في أحيان كثيرة أنسى أن صفاقس مدينة ساحلية و أكاد لا أذكر ذلك إلا حينما أزور مدينة من مدن الساحل التونسي ، أ رأيتم المفارقة ؟ " مدن الساحل التونسي " و كأن صفاقس لا تنتمي إليها … بل هي فعلا لا تنتمي إليها .. إن أية زيارة لي إلى هذه المناطق تجعلني أشعر بالأسف و الأسى على وضع مدينتي ، فالكورنيش فيها اسم على غير مسمّى فهو ليس سوى مياه راكدة آسنة و مصب للنفايات لا يشبه في شيء باقي الكورنيشات في سوسة أو المهدية .. و الميناء فيها ليس ميناء فلا سفن ترفيهية و لا رحلات بحرية و لا خرجات سياحية … صفاقس مدينة ساحلية لا يرى سكانها البحر ، لا يلمسون البحر ، و لا ينعمون بنسمات البحرالعليلة المنعشة و لكنهم – و يال حظهم السعيد – " ينعمون " بروائح السياب و الأبخرة السامة المتصاعدة من مدخنتها العالية التي تسلبهم حقهم في الصحة و الحياة .. كل المشاريع في صفاقس متوقفة و كل الأحلام مؤجلة إلى أن يزاح كابوس السياب و تعاد تهيئة المدينة لينعم الأحفاد بما كان ينعم به الأجداد من اصطياف في الشواطئ القريبة واخضرار و هواء نقي و عيش في بيئة سليمة و خير مثل ينطبق على الوضع في صفاقس هو " شوية من الحنة و شوية من رطابة اليدين " فالقرارات الحكومية لم تكن يوما منصفة للجهة و لكن أبناء المدينة أيضا قصروا في حقها و لم يقوموا بواجبهم تجاهها و أهملوها و ابتعدوا عنها .. فمتى يستفيق متساكنو صفاقس و يسترجعون حق مدينتهم المسلوب و يعيدون إليها بحرها و يعيدون معه البسمة و الصحة و الحياة ؟ !