إيران تطلق موجتين صاروخيتين جديدتين وارتفاع عدد المصابين بإسرائيل    إيران تحبط مؤامرة اسرائيلية لاستهداف وزير الخارجية عباس عراقجي    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    ميسي يهدد عرش رونالدو!    أمطار و بَرَد على منطقة تونس الكبرى : المرصد الوطني للسلامة المرورية يدعو إلى أقصى درجات الحذر    حالة الطقس ليوم الجمعة 20 جوان 2025    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    رابع سبب للموت في العالم الخمول البدني يصيب 83 ٪ من التونسيين!    مع الشروق : تُونس واستشراف تداعيات الحرْب..    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    المنار.. بطاقات ايداع بالسجن لمتورطين في تحويل مركز تدليك لمحل دعارة    في قلالة بجزيرة جربة مازالت النساء يتجملن "بالحولي"    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    المنتخب التونسي أصاغر يحقق أول فوز في الدور الرئيسي لمونديال كرة اليد الشاطئية    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    عاجل: انقطاع في توزيع الماء بمناطق من ولاية سوسة: التفاصيل    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    ديوان التونسيين بالخارج يفتح باب التسجيل في المصيف الخاص بأبناء التونسيين بالخارج    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    عاجل : الخطوط الجوية السورية تعلن عن إجراءات مهمة    مأساة على شاطئ المهدية: شاهد عيان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة    عاجل/ الخطوط البريطانية تُلغي جميع الرحلات الجوية الى اسرائيل حتى شهر نوفمبر    بوتين وشي: لا تسوية في الشرق الأوسط بالقوة وإدانة شديدة لتصرفات إسرائيل    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    المنستير: المطالبة بايجاد حل للوضعية البيئية لشاطئ قصيبة المديوني    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    الترجي في مواجهة مفصلية أمام لوس أنجلوس بكأس العالم للأندية..تدريبات متواصلة    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    عاجل: الإعلان الرسمي عن قائمة المترشحين لهيئة النادي الإفريقي    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    كأس العالم للأندية 2025: يوفنتوس الإيطالي يمطر شباك العين الإماراتي بخماسية    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية المُكلّف بالأمن الوطني    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة المهجر : بعض مشاهد من جمهورية الرعب …بقلم الطاهر العبيدي
نشر في صحفيو صفاقس يوم 03 - 05 - 2015

الرجاء ممّن كان عمره أقل من 20 سنة عذاب أن لا يقرأ هذه الفصول الحقيقية…
المشهد الأول
أحد الأصدقاء اليساريين، ممّن أمضوا بعض السنوات في سجون " تونس الخضراء "، حدثني قال: يا صديقي إن من بين الصور الكثيرة الفظيعة التي ارتسمت في ذهني خلال سنوات السجن، هي أنه في بعض الأحيان عندما يعطف علينا حارس العنبر ويفتح التلفزيون، وحين يأتي برنامج الصور المتحرّكة، أرى بعض الشباب يقفزون إلى الأمام للفرجة في اهتمام وانتباه كبيرين، وقد شدّني هذا المشهد واستغربته، وقد تبدّد استغرابي ليحل محله الأسى والألم، حين عرفت أن هؤلاء المساجين الصغار، هم مساجين محاكمين باسم حركة النهضة التونسية، رغم أن طفولتهم لم تكتمل، لقد تمّ القبض عليهم وهم أحداثا، فما أفظع يا صديقي أن تسجن وتعذّب الطفولة، في أوطان تدّعي أنها مركزا للاهتمام والرعاية بالطفولة والعمل لفائدة النشء.. .
المشهد الثاني
روى لي أخيرا بمدينة بون الألمانية، المحامي الأستاذ
« محمد الهادي الزمزي » قال: في سنة 1991 كنّا مجموعة من السجناء في زنزانات وزارة الداخلية، وأحد الأيام وفي الصباح الباكر وحوالي الرابعة والنصف صباحا، سمعنا صراخا فضيعا يدمي القلوب، وصياحا مؤلما يخترق الأبواب والأقفال، وحتى الآن لا زال ذاك الصراخ لم يمحّ من ذاكرتي، حيث جاء بعض الأعوان ورموا " العجمي الوريمي " في الساحة أمام الزنزانات، وهو لا ينقطع عن الصراخ المر طيلة حوالي أربع ساعات ونصف، صراخا متواصلا يرجّ الأنفس، وكنّا نسمع أصوات الأعوان ينادونه باسمه ويأمرونه بالسكوت، غير أنه وطيلة كل هذه الساعات لم ينقطع لحظة عن الصراخ، وحين أطلق سراحي قدّمت إنابة للدفاع عن " العجمي الوريمي المعروف باسم هيثم" ، ولمّا قابلته مباشرة سألته، لماذا كنت تصرخ في تلك اللحظة بهذا الشكل؟ فأجابني لقد عذّبت كثيرا وفي الأخير صبّوا مادة lethère
في عيني ( مادة حارقة للعينين ) فوجدت نفسي من شدة الألم البليغ الذي أصاب عيني أصرخ دون وعي وبلا انقطاع..
