نظّم المرصد التونسي لاستقلال القضاء بالتعاون مع فرع سوسة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وبمساعدة منظمة هانس سايدل المغرب العربي ندوة علمية بأحد النزل بمدينة سوسة حول "الانتخابات والانتقال الديمقراطي" بمشاركة أساسية من الأساتذة الجامعيين بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة والفاعلين في المنظومة القضائية من قضاة ومساعدي قضاء ونشطاء بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعدد من مكونات المجتمع المدني والشخصيات السياسية. ويأتي انعقاد هذه الندوة في سياق الحملة الانتخابية والتحضيرات السابقة لتنظيم الانتخابات التشريعية يوم 26 أكتوبر 2014 وانتظارا لأوّل انتخابات رئاسية تعددية ومباشرة اضافة لما تكتسيه هذه الانتخابات من أهمية في مسار الانتقال الديمقراطي باعتبارها أول انتخابات بعد صدور دستور 27 جانفي 2014. وقد تمّ على امتداد حصّتين تقديم ثماني مداخلات طبق برنامج الندوة توزّعت على اربعة محاور كالآتي: 1- الادارة الانتخابية بما يشمل مسألة الانتخاب في نظريات علم الانتقال واستقلالية الادارة الانتخابية 2- الانتخاب والمجتمع المدني وما يتضمنه من تعرض للمسائل المتصلة بالناخب والمواطنة وبدور الجمعيات في العملية الانتخابية 3- المنافسة الانتخابية وهو ما يشمل شروط الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية وكذلك الحملة الانتخابية 4- الرقابة على الانتخابات وقد تعلق الأمر بالرقابة القضائية وغير القضائية وفي ضوء ما تمّ عرضه من مداخلات وما أثير من نقاشات وما قدّم من اقتراحات وتعقيبات أوصى المشاركون بما يأتي: أوّلا- في الإدارة الانتخابية – أكّد المشاركون على: 1- الحرص على سلامة المسار الانتقالي وتجنيبه المخاطر والتهديدات التي تستهدفه كالتأخير في تطبيق مقتضيات العدالة الانتقالية وإعادة انتاج النظام السابق. 2- الحرص من جانب الأطياف السياسية والمتدخلين في العملية الانتخابية على التعامل مع الانتخابات من خلال مقاربة "علم الانتقال" وذلك باعتبار ما يشهده المجتمع التونسي من تحولات عميقة والتخلّي عن معايير التعامل المرتبطة بالديمقراطيات العريقة. 3- التركيز على أولويات الانتقال الديمقراطي واعتبار الانتخابات تتويجا لمجهودات أكثر أهمية من "العملية الانتخابية" نفسها كبناء المؤسسات وتدعيم العامل الثقافي وذلك بالعمل على بناء التوافق المجتمعي للحدّ من الصراعات التي تؤثر على المسار الانتقالي وإنجاح العملية الانتخابية. 4- ضرورة تجاوز الثغرات التي تضمنها القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وذلك في اتجاه تدعيم استقلاليتها والصلاحيات المسندة لها واستبعاد خضوعها للمحاصصة الحزبية من ذلك تعديل الفصل 22 من القانون المذكور وإلزام الادارة العمومية بتوفير الامكانيات اللازمة للهيئة دون اقتصار الأمر على ما تنصّ عليه الصيغة الحالية للفصل من أنّ "كل الإدارات العمومية مطالبة في حدود الإمكان بأن تضع على ذمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات جميع الوسائل المادية والبشرية…". 5- ضرورة احترام مقتضيات النزاهة والشفافية والحياد في اختيار أعضاء الهيئات الفرعية للانتخابات اضافة الى ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين. 6- تحيين قاعدة البيانات المعتمدة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتسجيل الناخبين. 7- تبسيط اجراءات التسجيل بالقائمات الانتخابية كاعتماد التسجيل الالكتروني وايجاد حلول لتفادي تنقل الناخبين بين الولايات للانتخاب بالمكاتب المسجلين بها. ثانيا- في الانتخاب والمجتمع المدني – وقد أوصى المشاركون بما يلي: 1- تفعيل دور المجتمع المدني في المسار الانتقالي وعدم الاقتصار على ملاحظة الاخلالات الانتخابية أو كشفها وتوسيع امكانات التقاضي المكفولة لمكونات المجتمع المدني والإقرار له صراحة بصفة القيام بالطعن في العملية الانتخابية. 