سبق وأن كتبت مقالا علا أنه ليس أمام هذه الحكومة التي لا لون ولا طعم ولا رائحة لها… حكومة دز تخطف ..إلا حل من اثنان.. إما أن تكرم لحيتها بيدها وتترك المكان لمن هم أقدر منها.. أو أنها ستواصل المضي في نهج التخبط والكذب وهو ما يقتضي منها طي ملف الثورة بأسرع وقت ممكن وإعادة سياسة القمع والاستبداد وخنق الحريات… وهاهو خطاب الوزير اليوم بمجلس الشعب يؤكد ذلك… الحبيب الصيد يقولها بكل وضوح… لا مجال لاستمرار الأوضاع بنفس الأسلوب الذي سبق 5 جوان 2015 والدولة لن تسمح لأحد باستضعافها في المستقبل والقانون سيكون هو الفيصل بين الجميع؟؟؟ و إن كان هذا الكلام في ظاهره يدل على أن السلطة ستطبق القانون وستمارس صلاحياتها بكل "حزم" وهو الأمر الطبيعي والعادي إلا أن المعاني التي يخفيها والرسائل المشفرة التي يحملها تقول إن زمن الدلال والحرية قد ولى ومضى وأن العصا الغليظة ستكون هي الفيصل بين السلطة والشعب… "إلي حج حج ولي عوق عوق…" هذا هو ملخص تقييم وبرنامج ومشروع حكومة الصيد… من حصل على نصيب من الكعكة أو بعض الحقوق قبل 5 جوان صحة ليه… أما البقية فعليهم "بصبيري" لأن ظهر الحكومة وفى "انتهى"… كل ما كان يبيحه رموز هذه الحكومة وأحزابهم في زمن الفترة الانتقالية من ممارسات كانوا يرون أنها من أهم مقومات الحرية ومن أبرز مكاسب الثورة التي لا مجال للتراجع عنها من حرية تعبير وتنظم واحتجاج وصلت بهم يوما حد المطالبة بحل كل المؤسسات القائمة (تأسيسي ورئاسة جمهورية وحكومة)… يوم كان نفس هؤلاء يدافعون عن الإضرابات العامة الوطنية التي شلت كل مرافق الحياة بشكل لم تشهد له البلاد نظيرا طوال تاريخها… أصبحوا اليوم يكيلون كل أنواع السب والشتم والتخوين والتحقير لمن يرفع صوته مطالبا بحقه مهما كان أسلوبه في المطالبة حضاريا… حتى مجرد السؤال والمحاسبة أصبح اليوم جريمة ومحاولة لتقويض الدولة عند هؤلاء؟؟؟ وبطبيعة الحال… فالبعبع الذي يخوفون به الناس جاهز… وهو من البشاعة بحيث أنه يجعل كل الفرائص ترتعد لمجرد ذكر اسمه… ويجعل الجميع يسكتون ويبتلعون ألسنتهم ويقبلون بالتفريط في الكثير خوفا من خسارة كل شيء… هذا البعبع ما هو إلا "الإرهاب"… والغريب أن نفس هذه الحكومة تعتبر أن أكبر إنجازاتها كان على المستوى الأمني؟؟؟ وأنها حققت ما عجز عن تحقيقه الآخرون في ظرف وجيز وأنها برهنت على قدرتها العالية في هذا المجال بما جعل الأمن يستتب في ربوع البلاد؟؟؟ أيا ثبتولنا رواحكم؟؟؟ أن كنتم صادقين فيما تقولون فهذا يعني أن الأوضاع تحت السيطرة ولا داعي لتخويف وترهيب الشعب؟؟؟ وإن كان العكس هو الصحيح وأن خطر الإرهاب يتهددنا في أي لحظة فكفاكم التغني بإنجازات لم تصنعوها وأوهام تروجونها عبر إعلامكم الذي كشف عنه "نبيل القروي" ما كان يستر به عورته… إن كل القطاعات في البلاد تقريبا تعاني من الاضطرابات وهي في حالة صدام مع الحكومة… الإضرابات لا تكاد تتوقف حتى تستأنف من جديد … الاستثمار معطل… الفساد والاحتكار والتحيل والغش والرشوة والتهريب والجريمة أغرقت البلاد في مستنقع آسن.. المواطن أصبح حائرا تائها ..فالسلطة في واد وهو في واد آخر… بل إن المواطن اليوم أصبح في محل اتهام..؟؟؟. أي نعم… المواطن اليوم عندما يطالب بالكشف عن الحقيقة يصبح متآمرا على الوطن وخائنا وقدوصل الأمر بأحد الصحفيين على قناة الحوار التونسي بالمطالبة بسحب الجنسية منه؟؟؟ هذا المواطن الناكر للجميل؟؟؟ الممرض الذي يطالب بحقه هو مجرم؟؟؟ والمعلم الذي يطالب بالتمتع بما تمتع به نظراؤه يصبح خائن؟؟؟ وعمال السكك والنقل العمومي والكهرباء والغاز والبريد والقضاة والموظفون إلخ… كل هؤلاء خائنون للوطن وليس لهم حق فيما يفعلونه ولابد للدولة من ردعم وإعادتهم للجادة…وحدها الحكومة على حق… وحدها الحكومة من يتمتع بالوطنية والخوف على البلاد وعلى مستقبل الدولة… كم أنت مظلومة أيتها الحكومة؟؟؟ وكان الله في عونك أيها الصيد وأنت أيها البجبوج ؟ لقد ابتلاكم الله بهذا الشعب الكسول المتقاعس واللجوج والمتخلف والطماع والصعلوك… حقا إن مثل هذا الشعب الهمجي البربري لا يستحق أمثالكم من أكابر القوم وصفوة البشر … لذلك لا بد من تغيير السياسات.. نعم هذا هو الصحيح… هذا الشعب لا يستحق الحرية.. لأنه لا يدرك بجهله قيمتها ويحسب أنها فوضى وانفلات… هذا الشعب أيضا لا يستحق الديمقراطية لأنه لا يحسن الاختيار ولا يعرف الفرق بين الكوع و البوع… كما أن هذا الشعب لا يستحق أيضا أن يعامل بشكل متحضر لأنه شعب قذر يلقي بالأوساخ في كل مكان ولا يعرف مفهوم المدنية ..إن هذا الشعب لا يفهم سوى لغة واحدة وهي لغة القوة فهو شعب منفلت وهمجي يميل إلى الجريمة ولا يحترم القيم الإنسانية ولا يخضع إلا لمنطق القوة… أخيرا تفطن رئيس حكومتنا الموقر وأعضاده الميامين إلى حل معضلة الحكم في تونس … وتمكنوا من فك رموز عقلية الشعب التونسي وتوصلوا إلى الحل المناسب والنهائي الذي سيعيد الأمور إلى نصابها وتعود البلاد لما كانت تنعم به من أمن وازدهار ورفاه في عهد الحكم السابق الذي تم مؤخرا اكتشاف أنه لم يكن على هذه الدرجة من السوء.؟؟؟ إذا …وبكل حزم… السيد الصيد يقولها لكم بكل وضوح اليوم … وبكل حزم… لا مجال لاستضعاف الدولة بعد اليوم…؟؟ فالدولة قوية وهي قادرة على إخضاع الجميع وخاصة الطبقات المهمشة والضعيفة وإعادتها إلى الجادة لتدرك أنه لم يبقى لها مجال غير العمل والقبول بالأمر الواقع. حقا إنه لبرنامج واعد… دمت لنا ذخرا للوطن أيها الأسد.