صفاقس (وات- تحرير سامي كشو) - قد يجد المتامل في الازمات التي يعرفها فريق النادي الرياضي الصفاقسي لكرة القدم من حين لاخر في مستوى الصعوبات المالية الخانقة وضعف الانتدابات وعدم قدرة الفريق على تغطية كلفتها الباهضة تفسيرا في ظل ما يعرفه وضع اكاديميات الشبان من تردى متفاقم في السنوات الاخيرة الماضية بعد ان عرفت انطلاقة مميزة منذ 10 سنوات وجعلت فريق عاصمة الجنوب رائدا في المجال بين اندية النخبة وساهمت بشكل كبير في تطعيم اصناف شبانه بعدد كبير من اللاعبين المميزين. ذلك هو الاستنتاج الابرز الذي يمكن لمتابعي مسيرة هذه الاكاديميات خلال السنوات الاخيرة التخلص اليه في ضوء ما سجلته مراكز اكادميات الفريق الاربعة من مؤشرات سلبية لعل ابرزها عزوف وتراجع عدد الشبان المقبلين عليها الى ما دون 400 طفل حاليا بعد ان وصل الرقم في السنوات الماضية الى ما يقارب 700 طفل وهو ما يشكل ثروة حقيقية للفريق وسلاحا لمجابهة اشكاليات الانتداب التي عادة ما ترهق كاهل الفريق ماديا. ويتوجه اولياء رواد الاكاديمية الذين خيروا سحب ابنائهم من هذه المراكز بشكل لافت نحو المراكز الخاصة لتكوين الشبان التي انتشرت بصفة تدريجية في صفاقس واصبحت توفر ظروف تمرين افضل عبر تهيئة ملاعب معشبة وتامين مستوى تاطير متطور بمقابل مالي شهري او سنوي اقل مما تطلبه وبصرامة مبالغ فيها احيانا مراكز النادي الصفاقسي. ويذكر في هذا الصدد ان مركز واحد من ضمن المراكز الاربعة التابعة لهذا الفريق يتوفر على ارضية معشبة في حين يتدرب 70 بالمائة من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 5 و21 سنة في المراكز الثلاثة الاخرى على ارضية صلبة وفي ظروف تدريب لا تتماشى وصورة وعراقة فريق عاصمة الجنوب من جهة وما بلغته رياضة كرة القدم من مستوى رفيع جسمته اليوم صناعة النجوم عبر العناية المبكرة بالشبان من جهة اخرى. ويعد مركز طريق المطار المركز الاعرق من بين المراكز الاربعة وهو الذي يستغل المركب القديم للنادي اكثر المراكز تضررا مما الت اليه الاوضاع من حالة متردية حيث يلاحظ كل من يزوره حالة الميادين السيئة ونوعية الكرات الرديئة التي يتمرن بها الشبان وضعف التجهيزات الرياضية وحتى غياب ابسط اوجه العناية بهم على غرار قوارير الماء المعدني للشراب. ومما يزيد في حيرة المتتبع لاوضاع هؤلاء الاطفال المتيمين بحب الاسود والابيض منذ نعومة اظفارهم وحيرة المشرفين الفنيين على هذه الاكاديميات غياب الارادة والرغبة في التغيير لدى ادارة الفريق وقد فسرها التخلي المفاجئ عن الاستراتيجية التي تم الاعلان عنها في شهر افريل الماضي والقاضية بالعمل على استعادة مجد الفريق بالعناية باصناف الشبان ولا سيما شبان الاكاديميات الاربعة. وكان الفريق قد انتدب للغرض السويسري ميتشال ريتشارد صاحب التجربة الطويلة في تكوين المدربين والخبير لدى الفيفا منذ سنة 1988 والذي كان اعلن في ندوة صحفية عن خطة متكاملة لتطوير مراكز الاكاديمية وتمكينها من كل الظروف المادية والبشرية الضرورية. وفي مقابل عدم المضي في تجسيم هذه الاسترايجية المعلن عنها بادرت ادارة الفريق باتخاذ جملة من الاجراءات التقشفية التي من شانها المساهمة في مزيد تكريس الوضع المتردي لهذه الاكاديميات بدل انقاذها وتحسين اوضاعها ولعل ابرز اجراء يتمثل في التقليص من عدد المكونين بحيث يصبح العدد يحقق معادلة مكون واحد لكل 25 طفلا والحال ان المواصفات الاوروبية حسب ما يؤكده احد المختصين لا تسمح باكثر من 15 طفلا لكل مدرب. وتتجلى قلة العناية بهذه المراكز كذلك بعزلتها وعدم زيارة المسؤولين في الفريق لها وعدم ادراجها في استراتيجية العمل للفريق ككل بما يكشف عن مدى الاهمية والمكانة التي تتبوؤها هذه المراكز ضمن اهتمامات ادارة الفريق. وتهدف سياسة ادارة النادي في الاساس ان يكون هذا الفضاء التكويني ذي الابعاد التربوية والثقافية والبيداغوجية نشاطا ربحيا ومشروعا لدعم الموارد الذاتية للفريق واحد طرق حل الاشكاليات المالية الخانقة التي تفرزها انشطة الاصناف الكبرى ولا سيما صنفا الاكابر والامال. ويبقى السؤال المطروح الى متى سيتواصل حل اشكاليات اصناف كبار اللاعبين على حساب اصناف الشبان الذين هم مستقبل الفريق وعنوان تقدمه وهل يجوز للاداريين التدخل بدعوى التقشف في الخصوصيات الفنية والبيداغوجية للفنيين المشرفين على حظوظ الشبان الى حد الاضرار بعملهم وجدواه العلمي والرياضي.