باردو (وات) - شهدت يوم الأربعاء الجلسة الصباحية للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، المخصصة لمواصلة النظر في مشروع نص العهد الجمهوري، نقاشا مطولا حول المستجدات الأخيرة وأعمال العنف التي شهدتها البلاد خلال نهاية الأسبوع الماضي ويوم الثلاثاء 28 جوان والتي استهدفت المبدعين والمحامين. وطالب عدد كبير من المتدخلين الهيئة بأن تصدر موقفا واضحا وصريحا من هذه الأحداث، وحمل عضو الهيئة الصغير أولاد أحمد في هذا الصدد الأطراف الإسلامية "المتطرفة" مسؤولية "شحن الشارع" منددا بدور بعض وسائل الإعلام والفضائيات العربية في تأجيج الأوضاع. وأشار سمير بالطيب (حركة التجديد) إلى أن ما يحدث في تونس خلال الفترة الأخيرة هو "مؤامرة" على أمن البلاد تهدد المسار الانتقالي الديمقراطي فيما لاحظ المنصف اليعقوبي (الاتحاد العام التونسي للشغل) أن الخطر لا يهدد الهوية الإسلامية التونسية "التي تعتبر مسالة محسومة لا تقبل المزايدات" مبينا أن البلاد تواجه تهديدات أكبر تتعلق بالديمقراطية وتكريسها الفعلي على أرض الواقع والمستقبل الاقتصادي للبلاد. وشدد أعضاء آخرون على ضرورة التصدي إلى كل من يحاول المس من المشاعر الدينية للتونسيين حيث أدان مصطفى بن عبد الكبير ممثل جهة مدنين كل محاولة "للاعتداء على المقدسات" باسم حرية التعبير في حين أكدت عواطف زروق (حزب التنمية والعدالة) أن حرية التعبير والحريات الخاصة أمر مشروع شرط أن تكون هذه الحرية "مسؤولة" . كما تم التطرق إلى مشروع العهد الجمهوري حيث عبرت أغلب الأطراف المتدخلة عن ارتياحها لشمولية هذا النص الذي تعرض تقريبا إلى جل المبادىء العامة التي تطالب بها معظم القوى الحية للبلاد. وشددوا من جهة أخرى على أن ينص مشروع هذا العهد على أن تونس دولة "مدنية قوانينها وضعية" تحمى فيها الحريات الفردية وتضمن فيها الحقوق الاجتماعية الأساسية كالشغل والتعليم والصحة وتكرس فيها مبادىء التسامح والحوار مع التأكيد على تعزيز اللحمة الوطنية. وتساءلوا عن مدى إلزامية هذا النص مؤكدين أيضا ضرورة أن يتم التنصيص فيه بصورة أوضح على مبادىء الجمهورية والفصل بين السلط الثلاث مع ضمان التوازن بينها. كما اهتموا بالصياغة المتعلقة بمسألة رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني داعين إلى تجريم أي شكل من أشكال التعامل معه أو مع المؤسسات التابعة له وإلى عدم انخراط تونس في أي حلف عسكري او" تقديم تسهيلات لأي قوى عسكرية لاستغلال أراضيها". واثر ذلك رفعت الجلسة على أن تستأنف الهيئة نشاطها على الساعة الثالثة مساء للنظر في التحويرات الشكلية الممكنة على العهد الجمهوري حتى يتم عرضه صباح الخميس 30 جوان على المصادقة. ويشار أيضا إلى أن بقية الجلسة المسائية سوف تخصص للنظر في مشروع المرسوم المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية.