائية العليا والحساسة بالمحاكم وتثبيتهم بها واستبعاد اخضاعهم لمعايير التقييم والكفاءة مثل سائر القضاة. وطالبت الجمعية هيئة القضاء العدلي بمراجعة موقفها من مسألة التمديد للقضاة بعد بلوغ سن التقاعد لمخالفتها للمعايير الدولية لاستقلال القضاء ولتداعياتها المضرة بمسار الاصلاح القضائي واستقلال القضاء في هذه المرحلة الانتقالية، داعية وزارة العدل إلى ايقاف اجراءات استبقاء بعض القضاة بحالة مباشرة بعد سن التقاعد، ورئاسة الحكومة إلى عدم إصدار أوامر التمديد لبعض القضاة بعد سن التقاعد لما يمثله من تهديد لاستقلال القضاء والقضاة ولمخالفة مثل ذلك الاجراء لتعهده السابق في لقائه بأعضاء المكتب التنفيذي بتاريخ 25/02/2015 بمواصلة التمشي المعتمد من الحكومة السابقة بإلغاء التمديد في سن التقاعد .