2- ضرورة أن يعمل المجتمع المدني في هذا الشأن على اشاعة واحترام المعايير المستمدّة من القرارات والمواثيق الدولية وتكريس ثقافة حقوق الانسان في المسار الانتخابي. 3- الحرص من جانب المجتمع المدني والأحزاب السياسية على تبسيط المعلومات المتعلقة بالنظام الانتخابي وتقريبها للمواطن العادي وتدقيق المصطلحات المستعملة في هذا المجال من ذلك توضيح نظام الاقتراع والإجراءات المرتبطة به اضافة الى دعم الجهود بهدف التوعية بضرورة الانتخاب واعتباره مسؤولية تجاه الوطن. 4- الدفع في اتجاه الاستقلال الفعلي للإعلام وعدم خضوعه للتجاذبات الحزبية والحد من التأثيرات السلبية التي يمكن أن يلعبها مع التأكيد في هذا المجال على دور هيئة الاتصال السمعي البصري المحدثة بمقتضى الدستور الجديد والتي تتولى كهيئة دستورية تعديل هذا القطاع وتطويره والسهر على ضمان حرية التعبير والإعلام وضمان اعلام تعددي نزيه (الفصل 127 من الدستور). 5- ضرورة الاهتمام بمسألة العزوف عن المشاركة الانتخابية ودراسة أسبابها والعمل من قبل جميع الاطراف المعنية على معالجتها. 6- دعم مبادرات المجتمع المدني – الوطني والدولي – لملاحظة سير الانتخابات ومراقبتها وتذليل الصعوبات التي تحول دون تنظيمها أو تمويلها. ثالثا- في المنافسة الانتخابية – وقد أكد المشاركون على: 1- اقرار مبدأ التناصف الأفقي في رئاسة القوائم الانتخابية وتعديل أحكام الفصل 24 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء بما يجعله متطابقا مع مقتضيات الدستور الجديد الذي نصّ على أنّ" المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون دون تمييز" (الفصل 21) وعلى أنّ الدولة تعمل على " ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة" (الفصل 34) وتضمن تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة وتسعى الى تحقيق التناصف بينهما في المجالس المنتخبة (الفصل 46). 2- ضرورة العمل على تنظيم نشاط مؤسسات سبر الاراء وضمان حيادها واستقلاليتها ونزاهة أعمالها بالنظر الى تأثيرها الملحوظ على العمليات الانتخابية. رابعا- في الرقابة على الانتخابات- وقد أوصى المشاركون بما يلي: 1- عدم الاقتصار على ضمان شفافية العمليات المرتبطة بالتصويت وضرورة أن تشمل مقتضيات الشفافية كامل المسار الانتخابي بداية من التسجيل الى نهاية العملية الانتخابية. 2- توسيع مجال الرقابة القضائية على عمل الهيئة المستقلة للانتخابات للنظر في مدى شرعية أعمالها والعمل على الحد من رقابة الحكومة وتدخلها. 3- التأكيد على ترابط مختلف العمليات الخاصة بالمسار الانتخابي وضرورة ارساء اليات للمتابعة والتقييم في آخر كلّ عملية انتخابية يتمّ على أساسها التحضير للانتخابات الجديدة. 4- اقرار امكانية التعقيب طعنا في نتائج الانتخابات الى جانب مبدأ التقاضي على درجتين. 5- التنصيص في باب العقوبات الواردة بالقانون الانتخابي على عقوبة اسقاط القائمة الانتخابية كجزاء للمخالفات والجرائم الانتخابية دون الاقتصار على العقوبات المالية أو الجسدية. 6- تعديل أركان وشروط ووسائل اثبات جريمة تقديم تبرعات نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب الوارد ذكرها بالفصل 161 من القانون الانتخابي وذلك بعدم الاقتصار في تجريم تلك الافعال على حالة التلبس التي توجب ضبط الشخص بصدد تقديم التبرعات المذكورة دون غيرها من الحالات لصعوبة اثبات ذلك. 7- إعادة النظر في صيغ التزكية الشعبية للمترشحين للانتخابات الرئاسية بما يضمن شفافيتها وتجنب النزاعات الملحوظة بشأنها والبت بصفة ناجعة وسريعة في الشكايات المقدمة للنيابة العمومية بخصوص التلاعب بقوائم التزكيات. لجنة التوصيات: – عمر الوسلاتي – ألفة مطاوع – شادي الطريفي عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء