بعد وقوفه على الطلب الموجه منذ 15 يوما من وزير العدل السيد محمد صالح بن عيسي إلى الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي بقصد إبداء رأيها في إصدار أمر جماعي من رئيس الحكومة يقتضي التمديد في سن التقاعد لكلّ راغب من القضاة من الصنف العدلي وذلك لمدة سنة وطبق الشروط الواردة بقانون الوظيفة العمومية. وبعد علمه بالتداعيات المترتبة عن توجهات الحكومة في هذا الخصوص وما أدّت اليه من انقسام هيئة القضاء العدلي بين شق رافض للتمديد بصفة مطلقة لاعتبارات مبدئية واستنادا الى موقف سابق للهيئة وبين شق داعم لتوجه الحكومة لاعتبارات عملية ولرغبتها في التمديد لعدد من القضاة. وبعد اطلاعه على القرار النهائي لهيئة القضاء العدلي الذي اتجه – بفارق صوت واحد – إلى المصادقة على طلب الحكومة. وإذ يذكّر بمحاولات وزير العدل السابق السيد حافظ بن صالح التمديد في مدة المباشرة لبعض القضاة من أصحاب الوظائف القضائية العليا رغم بلوغهم السن القانونية للتقاعد (راجع بيان المرصد التونسي لاستقلال القضاء بتاريخ 16 جويلية 2014). وإذ يشير إلى رفض هيئة القضاء العدلي في شهر جوان من العام الفارط لمبدأ التمديد استنادا إلى أنّ تسوية هذه المسألة "لا يمكن أن تكون إلا في نطاق مشروع قانون يكون للهيئة دور فيه وبمعية بقية الأطراف المعنية" (صحيفة المغرب – 14 جوان 2014). وإذ يذكر بقرار رئيس الحكومة السابق السيد مهدي جمعة بتاريخ 03 جويلية 2014 المتضمن إلغاء التمديد في سن التقاعد لموظفي الدولة وأعوانها مهما كانت رتبهم وذلك بهدف "فسح المجال أمام الكفاءات للارتقاء في السلم الوظيفي والتمتع بالامتيازات التي تخولها الرتب الوظيفية" ( صحيفة الشروق – 04 جويلية 2014). وإذ ينبه إلى عدم التزام رئيس الحكومة الحالي السيد الحبيب الصيد بما صدر عن سلفه من تعهد في هذا الشأن وما ترتب عن ذلك من جدل واسع بعد التمديد للرئيس الأول للمحكمة الإدارية السيد محمد فوزي بن حماد بمقتضى أمر مؤرخ في 27 مارس 2015 . وإذ يتمسك المرصد بمواقفه السابقة الداعية إلى إلغاء إمكانية التمديد لأعضاء السلطة القضائية: أولا- يلاحظ إصرار الحكومة الحالية على اعتماد التمديد في سن التقاعد بالنسبة إلى القضاة فيما يتعارض مع الوضع الدستوري للسلطة القضائية ويمثل تهديدا لاستقلالها ومخالفة لتعهد سابق بإلغاء التمديد لجميع أعوان الدولة. ثانيا- يعتبر أن توجه الحكومة إلى توسيع مجال التمديد – ليشمل كل راغب من قضاة الصنف العدلي – سيؤدي إلى ترسيخ آلية التمديد كإحدى الممارسات البغيضة للنظام القضائي السابق ويحافظ على امتياز السلطة التنفيذية في منح التمديد بناء على طلبات فردية فضلا عن فتح الباب لتوقع التمديد من جانب القضاة لسنوات أخرى وارتباط ذلك بإرادة السلطة التنفيذية توسيعا وتقييدا. ثالثا- يؤكد رغبة السلطة التنفيذية استبقاء عدد من أصحاب الوظائف القضائية العليا بحالة مباشرة تحت مظلة التمديد الجماعي لكافة القضاة وهو ما يتضمن الاستناد إلى آلية التمديد كوسيلة لتطويع القضاة والمساس من استقلالهم. رابعا- ينبّه إلى أنّ إقرار التمديد طبق الشروط المقترحة من شأنه أن يحد من حظوظ الترقيات المشروعة لعدد كبير من القضاة والحيلولة دون تمتعهم بالامتيازات التي يخولها الارتقاء الى الرتب القضائية الأعلى. خامسا- يدعو وزارة العدل إلى إيقاف الإجراءات الرامية الى التمديد في مدة المباشرة لكافة القضاة الراغبين والتخلي عن الممارسات المرتبطة بالنظام الاستبدادي ضمانا لاستقلال القضاء وحياده. سادسا- يجدد دعوته للحكومة إلى إلغاء إمكانية التمديد للقضاة بناء على الاستثناء الوارد بالقانون عدد 77 لسنة 1988 والمؤرخ في 27 جوان 1988 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي والذي اقتضى استبقاء أعوان الدولة بحالة مباشرة إلى سنّ أقصاها 65 سنة. سابعا- يتمسك بضرورة إقرار سن موحّدة لتقاعد القضاة بمقتضى ضمانات قانونية تؤدي إلى إلغاء العمل بنظام التمديد في انتظار إعادة النظر في الأحكام الخاصة بتقاعد القضاة عند مراجعة أوضاعهم المهنية. عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء الرئيس أحمد الرحموني