المشهد الثالث
أحد السجناء نهض في الصباح وروى لأصدقائه أنه رأى في المنام النبي محمد (ص)، وكان أحد مساجين الحق العام بين الحاضرين فوشى به إلى الإدارة، التي حولته من جديد إلى وزارة الداخلية وهناك تعرّض للتعذيب الشديد لمدة خمسة عشرة يوما وتحقيق واستجواب دقيق، مع وابل من الأسئلة ماذا قال لك « محمد » في المنام؟ متى موعد الانقلاب؟ متى ستحكمون؟ ما هي الخطة التي أمركم بها للانقضاض على الحكم؟ بماذا أوصاكم؟ والسجين في حالة يرثى لها مرددا أنه حلم…
المشهد الرابع
حدثني الأستاذ « نجيب الحسني » الناطق الرسمي السابق للمجلس الوطني للحريات بتونس، أن المرحوم « جلال الجبالي » اللاجئ السياسي الذي توفي بفرنسا، سجن وهو حدث لم يبلغ بعد السن القانوني حيث لا زال تلميذا بالسنة الخامسة ثانوي لمّا تمّ القبض عليه، وأضاف تحرّكت حقوقيا من أجل وضعيته، وقد تمكنت من استدعاء بعض المنظمات وأحد الإذاعات الكندية للتعريف بهذه المظلمة، غير أن والده رفض الشهادة لصالح ولده، بل أنكر أن له ابنا في السجن، وبعد مدة تقابلت معه فسألته لماذا رفضت الإدلاء بشهادة قد تفيد ولدك المسجون فأجابني ببراءة المواطن المقهور" اعذرني " سي نجيب " عندي 5 أولاد خشيت إن قدمت شهادتي ينتقمون مني، ويسجنوا البقية (الله غالب حكم ربي)، حبس أبن واحد أفضل من اعتقال خمس أبناء ".
المشهد الخامس
في أحد الجهات التي امتازت بوجود فقهاء في التعذيب، قام بعض أعوان الحرس الوطني بتعذيب مجموعة من الموقوفين تعذيبا لا يوصف، بعدها امتطى كل عون ظهر موقوف وأمروهم أن يكونوا كالدواب على أربع، ويطوفون بهم أرجاء الزنزانة والأعوان بزيّهم الوطني وشعاراتهم المكتوب عليها نظام حرية عدالة ومسدّساتهم، ويهمزونهم بعصيّهم كلما توقف أحدهم عن التحرّك من شدة الألم والتعب والثقل الذي يحمله، مع العلم أن الذين عوملوا مثل الدواب هم مهندس وأستاذ وبيطري…
المشهد السادس
في مخفر البوليس " ببنعنين " قبالة قصر العدالة بمدينة (الكاف) الواقعة بالشمال الغربي للجمهورية التونسية أعوان أمن قاموا بتعذيب أحد السجناء بطريقة عنيفة جدا لأنهم أمروه بالتبوّل على المصحف الشريف فرفض، ولما ذكر هذا أمام القاضي يوم الجلسة تجاهل هذا الأخير شكواه تماما، وحكم عليه بخمس سنوات سجن…
المشهد السابع
في أحد الأيام وأنا أحد الشهود الأحياء على هذه الحادثة، جيء للمعتقل بأحد الشباب البسطاء الأبرياء، وبسرعة وأمامنا انهالوا عليه بالضرب والرفس دون مقدمات ودون أيّ سؤال، فأخذ يصرخ وقال بعفوية ليس من حقكم ضربي وإهانتي، فأين حقوق المواطن، سأشكوكم إلى منظمات حقوق الإنسان، وهنا انفجر الأعوان ضحكا وشتما له ولكل منظمات حقوق الإنسان، وقالوا سنسهر هذه الليلة على لحمك، يا ابن " الكلب " يا ابن … وفعلا وقع تعذيبه إلى حد الإغماء مما جعله يختل في عقله، ومع ذلك حوكم بأربع سنوات سجن أمضاها كلها، رغم اختلال مداركه العقلية التي صارت غير سليمة، وبلغني يقينا أنه خرج من السجن بعد أن أمضى مدته كاملة فقد فيها عقله تماما، وهو الآن يمشي في شوارع مدينة " السرس " نصف عاري…
المشهد الثامن
أحد المساجين أنهى مدة عقوبته وهي سبع سنوات ونصف، فأطلق سراحه فعاد إلى مدينته وبينما هو لا زال يتقبل تهاني الأهل والعائلة وفي نفس اليوم أعيد للسجن، وتمّت محاكمته من جديد من أجل نفس التهم السابقة، وحوكم بتسع سنوات ونصف…
