أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    لحظات صادمة في كأس الأمم الإفريقية.. حارس السودان ينهار على أرض الملعب    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    فار من السجن..تفاصيل الاطاحة بمجرم خطير..#خبر_عاجل    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    أحمد العميري: وجود إخلالات خطيرة في شحنات لحوم مورّدة ومبرّدة وردت مؤخرًا    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    عاجل/ اليوم.. القضاء ينظر في الاعتراض المقدم من طرف أحمد نجيب الشابي على الحكم الصادر ضده..    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل: العثور على جثة تونسي في فرنسا...ابنه يعترف بجريمته    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    شنيا حكاية ''الكار'' تنزلق في شلالات بني مطير: تلميذة ضحية حادث مأساوي    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    زياد الجزيري: «فمّا خيبة أمل بعد هزيمة المنتخب أمام نيجيريا والتركيز منصبّ على مواجهة تنزانيا»    'كان' المغرب: المنتخبات المتأهلة لثمن نهائي    كيف سيكون طقس اليوم 29 ديسمبر؟    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مناطق في غزة    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    المنطقة السياحية طبرقة عين دراهم: إقبال متزايد والسياحة الداخلية تتصدر عدد الوافدين    أمس في الرياض: تونس والسعودية توقّعان 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم    «أصداء» تفتح ملفات التنمية والحوكمة في عدد استثنائي    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    شربان : انتخابات سحب الوكالة من نائب محلّي بعمادة «الشّرف»: إقبال محترم واليوم الإعلان عن النتائج الأوليّة    نابل .. حجز أكثر من 11 طنا من المواد الغذائية الفاسدة    بعد فضيحة الفيديوهات.. هيفاء وهبي تعود إلى مصر    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    عاجل/ أول بيان رسمي لتونس حول اعتراف الكيان الصهيوني بإقليم أرض الصومال..    "كان" المغرب 2025.. السودان تنتصر على غينيا الاستوائية    وزارة النقل تدرس فرضيات توسعة محطة الحاويات بميناء رادس    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    طقس الليلة    النيابة تأذن بإيقاف صاحب مطعم بسوسة يخزّن أسماكا غير صالحة للاستهلاك    الركراكي: "لديا ثقة في مشروعي الفني وأنا الأنسب لقيادة المغرب نحو اللقب القاري"    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    كأس أمم افريقيا: برنامج مباريات اليوم الأحد..    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    ماسك: «الاستبدال العظيم» حدث في بروكسل    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة المهجر : بعض مشاهد من جمهورية الرعب …بقلم الطاهر العبيدي
نشر في صحفيو صفاقس يوم 03 - 05 - 2015

الرجاء ممّن كان عمره أقل من 20 سنة عذاب أن لا يقرأ هذه الفصول الحقيقية…
المشهد الأول
أحد الأصدقاء اليساريين، ممّن أمضوا بعض السنوات في سجون " تونس الخضراء "، حدثني قال: يا صديقي إن من بين الصور الكثيرة الفظيعة التي ارتسمت في ذهني خلال سنوات السجن، هي أنه في بعض الأحيان عندما يعطف علينا حارس العنبر ويفتح التلفزيون، وحين يأتي برنامج الصور المتحرّكة، أرى بعض الشباب يقفزون إلى الأمام للفرجة في اهتمام وانتباه كبيرين، وقد شدّني هذا المشهد واستغربته، وقد تبدّد استغرابي ليحل محله الأسى والألم، حين عرفت أن هؤلاء المساجين الصغار، هم مساجين محاكمين باسم حركة النهضة التونسية، رغم أن طفولتهم لم تكتمل، لقد تمّ القبض عليهم وهم أحداثا، فما أفظع يا صديقي أن تسجن وتعذّب الطفولة، في أوطان تدّعي أنها مركزا للاهتمام والرعاية بالطفولة والعمل لفائدة النشء.. .
المشهد الثاني
روى لي أخيرا بمدينة بون الألمانية، المحامي الأستاذ
« محمد الهادي الزمزي » قال: في سنة 1991 كنّا مجموعة من السجناء في زنزانات وزارة الداخلية، وأحد الأيام وفي الصباح الباكر وحوالي الرابعة والنصف صباحا، سمعنا صراخا فضيعا يدمي القلوب، وصياحا مؤلما يخترق الأبواب والأقفال، وحتى الآن لا زال ذاك الصراخ لم يمحّ من ذاكرتي، حيث جاء بعض الأعوان ورموا " العجمي الوريمي " في الساحة أمام الزنزانات، وهو لا ينقطع عن الصراخ المر طيلة حوالي أربع ساعات ونصف، صراخا متواصلا يرجّ الأنفس، وكنّا نسمع أصوات الأعوان ينادونه باسمه ويأمرونه بالسكوت، غير أنه وطيلة كل هذه الساعات لم ينقطع لحظة عن الصراخ، وحين أطلق سراحي قدّمت إنابة للدفاع عن " العجمي الوريمي المعروف باسم هيثم" ، ولمّا قابلته مباشرة سألته، لماذا كنت تصرخ في تلك اللحظة بهذا الشكل؟ فأجابني لقد عذّبت كثيرا وفي الأخير صبّوا مادة lethère
في عيني ( مادة حارقة للعينين ) فوجدت نفسي من شدة الألم البليغ الذي أصاب عيني أصرخ دون وعي وبلا انقطاع..
