تتالت العمليات الإرهابية الغادرة التي أدّت إلى استشهاد وجرح العديد من الجنود والأمنيين حماة الوطن وأصبحت تهدد المسار الإنتخابي والمرحلة الإنتقالية بأكملها بل حتى مستقبل البلاد. إنّ وراء بروز تلك الظاهرة وانتشارها عوامل عدّة أوّلها سياسية تمثلت في تساهل الحكومات المتتالية منذ الثورة مع الدعوات التكفيرية الصادرة من الداخل والخارج وأعمال العنف التي مارستها الأطراف المتشددة دينيا في الشارع وداخل المؤسسات التربوية والثقافية وداخل المساجد. أمّا العوامل الثانية فهي اجتماعية تمثلت أساسا في توسّع رقعة الفقر وازدياد نسبة البطالة وتدهور الطاقة الشرائية وارتفاع الأسعار وانتشار ظاهرة التهريب وخاصة في ميدان الأسلحة وهي كذلك دينية تمثلت في سيطرة الأطراف المتشددة على عديد المساجد وجعلها منابر لبثّ الكراهية وإطلاق التهديدات بالعنف والقتل وهي تربوية تعليمية تمثلت في تأطير بعض محاضن الأطفال ودور الثقافة ودور الشباب من قبل مجموعات متشددة دينيا حاولت بثّ أفكارها حتى داخل المدارس والمعاهد وكذلك ضلوع بعض الجمعيات (الخيرية) في تأطير الشباب وتمويل الإرهاب. ولمكافحة خطر الإرهاب المرتبط ارتباطا وثيقا بالأحداث الإقليمية والدولية تعالت الأصوات المطالبة بتنقيح القانون ع78دد لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال. كما اتخذت الحكومة عدّة قرارات تمثلت في غلق بعض المساجد غير المرخص فيها وغلق محطة إذاعية ومحطة تلفزية. إنّ الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان انطلاقا من مرجعيتها الكونية وميثاقها : 1- تسجّل بكل وضوح بأنّ الإستبداد هو الذي زرع بذور الإرهاب وبأن الحرية والديمقراطية يمثلان أقوى سلاح لآجتثاث جذوره. 2- تؤكد على ضرورة الإسراع بالمصادقة على قانون مكافحة الإرهاب وذلك بتحقيق المعادلة اللازمة بين النجاعة في التصدي للإرهاب واحترام حقوق الإنسان ومبادئ المحاكمة العادلة ولا يمكن تحقيق تلك المعادلة إلا ب : أ- التركيز على الجانب الوقائي وذلك بتحييد المساجد والإدارة عن الدعاية السياسية والحزبية وحماية المحاضن والمعاهد والمدارس ودور الشباب والثقافة من الإرهاب فكرا وممارسة. ب- التعريف الدقيق لمفهوم الإرهاب وللجريمة الإرهابية وتخليص القانون من المفاهيم الغامضة والفضفاضة التي استعملها النظام البائد لتصفية الخصوم السياسيين ولمحاكمة النوايا. ت- تعريف المحاولة والمشاركة في الجريمة الإرهابية تعريفا دقيقا حتى لا يقع التوسيع في الجريمة الإرهابية لتشمل قضايا حقّ عام ج- احترام مبادئ المحاكمة العادلة والمتمثلة أساسا في التواجهية في الأبحاث والعلنية في المحاكمة واحترام حقوق الدفاع في كامل مراحل البحث والتحقيق حتى لا يظلم بريء ولا يبرّؤ مذنب د- إحترام الدستور والمواثيق والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة حتى تتعاون الدول الديمقراطية مع بلادنا في تنفيذ بطاقات الجلب التي قد تصدر ضدّ المورطين في قضايا الإرهاب والمتواجدين خارج الوطن. 3- تعتبر أنّ السلطة قد تساهلت في تعيين أئمّة تكفيريّين في عديد المساجد بدعوى أنهم متحصلون على الشهادات الجامعية المطلوبة وإنّه من الضروري مراجعة هذه التعيينات وضمانا لحياد المساجد. 4- تعتبر كذلك أنّ الإجراءات الحكومية الأخيرة المتعلقة بالمساجد وإن اتسمت بطابعها الوقتي فإنه من الضروري أن تكون متناسقة مع الدستور والقانون فالفصل 6 من الدستور نصّ بأنّ الدولة راعية للدين كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي كما تلتزم الدولة بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف بالتصدّي لها. إنّ هذا الفصل لا يبيح غلق المساجد وإنّما ضمان حيادها ومنع دعوات التكفير صلبها ولما كانت المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة كثيرة ومظاهر التكفير والتهديد والعنف تمارس في عديد المساجد فإنه كان أولى وأحرى تطبيق قانون المساجد في انتظار تنقيحه حتى يكون أكثر نجاعة في التصدي لكلّ مظاهر العنف والإرهاب قولا وممارسة فالفصل العاشر من القانون ع34دد لسنة 1988 المتعلق بالمساجد نصّ على عقوبات زجرية ضدّ كل من سيطر على مسجد أو قام بنشاط خارج إطار القانون وما على النيابة العمومية إلاّ تحريك الدعوى ضدّ كلّ الهيئات المسيرة للمساجد الخارجة عن القانون. 5- تؤكد أنّ قرارات غلق المحطات الإذاعية والتلفزية هي من اقتراح الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري ورأيها ملتزم في هذا الباب 6- تطالب بتطبيق القانون ضدّ الجمعيات التي لها علاقة بأي مظهر من مظاهر الإرهاب أو تدعو إليه أو تموّله. 7- تطالب فورا بتنقيح القوانين وجعلها متطابقة مع الدستور وخاصة مجلة الإجراءات الجزائية وبالأخص حضور المحامي مع المتهم أمام باحث البداية ومنذ الإحتفاظ كما تطالب بإحداث كلّ الهيئات الدستورية. عن الهيئة المديرة الرئيس