تونس (وات)- التحرر من رواسب التضليل والتدجين والولاء لمراكز النفوذ والرقابة الذاتية في الإعلام، ذلك ما طرحته كل من الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال والمعهد العربي لحقوق الإنسان في ندوة حول "الإعلام التونسي:التركة الثقيلة وكيف نؤسس للمستقبل؟". انطلقت أشغالها صباح يوم الجمعة بالعاصمة بمشاركة نخبة من الخبراء في مجالي القانون والإعلام وناشطين حقوقيين وصحفيين. وبين السيد عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في افتتاح هذه الندوة ان الظروف الانتقالية التي تعيشها تونس في هذه الفترة تطرح على الإعلام كغيره من المؤسسات القضائية والأمنية مسؤولية مساعدة المواطنين على فهم التغيرات والتحولات فهما نقديا عميقا ,من خلال العمل على بناء ثقافة حقوقية وديمقراطية تحترم كل أطراف المجتمع وتشركهم في صنع القرار. وأوضح ان هذه الندوة ستركز بالأساس على تحليل الأسباب العميقة لآليات الاحتواء والتوجيه الإعلامي في النظام البائد ودرس كيفية تحول الممارسة الإعلامية من النهوض بحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان إلى رديف لآلة الاستبداد قائلا في هذا الصدد أن "الكلمة تحي وتميت وتبني وتدمر وتحرر وتسجن". كما دعا إلى ضرورة إصلاح التشريعات المنظمة لقطاع الإعلام وبعث مؤسسات رقابية مستقلة وفاعلة مؤكدا على أهمية رفع القيود السياسية عن الممارسة الإعلامية ووضع خطط وطنية لإصلاح الإعلام مشيرا إلى الانجازات الهامة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة من خلال ظهور مؤسسات إعلامية جديدة وتطوير الإطار القانوني رغم بروز مخاوف من الانفلات الإعلامي وممارسات تخالف أخلاقيات المهنة الصحفية. ومن جهته أبرز السيد كمال العبيدي رئيس الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال ان هذه الندوة ستسلط الأضواء على الدمار الذي لحق قطاع الإعلام خاصة خلال العقدين الماضيين والذي مازالت تداعياته تؤثر بشكل سلبي على وضع الإعلام اليوم. وأفاد في هذا السياق بأن مسؤولية اعلاء شأن الإعلام وضمان حق التونسي في صحافة حرة ونزيهة ومستقلة لا تقع على عاتق الإعلاميين فحسب بل هي واجب وطني لابد أن يتعاون الجميع على أداءه باعتبار ان الإعلام حلقة مفصلية في تطوير الحياة السياسية وإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي. وشدد على ضرورة التصدي لبعض الأطراف التي لا ترغب في تغيير المشهد الإعلامي وليس من مصلحتها تنظيم العمل داخل القطاع أو فرض قواعد العمل الإعلامي وأخلاقيات المهنة. وقال "إن الذي كان يستخف بذكاء المشاهد والقارئ التونسي بتقديم مادة إعلامية ضحلة ويكيل المديح لدكتاتور أصبح اليوم يتظاهر بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير ويتهم الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال ب"الدكتاتورية". كما عبر عن انشغال الهيئة بما يبديه البعض من ميل للخضوع لرغبة إبقاء المشهد الإعلامي على حاله والمرور إلى انتخابات أكتوبر بنفس القنوات والإذاعات القديمة في ظل فراغ قانوني يسمح بمزيد الانفلات. و تتضمن أشغال الندوة التي تنتظم على امتداد يومين سلسلة من المحاضرات تتمحور حول البحث في أساليب توجيه الإعلام وتدجينه في العهد السابق الى جانب عرض تصور مختلف الأطراف المعنية بالمشهد الإعلامي لمستقبل القطاع وآفاقه.