تونس (تحرير وات/احلام جبري ) - قرر نشطاء حقوقيون ومختصون في شؤون المرأة وإعلاميون تأسيس مرصد وطني مستقل بهدف مراقبة سير الانتخابات من خلال نشر نحو سبعة آلاف مراقب في مختلف مناطق البلاد. ينفذ هذا المشروع بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الانسان ومساندة الاتحاد الاوروبي قبل الانتخابات المقررة في 23 أكتوبر 2011 لفرز مجلس وطني تأسيسي ستناط به مهمة صياغة الدستور الجديد وادارة الشان العام للبلاد خلال المرحلة القادمة. وتتطلب شروط التكوين 300 شخص على الأقل حتى تستكمل ولادة هذا المشروع، وفق الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب نور الدين المشري، الذي يرى أن استكماله "مسألة غير محسومة" رغم أن التسجيل في القائمات الانتخابية فتح منذ 11 جويلية، لأن المؤسسين "لم يتوصلوا حتى الان الى تجميع الحد الأدنى من الأعضاء الذين سيتولون بدورهم تكوين الملاحظين في الجهات". يضم المؤسسون تحت راية "ائتلاف المجتمع المدني من اجل الانتقال الديمقراطي" الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية النساء التونسيات من اجل البحث حول التنمية، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمجلس الوطني للحريات وجمعية القضاة والمنظمة الوطنية لمناهضة التعذيب. وافادت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان المكلفة بشؤون المراة بلقيس بالمشري بأن هذه الهيئة ستكون المرجعية الاساسية لسير عمل المرصد إلى جانب سائر الاطراف المساهمة في تشكيله، بالاستناد إلى القوانين والمواثيق والمقاييس والمعايير الدولية المتعارف عليها. يذكر أن العديد من الجمعيات عبرت عن استعدادها للمشاركة في الائتلاف من قبيل جمعية الوعي السياسي للتثقيف الشبابي والجمعية التونسية لقانون التنمية والمنتدى التونسي للتمكين الشبابي وحركة شباب تونس وجمعية تونس للانترنات. يتكفل المرصد الوطني بمراقبة مختلف مراحل العملية الانتخابية بدءا بإجراءات التسجيل في القوائم الانتخابية مرورا بالحملة الانتخابية ثم عملية الاقتراع، للتأكد من مدى الالتزام بالقانون داخل مكاتب الاقتراع. ويسعى المرصد أيضا إلى منح جميع المترشحين حظوظا متساوية فضلا عن ضمان حياد وسائل الاعلام. ومن مهامه اصدار تقارير بعد اختتام كل مرحلة وصولا الى بناء تقرير نهائي في نهاية العملية الانتخابية وصدور نتائج الفرز، يتضمن مختلف الملاحظات التي تم رصدهاوأي انتهاكات أو خروقات. وتعهد هذه المهمة الرقابية الى الجمعيات والمنظمات المستقلة لضمان الحياد المطلق تجاه الاحزاب السياسية ونظرا لقدرتها، بحكم استقلاليتها، على فضح الخروقات التي قد تحدث خلال الانتخابات "دون خوف او تحفظ او مهادنة"، بحسب القائمين على الائتلاف المؤسس. تقول بالمشري ان الرابطة طرحت على كاهلها "مهمة عسيرة وكبيرة" تتمثل في تكوين مراقبين يتراوح عددهم مابين 6 و7 الاف شخص ذلك أن مهمة المرصد تتطلب توفير رصيد بشري ومادي ولوجستي كبير. إلى ذلك تستبعد تداخل الصلاحيات والمهام بين المرصد الوطني المستقل والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتضيف: "في كل بلدان العالم هناك امكانية تكوين اكثر من مرصد مستقل واحد خلال الانتخابات"، نافية وجود تعارض مع عمل هيئة الانتخابات التي استحدثت بموجب مرسوم يحدد مهامها. كما ان المرصد يتكفل فقط بعملية المراقبة في حين تشرف الهيئة عمليا على تنظيم مختلف مراحل العملية الانتخابية وتسهر على تنفيذها في كنف ما ينص عليه القانون. واستعدادا لهذه العملية "استضافت الرابطة خبراء من دول عربية واوروبية لتكوين عدد من اعضائها ممن سيتولون بدورهم تكوين مراقبين في الجهات لفائدة المنتمين الى فروع الرابطة فيها". كذلك نظمت حلقات تكوين للتعريف بالجوانب الايجابية والسلبية لنظام الاقتراع بمشاركة العديد من الاطراف ومن بينهم شخصيات مستقلة. وبخصوص مسالة تمويل المرصد، افادت رئيسة المجلس الاعلى للحريات سهام بن سدرين، ان الائتلاف ما يزال في مرحلة تجميع التمويلات الضرورية التي يوفرها الاتحاد الاوروبي وبرنامج الاممالمتحدة للتنمية الى جانب عديد الاطراف غير الحكومية . وتوضح سعيدة بوهلال المكلفة بالعلاقات الخارجية في المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ان مهمة الرقابة على الاعلام توكل بالاساس الى الصحفيين لضمان "عدم تسرب المال السياسي الى المؤسسات الاعلامية" بحيث تستغلها الاحزاب السياسية للدعاية والحملات الانتخابية المقنعة. ويشار في هذا الصدد الى ان الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ستتولى مهمة الرقابةعلى وسائل الاعلام بالاشتراك مع سائر اطراف الائتلاف، حسب ماافادت به المديرة التنفيذية للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نادية الحكيمي . وتجدر الاشارة الى ان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان كونت سنة 1994 مرصدا مستقلا للانتخابات كان يعد آنذاك أول تجربة من نوعها في العالم العربي تتكفل فيها مكونات المجتمع المدني بمهمة مراقبة مختلف مراحل العملية الانتخابية ورصد التجاوزات والانتهاكات وكان لتلك التجربة صدى طيبا على الصعيد العربي، إذ شاركت أطراف منتمية الى ذلك المرصد التونسي في رصد الانتخابات في فلسطين ثم في اليمن سنة 1997على أن السلطات السابقة منعت تكرار تلك التجربة خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2004 على خلفية تقريرها عقب انتخابات 1994 والتي فضحت فيها كل التجاوزات والانتهاكات المسجلة. مع ذلك راقبت الرابطة انتخابات 2004 واصدرت بيانا مفصلا حول التجاوزات التي تم رصدها وذلك من خلال فروعها الجهوية وشبكة النسيج الجمعياتي الذي تعمل بالتنسيق معها.