المشهد الثالث
أحد السجناء نهض في الصباح وروى لأصدقائه أنه رأى في المنام النبي محمد (ص)، وكان أحد مساجين الحق العام بين الحاضرين فوشى به إلى الإدارة، التي حولته من جديد إلى وزارة الداخلية وهناك تعرّض للتعذيب الشديد لمدة خمسة عشرة يوما وتحقيق واستجواب دقيق، مع وابل من الأسئلة ماذا قال لك « محمد » في المنام؟ متى موعد الانقلاب؟ متى ستحكمون؟ ما هي الخطة التي أمركم بها للانقضاض على الحكم؟ بماذا أوصاكم؟ والسجين في حالة يرثى لها مرددا أنه حلم…
المشهد الرابع
حدثني الأستاذ « نجيب الحسني » الناطق الرسمي السابق للمجلس الوطني للحريات بتونس، أن المرحوم « جلال الجبالي » اللاجئ السياسي الذي توفي بفرنسا، سجن وهو حدث لم يبلغ بعد السن القانوني حيث لا زال تلميذا بالسنة الخامسة ثانوي لمّا تمّ القبض عليه، وأضاف تحرّكت حقوقيا من أجل وضعيته، وقد تمكنت من استدعاء بعض المنظمات وأحد الإذاعات الكندية للتعريف بهذه المظلمة، غير أن والده رفض الشهادة لصالح ولده، بل أنكر أن له ابنا في السجن، وبعد مدة تقابلت معه فسألته لماذا رفضت الإدلاء بشهادة قد تفيد ولدك المسجون فأجابني ببراءة المواطن المقهور" اعذرني " سي نجيب " عندي 5 أولاد خشيت إن قدمت شهادتي ينتقمون مني، ويسجنوا البقية (الله غالب حكم ربي)، حبس أبن واحد أفضل من اعتقال خمس أبناء ".
المشهد الخامس
في أحد الجهات التي امتازت بوجود فقهاء في التعذيب، قام بعض أعوان الحرس الوطني بتعذيب مجموعة من الموقوفين تعذيبا لا يوصف، بعدها امتطى كل عون ظهر موقوف وأمروهم أن يكونوا كالدواب على أربع، ويطوفون بهم أرجاء الزنزانة والأعوان بزيّهم الوطني وشعاراتهم المكتوب عليها نظام حرية عدالة ومسدّساتهم، ويهمزونهم بعصيّهم كلما توقف أحدهم عن التحرّك من شدة الألم والتعب والثقل الذي يحمله، مع العلم أن الذين عوملوا مثل الدواب هم مهندس وأستاذ وبيطري…
المشهد السادس
في مخفر البوليس " ببنعنين " قبالة قصر العدالة بمدينة (الكاف) الواقعة بالشمال الغربي للجمهورية التونسية أعوان أمن قاموا بتعذيب أحد السجناء بطريقة عنيفة جدا لأنهم أمروه بالتبوّل على المصحف الشريف فرفض، ولما ذكر هذا أمام القاضي يوم الجلسة تجاهل هذا الأخير شكواه تماما، وحكم عليه بخمس سنوات سجن…
المشهد السابع
في أحد الأيام وأنا أحد الشهود الأحياء على هذه الحادثة، جيء للمعتقل بأحد الشباب البسطاء الأبرياء، وبسرعة وأمامنا انهالوا عليه بالضرب والرفس دون مقدمات ودون أيّ سؤال، فأخذ يصرخ وقال بعفوية ليس من حقكم ضربي وإهانتي، فأين حقوق المواطن، سأشكوكم إلى منظمات حقوق الإنسان، وهنا انفجر الأعوان ضحكا وشتما له ولكل منظمات حقوق الإنسان، وقالوا سنسهر هذه الليلة على لحمك، يا ابن " الكلب " يا ابن … وفعلا وقع تعذيبه إلى حد الإغماء مما جعله يختل في عقله، ومع ذلك حوكم بأربع سنوات سجن أمضاها كلها، رغم اختلال مداركه العقلية التي صارت غير سليمة، وبلغني يقينا أنه خرج من السجن بعد أن أمضى مدته كاملة فقد فيها عقله تماما، وهو الآن يمشي في شوارع مدينة " السرس " نصف عاري…
المشهد الثامن
أحد المساجين أنهى مدة عقوبته وهي سبع سنوات ونصف، فأطلق سراحه فعاد إلى مدينته وبينما هو لا زال يتقبل تهاني الأهل والعائلة وفي نفس اليوم أعيد للسجن، وتمّت محاكمته من جديد من أجل نفس التهم السابقة، وحوكم بتسع سنوات ونصف…
