كلما رأيت ما يحدث من حولنا من تناحر واقتتال ودمار في العديد من أقطار العالم العربي تحت تسميات مختلفة وأحيانا بشكل يستعصي عن كل فهم ويتجاوز قدراتنا البشرية على الدراسة والتحليل… أحمد الله على ما يعيشه وطننا رغم كل التحديات والصعوبات التي لا يمكن مقارنتها بما يعيشه غيرنا من أهوال ومصائب(نسأل الله أن يفرج كربتهم)… ولكن وانطلاقا من خوفنا على بلادنا الذي مازال يسكننا بسبب ضبابية المشهد السياسي والاقتصادي الذي نعيشه وكثرة الإشاعات … وهشاشة الوضع الأمني … فإننا لا يمكن أن مطمئن كل الاطمئنان لما يحدث ولازلنا نشعر أننا لم نبلغ بعد شاطئ الأمان … الجميع يدرك أن العديد من المخاطر لا زالت تتربص بنا … وإن الوضع في بلادنا يتميز بالهشاشة … لكننا لا يمكن أن ننكر أننا نسير بثبات نحو تحقيق الركائز الأساسية لدولة مستقرة وقابلة للمضي قدما نحو ما هو أفضل… صحيح أن البعض لا يعجبه ذلك ويحاول أن يعرقل هذه التجربة الفريدة من نوعها في المنطقة… ففي نجاحها – أي التجربة التونسية- رسائل قوية لشعوب المنطقة بأن النجاح ليس مستحيلا على هذه الشعوب وأننا لسنا أقل كفاءة ولا تحضرا من الآخرين … لكننا لا ننكر أيضا ووجود من يعمل على مساعدتنا وعلى دعمنا من أجل أن نتجاوز هذه المرحلة الانتقالية بثبات وأن نضع قدمنا الأولى على الطريق الصحيح… المطلوب منا اليوم أن لا نُفْرط في تفاؤلنا ..كما أننا لا يجب أن نغرق في مخاوفنا … علينا أن نؤمن بأنفسنا كشعب لا ينقصه شيء من أجل تحقيق النجاح…رغم اختلافاتنا وخلافاتنا يجب أن نتشبث جميعا بأسباب النجاح وأن ننبذ كل ما يمكن أن يؤدي بنا إلى التناحر واستعمال القوة… إن قوتنا في نزوعنا جميعا إلى السلم وإلى الحوار سبيلا واحدا لحل خلافاتنا مهما بدت لنا معقدة ومستعصية فلا وجود لمستحيل مع إرادة صادقة وعزيمة لا تلين … كل المؤشرات تدل على أننا سننتقل قريبا من الوضع الانتقالي إلى الوضع الدائم … وأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستبوح بأسرارها… ومهما كانت النتائج فإنه علينا القبول بها واحترام إرادة الشعب وإن كانت لا تعكس تصوراتنا وميولاتنا الشخصية …وعلينا الالتفات حول الوطن للعمل والبناء… لكن مع الحرص على دعم الوعي وتقوية المجتمع المدني وعدم التفريط فيما حققناه من مكاسب خاصة على مستوى الحريات … أخيرا أقول ..إنه لا وجود لسيد دون وجود إنسان يقبل بذل العبودية… وإنه لا وجود لسلطة متجبرة ودكتاتورية دون وجود شعب خانع وقابل للظلم… لذلك فإنه علينا ومهما كانت كفاءة ومصداقية ونزاهة الحكومة القادمة ( أو العكس من ذلك لا قدر الله) أن نكون لها بالمرصاد وأن يكثف المجتمع من فعالياته ورقابته حتى تعلم السلطة أنها ليست مطلقة اليد وأنها ليست حرة في كل ما تفعله وأنها لن تستطيع أن تتجاوز حدودها لأن هناك شعبا واعيا ونظما يقف لها بالمرصاد…