تونس (وات)- على إيقاع ثنائيات الموت والحياة، الخيال والواقع، العلم والنظرية ارتكزت البنية الدرامية لمسرحية "قصر الشوك" لنعمان حمدة التي أكد من خلالها عودة المسرح الذهني للفن الرابع في تونس بعد نجاح مسرحيته الأولى كمخرج ومؤلف "سباحة حرة" المنضوية هي الأخرى ضمن نفس الشكل المسرحي. و"قصر الشوك" التي عرضت ليلة الجمعة بالمسرح البلدي بالعاصمة في إطار "ليالي قرطاج" يجسد شخصياتها ممثلون يتميزون بأداء مسرحي عال يعكس تمكنهم من تقنيات العمل على الخشبة ومن آلياتها. وبكل تفان وإتقان غاص الممثلون في الشخصيات إلى حد الذوبان لا سيما انها شخصيات تسعى على امتداد مدة العرض 57) دقيقة) الى ان تنفث ما يختلج داخلها من معاناة وان تنقل للمتفرج عمق الذات البشرية تأكيدا منها بان ذواتنا تختزن في عمقها أنواعا كثيرة من الأحاسيس التي نفشل عامة في التوصل إليها. عمل انساني بالمعنى العلمي للكلمة كانت كل من جميلة الشيحي والصادق حلواس وعبد المنعم شويات وغازي الزغباني وأمينة الدشراوي في مستوى ما يتطلبه من حضور ذهني حيث نجحوا في تجسيم قصة الموت السريري لبطل العمل التي تدفع المحيطين به للتساؤل حول مدى وعيه بما يدور حوله. هذا التساؤل كان بمثابة محاولة لفهم التركيبة الملموسة والخفية للنفس البشرية وهنا تكمن قدرة المسرح في تمكين المخرج والكاتب والممثلين من ترك أنفسهم على سجيتها والتركيز في فضاء مباشر يجمعهم مع جمهورهم دون تأثيرات الكاميرا. مسرحية "قصر الشوك" لئن لم يتابعها إلا عدد متوسط من الجمهور، إلا انها سجلت نقطة مضيئة في مدونة المسرح التونسي وأكدت الاختيارات الجيدة لأعمال الشركة المنتجة "انتاج فنون وثقافة" وخاصة الموهبة الفنية العالية لنعمان حمدة كمخرج ومؤلف وممثل.