المشهد التاسع
جيء بزوجة أحد الفارّين إلى وزارة الداخلية، ووقع تعذيبها من أجل الاعتراف على مكان اختفاء زوجها التي لا تعرف مكانه وقد تمّ كسر كتفها ومع ذلك لم يحصلوا على شيء، فتمّ القبض على أخيها وأمروه أن يغتصب أخته وهي مقيدة وتصوروا هذا المشهد…
المشهد العاشر
لما ألقي القبض على القيادي من حركة النهضة « بوراوي مخلوف » المحكوم بالمؤبد، كانت زوجته « سهيلة بنت مصطفى » على ميلاد، وقد كادت أن تجهض من شدّة الرعب حين داهموا المنزل فنقلت إلى المستشفى، وهناك ولدت طفلة سمّيت «" سارّة »، وكبرت هذه البنت وكانت أمنيتها أن تعانق وتحتضن مباشرة والدها في يوم من الأيام، إلى أن بلغت من العمر سبع سنوات، وهذا الحلم يسكنها ويعشّش فيها، وفي أحد الزيارات إلى السجن مع أمّها رأت والدها من خلف القضبان، فبدأت تلحّ على العون الذي رقّ حاله لها، فسمح للسجين بمدّ إصبعه الصغير من وراء القضبان لتقبّله البنت سارة، وظلت هذه البنت تحكي لصديقاتها ولكل من تعرفهم أني قبلت أبي عانقت إصبع أبي، وهي تروي بفرح حكايتها حتى للعبها…
المشهد الحادي عشر
« الأمجد الشايب » لاجئ سياسي بسويسرا قاضيا كان في تونس، لما كان بالسجن في محاولة لإذلاله يطلبون منه أن يقلد صوت الدجاجة، فرفض فوقع تعذيبه حتى لم يستطع الوقوف على قدميه، ولا زالت آثار التعذيب إلى الآن، وللعلم فإن تقليد أصوات الحيوانات عملية إجبارية وممارسة شائعة جدا في السجون التونسية…
المشهد الثاني عشر
أحد اللاجئين الموجودين حاليا بهولندا، العديد من المرات ونكاية في ابنه الفار، يستدعون والده البالغ من العمر ثمانون عاما، ويبدؤون بإهانته والسب والشتم وتهديده، وتواصلت هذه المعاملة معه عدة مرات، مما جعله يموت كمدا، وابنه على علم بهذا ولم يستطع إظهار هذا الخبر، مخافة أن ينتقموا من والدته العجوز…
المشهد الثالث عشر
قبض على أحد الأخوين الشقيقين، ومن جملة الممارسات والتعذيب التي تغرّضا لهما، أنهما قابلوهما وجها لوجه، وأمروهما أن يصفع الواحد الآخر، ومن يتوقف يجلدوه واستمرت هذه الحالة مدة ساعتين، الصفعة والصفعة المضادة وبحرارة لمدة ساعتين، ثم كان فصلا آخر من التعذيب، حيث أجبرا أن يسبّ كل واحد منهما الآخر، ويقذفه بكلمات جارحة جدا…
—————————————————-
ملاحظة / هذه بعض الشهادات الواقعية، البعض بأسماء أصحابها، والبعض الآخر خيّرنا أن لا نذكر الأسماء، اجتنابا لرد الفعل، وطبعا هناك مئات من شهادات التعذيب المرعبة والممارسات البشعة خيرنا أن لا ننشرها رأفة بالقراء، وفضلنا أن نحتفظ بها في الذاكرة الخصبة، قد يأتي وقتها ومن يدري لعله يوما يصبح الإدلاء بالعديد من الشهادات في العلن وفي وضح النهار وعندها ماذا سيكون موقف هؤلاء الجلادين الذين يدوسون على الضمير الإنساني
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نُشِرَ في :
تونس تيوز ← /7 – 2 – 2005 ◙ مجلة العصر ← / 9 – 2 – 2005
◙ ليبيا العدالة ← / 10- 2- 2005 ◙ القلعة العربي ← / 12 – 5 – 2005
◙ نواة ← / 10- 2 – 2005 ◙ الحوار نت ← / 25 – 6- 2005


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.