تونس 29 ديسمبر 2009 (وات) اختتمت عشية اليوم الثلاثاء بالعاصمة أشغال الندوة الوطنية التي نظمها التجمع الدستورى الديمقراطي تحت عنوان «في مفهوم الوطنية في تونس الثوابت والمتغيرات» بالاستماع الى ثلاث مداخلات تناولت مواضيع «التحول الديمقراطي وقيم المواطنة» و»التعليم وترسيخ الهوية الوطنية» و»المجتمع المدني بين العولمة وترسيخ الشخصية الوطنية». فقد بين السيد عبد الباقي الهرماسي رئيس المجلس الاعلى للاتصال في هذه الجلسة التي حضرها السيد محمد الغرياني الامين العام للتجمع أن الديمقراطية في تونس هي بالاساس فضاء لتكريس المواطنة وتعميق الوعي بالحقوق والواجبات وأن هذا التوجه يندرج في أطار المقاربة الحضارية الشاملة التي صاغها الرئيس زين العابدين بن علي لمعنى التحديث السياسي الناجع الذى يستند الى بناء دولة فاعلة ترتكز على تطوير المؤسسات والتشريعات واتخاذ القرارات المناسبة التي تتلاءم وخصوصيات المجتمع وتواكب مسيرته دون هرولة أو املاءات. وأكد أن التجربة التونسية قد برهنت وخلافا للنظرية المتمركزة اوروبيا وتعتبر الدولة عائقا للديمقراطية وحاجزا أمام تقدم قوى المجتمع المدني على الدور الاساسي للدولة في بلورة خصوصيات القيم الوطنية وصياغة الاسلوب الذى اتخذه التحول الديمقراطي موضحا أن هذه التجربة قد تميزت منذ البداية بالشمولية والتدرج في اطار من الوفاق الوطني كما تميزت بالتشبث بقيم الوطنية والدفاع عن المصلحة العليا للوطن من أجل ضمان سلامة المجتمع وأمنه واستقراره ومن جهته تناول الاستاذ نجيب عياد الخبير التربوى لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المدرسة باعتبارها المؤسسة المثلى لبناء الانسان وتنشئته على القيم والمبادى وترسيخ الهوية الوطنية لدى الناشئة مبينا أن تونس قد تبنت منذ التحول مفهوما مفتوحا للهوية وعلى كل مقوماتها التاريخية كما هو مفتوح على الاخر يكرس القيم الكونية المشتركة دون انبتات أو ذوبان. وبين الاستاذ نجيب عياد أن مفهوم الهوية الذى تأسست عليه الرسالة التربوية وحددها الفصل الثالث من القانون التوجيهي للتربية والتعليم لسنة 2002 يجعل من الهوية معطى متجددا لا تحول ثوابتها دون الاثراء والتطوير وتواصل البناء .. هوية لا تقول بمنطق الصدام والعدوانية وانما تنادى بالتسامح وقبول الاخر والتعايش معه مشيرا الى أن هذه المبادى يجرى تدريسها عبر مواد استراتيجية هي اللغة العربية والتربية المدنية والتربية الاسلامية والتاريخ. ومن ناحيته أبرز السيد الصادق شعبان عضو اللجنة المركزية للتجمع رئيس المجلس الاقتصادى والاجتماعي ما جسدته مضامين خطاب الرئيس زين العابدين بن علي يوم 12 نوفمبر أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين من روح وطنية صادقة ومن حرص على ترسيخ المسار الديمقراطي التعددى والعمل في نفس الوقت على الا ينقلب الاختلاف في الرؤى الى تنكر للوطن. وأكد ان تونس تميزت عبر مختلف مراحل تاريخها بالمواقف التي تشهد على الحفاظ على الاستقلالية بعيدا عن اى ارتباط بالخارج محذرا من مظاهر التدخل الاجنبي في الشأن الداخلي للدول في ظل العولمة عبر بوابة المجتمع المدني ودعم الجمعيات. وشدد على ضرورة توطين المعارضة وفك الارتباط مع كل ما يأتي من الخارج من تمويلات مشبوهة والتفكير في كيفية التعامل مع ما أسماه «عهد ما بعد الجمعيات» داعيا التجمعيين وخاصة الشباب منهم الى أن يكونوا في مقدمة القوى المتصدية لاى نوع من الخروقات عبر دعم الحضور المكثف على شبكة الانترنات والتعريف بالقيم التي يجمع حولها التونسيون. وأبرز المتدخلون في النقاش حرص الرئيس زين العابدين بن علي على التطوير المستمر للمناخ الديمقراطي التعددى في تونس وعلى ترسيخ حقوق الانسان بمختلف ابعادها مؤكدين أن العمل على تعزيز المساواة والعدالة بين الجهات والافراد والاجيال يعد خير ضامن لمزيد تجذير الوطنية والحماية من المخاطر التي قد تستهدف القيم والثوابت الحضارية والدينية. وفي تعقيبه على تدخلات المشاركين في الندوة أكد السيد زهير المظفر عضو اللجنة المركزية للتجمع الوزير المعتمد لدى الوزير الاول المكلف بالوظيفة العمومية والتنمية الادارية أن الوطنية قد ارتبطت منذ فجر التحول في تونس بترسيخ المشروع الحضارى للتغيير بعد أن ارتبطت في الماضي بالتحرير وبناء دولة الاستقلال مشيرا الى أن العولمة والجهوية والاقليمية هي المخاطر الثلاثة التي تتهدد راهنا الوطنية مفهوما وواقعا. وبين أن الوطنية تقتضي اليوم العمل على مواصلة تكريس الحداثة وتعهدها باستمرار ودعم مقومات الحكم الرشيد واستباق الزمن اسوة بالرئيس زين العابدين بن علي الذى جعل من الاستشراف نهجا ثابتا ونزل الحفاظ على استقلالية القرار الوطني مرتبة الواجب والامانة. وشدد في هذا السياق على الدور الريادى للتجمع الدستورى الديمقراطي باعتباره الحزب المضطلع بأعباء الحكم في تجسيم الاهداف الواردة في البرنامج المستقبلي /معا لرفع التحديات/ وما تضمنه من توجهات استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار طموحات وانتظارات كل التونسيين من كل الفئات والجهات والحساسيات.