المشهد التاسع
جيء بزوجة أحد الفارّين إلى وزارة الداخلية، ووقع تعذيبها من أجل الاعتراف على مكان اختفاء زوجها التي لا تعرف مكانه وقد تمّ كسر كتفها ومع ذلك لم يحصلوا على شيء، فتمّ القبض على أخيها وأمروه أن يغتصب أخته وهي مقيدة وتصوروا هذا المشهد…
المشهد العاشر
لما ألقي القبض على القيادي من حركة النهضة « بوراوي مخلوف » المحكوم بالمؤبد، كانت زوجته « سهيلة بنت مصطفى » على ميلاد، وقد كادت أن تجهض من شدّة الرعب حين داهموا المنزل فنقلت إلى المستشفى، وهناك ولدت طفلة سمّيت «" سارّة »، وكبرت هذه البنت وكانت أمنيتها أن تعانق وتحتضن مباشرة والدها في يوم من الأيام، إلى أن بلغت من العمر سبع سنوات، وهذا الحلم يسكنها ويعشّش فيها، وفي أحد الزيارات إلى السجن مع أمّها رأت والدها من خلف القضبان، فبدأت تلحّ على العون الذي رقّ حاله لها، فسمح للسجين بمدّ إصبعه الصغير من وراء القضبان لتقبّله البنت سارة، وظلت هذه البنت تحكي لصديقاتها ولكل من تعرفهم أني قبلت أبي عانقت إصبع أبي، وهي تروي بفرح حكايتها حتى للعبها…
المشهد الحادي عشر
« الأمجد الشايب » لاجئ سياسي بسويسرا قاضيا كان في تونس، لما كان بالسجن في محاولة لإذلاله يطلبون منه أن يقلد صوت الدجاجة، فرفض فوقع تعذيبه حتى لم يستطع الوقوف على قدميه، ولا زالت آثار التعذيب إلى الآن، وللعلم فإن تقليد أصوات الحيوانات عملية إجبارية وممارسة شائعة جدا في السجون التونسية…
المشهد الثاني عشر
أحد اللاجئين الموجودين حاليا بهولندا، العديد من المرات ونكاية في ابنه الفار، يستدعون والده البالغ من العمر ثمانون عاما، ويبدؤون بإهانته والسب والشتم وتهديده، وتواصلت هذه المعاملة معه عدة مرات، مما جعله يموت كمدا، وابنه على علم بهذا ولم يستطع إظهار هذا الخبر، مخافة أن ينتقموا من والدته العجوز…
المشهد الثالث عشر
قبض على أحد الأخوين الشقيقين، ومن جملة الممارسات والتعذيب التي تغرّضا لهما، أنهما قابلوهما وجها لوجه، وأمروهما أن يصفع الواحد الآخر، ومن يتوقف يجلدوه واستمرت هذه الحالة مدة ساعتين، الصفعة والصفعة المضادة وبحرارة لمدة ساعتين، ثم كان فصلا آخر من التعذيب، حيث أجبرا أن يسبّ كل واحد منهما الآخر، ويقذفه بكلمات جارحة جدا…
—————————————————-
ملاحظة / هذه بعض الشهادات الواقعية، البعض بأسماء أصحابها، والبعض الآخر خيّرنا أن لا نذكر الأسماء، اجتنابا لرد الفعل، وطبعا هناك مئات من شهادات التعذيب المرعبة والممارسات البشعة خيرنا أن لا ننشرها رأفة بالقراء، وفضلنا أن نحتفظ بها في الذاكرة الخصبة، قد يأتي وقتها ومن يدري لعله يوما يصبح الإدلاء بالعديد من الشهادات في العلن وفي وضح النهار وعندها ماذا سيكون موقف هؤلاء الجلادين الذين يدوسون على الضمير الإنساني
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نُشِرَ في :
تونس تيوز ← /7 – 2 – 2005 ◙ مجلة العصر ← / 9 – 2 – 2005
◙ ليبيا العدالة ← / 10- 2- 2005 ◙ القلعة العربي ← / 12 – 5 – 2005
◙ نواة ← / 10- 2 – 2005 ◙ الحوار نت ← / 25 – 6- 2005


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.