تونس الصباح: خصص المجلس الوزاري الذي انعقد أول أمس الثلاثاء بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي للنظر في مجالات بيئية بحتة تتصل إما بمتابعة المشاريع التي أنجزت أو يجري إنجازها، أو بعض المشاريع الجديدة التي يجري العمل على تركيزها خلال المدة القريبة القادمة. ومن أهم القرارات التي أذن سيادته بالعمل على تنفيذها هو ما تعلق برسكلة المياه المستعملة واستغلالها في المجال الفلاحي، وكذلك قرار سيادته بالإذن بضبط برنامج لنقل وحدة تحويل الحامض الفسفوري "سياب" من صفاقس قبل موفى المخطط الحادي عشر. فماذا عن أهمية هذا القرار ووقعه في قلوب سكان مدينة صفاقس؟ وماذا تعني شركة «سياب» بالنسبة لمتساكني صفاقس عامة، وصفاقس الجنوبية بوجه خاص؟ وقع قرار نقل «سياب» على أهالي المنطقة لقد كان الإستبشار بقرار رئيس الدولة نقل شركة «سياب» خارج صفاقس كبيرا جدا، حيث هلل الجميع بشرا به لما كانت تمثله الشركة من خطر على البيئة وصحة المواطن. ولعل هذا القرار أو الحدث الهام لا يقل قيمة عما وقع إقراره في السابق بشأن شركة «أنبيكا» التي كانت في الموقع الشرقي لمدينة صفاقس حيث تم نقلها في السنوات الاخيرة وتبعها مشروع تبروره الرائد والذي سيعيد الحياة الجميلة الى هذه المدينة التي حرمت لمدة لا تقل عن ثلاثين سنة من شاطئها الجميل وغرقت في بحر من التلوث الذي أتى على تلك الشواطئ التي تمتد على طول يقارب ال 10 كيلومترات، ويجري الآن استصلاحها وإعادة رونق الحياة لها في مشروع ضخم يترقب الصفاقسية إتمامه للتمتع بكل مرافقه. «سياب» والضاحية الجنوبية لمدينة صفاقس تقع شركة «سياب» المتمثلة في وحدة عملاقة لتحويل الحامض الفسفوري في الضاحية الجنوبية لمدينة صفاقس.. وتمتد على بعض الكيلومترات المحاذية للطريق الوطنية الرابطة بين صفاقس وقابس. وتحتل الشركة موقعا كبيرا نظرا للمادة التي تستعملها والمتأتية من الفسفاط المجلوبة من ولاية قفصة عبر السكة الحديدية. كما أن تاريخ انجازها يعود الى ما قبل الخمسينات وموقعها المتاخم لميناء صفاقس يساعد على تصدير موادها عبر البحر. وقد عرفت الشركة جملة من المحاولات لتطوير مجال الانتاج والتصنيع وتشغيل اليد العاملة، وشهدت محاولات لتحسين آدائها من حيث الحفاظ على البيئة وصحة السكان، ومن ذلك يشار الى أنه تم في السنوات الاخيرة استبدال العديد من تجهيزاتها، والترفيع في علو مداخنها. لكن وكما أثبتت عديد الدراسات البيئية فإن وقعها على المحيط كان شديدا وخطيرا، حيث ومن خلال العين المجردة وعند مرورنا من المنطقة نلاحظ الدخان والغبار المتناثر منها والمنساب في كل الأوقات، والذي أثر على الحياة الاجتماعية وقضى على الزراعات من كافة أنواع الاشجار، فتحولت الى جرداء لا اخضرار فيها. وتشير بعض الدراسات الاجتماعية أيضا الى أن سكان تلك المناطق يعانون من الغبار والأتربة المنسابة من الشركة والتي أثرت على حياتهم ومنازلهم، حتى أن الالبسة التي يتم غسلها سرعان ما تتغير ألوانها كلما طرحت في الخارج/ علاوة على غلق شبابيك المنازل على الدوام حتى لا تتسرب لها تلك الروائح الكريهة المنبعثة من الشركة. ولعل كل هذا يهون ، وقد تحمله سكان الضاحية الجنوبية بصفاقس، لكن يشار من خلال ما استمعنا إليه في ندوة كانت قد قامت بها "الصباح" في السنوات الفارطة بصفاقس حول مظاهر التلوث أن بعض الامراض الخطيرة بدأت تدب في الجهة وتصيب الكبار والصغار على حد السواء. صفاقس ستتنفس في المستقبل برئتين هذه الجملة قالها أحد متساكني صفاقس بعد صدور قرار نقل شركة «سياب» وهو يهاتفني فرحا بالخبر. وأعتقد أن قولته صائبة لأن الرئة الاولى للمدينة عادت للنشاط بعد نقل شركة «انبيكا» ومشروع تبرورة الذي يجري القيام به.. والرئة الثانية ستعود للنشاط بعد نقل شركة «سياب» خلال السنوات القريبة القادمة. وهكذا يمكن القول ان الضاحتين الشرقية والجنوبية لصفاقس سوف تعودان لطبيعتهما، وسوف تتبدد كل المخاوف والاثار السلبية التي خلفتها الشركتان. ولا شك أن القرارات الرائدة لرئيس الجمهورية هي التي كانت وراء هذا التحول وذلك من خلال نظرة اصلاحية وبرامج بيئية فاعلة.