تطور عدد محاضن الأطفال في تونس من 77 محضنة سنة 1997 الى 200 محضنة خلال سنة 2009 وهو ما ساهم في رفع عدد المستفيدين من الأطفال (دون ثلاث سنوات) بالمحاضن 3751 طفلا سنة 2009. كما سجل قطاع رياض الاطفال في تونس تطورا من ألف و200 روضة سنة 1997 الى 3562 روضة سنة 2009 وبلغ عدد المستفيدين 142 ألف طفل سنة 2009. ويرجع ارتفاع عدد المؤسسات الى تدخل القطاع الخاص مقابل تراجع دور القطاع العمومي(البلديات). وقد مكنت المجهودات المبذولة من الارتقاء بخدمات قطاع رياض الاطفال وتعميمها على كافة جهات البلاد وتحسين نسبة التغطية التي بلغت 30 بالمائة على المستوى الوطني لكنها بقيت متفاوتة بين مختلف الولايات. غير انه ورغم كونها ضرورة اجتماعية وتربوية أمام أهمية مرحلة الطفولة المبكرة وحاجتها الى عناية ومتابعة كبرى في التنشئة، فان ولاية القيروان لا تزال من الجهات التي تسجل نسبة تغطية رياض ومحاضن الأطفال ضعيفة ودون المعدل الوطني. بل تراوحت بين 10 و20 بالمائة في الفئة العمرية ما بين 3و5 سنوات حيث يتراوح عدد المحاضن بين 33 و37 محضنة على كامل الولاية التي تبلغ فيها نسبة الطفولة نحو 16 في المائة. ولا يتجاوز عدد رياض الأطفال 135 روضة والقيروان موزعة على 11 معتمدية. غير ان نقص المؤسسات وضعف نسب التغطية ليس وحده ما يشغل بال الأولياء حيث توضع مسألة الفضاء والفريق المؤطر والخدمات على المحك اذ تسجل اخلالات كثيرة ونقائص جمة علاوة على تذبذب توزيع هذه المؤسسات وغيابها في عدة مناطق. تغطية ضعيفة ومضطربة وتتركز معظم رياض الاطفال بوسط مدينة القيروان حيث تحتدم المنافسة وتشتد بسبب قرب المؤسسات بعضها من بعض بسبب وجود المؤسسات الإدارية بكثافة كما تتركز قرب المؤسسات التربوية. لتنتقل شيئا فشيئا نحو الاطراف ثم تتضاءل في الأرياف بشكل يقارب العدم لعدة اسباب ديمغرافية واجتماعية واقتصادية. وإلى جانب نقص عددها، فإن معظم رياض الأطفال التي يرجى منها السهر على صحة الطفل البدنية والنفسية ونظافته وسلامته...لا تستجيب الى كراس الشروط الصادرة مؤخرا. وتشهد رياض الاطفال والمحاضن تجاوزات واضحة ومن بينها عدم صلوحية الفضاء المخصص للطفل من ناحية مساحة المتر الواحد المطلوبة لكل طفل وقاعة الاستراحة ومكان التمريض والوحدات الصحية للذكور وللإناث كل على حدة وساحة النشاط التي يجب أن لا تقل مساحتها عن 40 مترا وبها التجهيزات التي تراعي السلامة والوقاية من المخاطر الى جانب توفر العنصر البشري أي فريق المتعاملين مع الطفل. حيث يلجأ بعض أصحاب المحاضن الى الربح المادي دون مراعاة الجوانب البيداغوجية والصحية بعدم توفير فضاء مطابق للمواصفات من حيث المساحة والتهوئة والمساحات الخضراء وفضاء اللعب وايضا بعدم توفير منشطين مختصين في التربية وفي تنشيط الطفولة والاكتفاء بالمعينات لحراسة الأطفال وبعض الشبان لعملية مراجعة الدروس تعوزهم الشهائد العلمية والمؤهلات. خدمات تفتقر للجودة أسماء رياض الأطفال تتنوع بين أسماء الطيور والازهار وابطال الرسوم المتحركة الى تسميات «الروضة النموذجية» و«قوس قزح» و«قنوشو» وغيرها من الأسماء التي تبدو مغرية. مشهد البداية يتضح من الوقوف امام الفضاء المخصص كروضة أطفال او محضنة وأحيانا يجمع الفضاء بين المسؤوليتين رغم عدم صلوحية الفضاء. منزل متكون من غرفتين او ثلاث على أقصى تقدير. تغيب عنه اللعب المألوفة للأطفال سواء لعبة التزلج او الأرجوحة. كما تغيب المساحات المعشبة. وسط غرفة مبلطة حلق عدد من الأطفال حول طاولة من أربعة كراس هجرها الأطفال الى اللعب والدوران والتحلق والجري بينما وقفت المؤطرة عند الباب تمنع خروج الأطفال او متأهبة لاصطحابه الى دورة المياه. هذا أقصى وأفضل ما يتوفر بمعظم روضات مدينة القيروان وما خفي في الأرياف أعظم. ومع ذلك فان هذه المواصفات لا تستجيب لما جاء في فقرات كراس الشروط التي سبق تقديمها من الشروط الصحية والبيداغوجية. أما الأسعار فتتراوح بين 20 و30 دينارا شهريا لرياض الأطفال وتتجاوز ال50 دينارا بالنسبة الى المحاضن. ويتذمر العديد من الأولياء من رداءة خدمات مؤسسات رعاية الطفولة من محاضن ورياض الأطفال. وذلك بسبب افتقارها للتجهيزات الضرورية وعدم توفر الفضاءات الملائمة والإطارات المؤهلة علميا وبيداغوجيا. وهذا التذمر يصدر من الاولياء الذين توفرت لهم او بالقرب من مساكنهم هذه المؤسسات الطفولية. بينما يشتكي عدد كبير من العائلات من بعد هذه المؤسسات عن مساكنهم ومراكز عملهم ومع ذلك فان عددهم ليس اكثر من أولئك الذين لا يعرفون شكل ولا مداخل رياض الأطفال والمحاضن وذلك ليس في المناطق الريفية فحسب بل في أحواز المدينة التي تعد نحو 150 ألف ساكن ووسط المعتمديات ولعل مردّ ذلك هو نفور القطاع الخاص من الانتصاب والاستثمار في تلك المناطق لأسباب اجتماعية (بطالة الوالدين) واقتصادية او ديمغرافية. أحد الأولياء (بالقيروان) أكد انه زار عددا كبيرا من رياض الأطفال بحثا عن واحدة تكسب ثقته واطمئنانه في ايداع ابنه الصغير فيها من جميع النواحي التربوية والصحية. واكد انه لم يوفق في ذلك رغم بحثه بسبب رداءة الاوضاع داخل معظم رياض الأطفال التي زارها حسب قوله خصوصا بالأحياء الشعبية. واكد وجود حالات من التسيب وضعف الإمكانيات وغياب النظافة والشروط الصحية وغياب الإطار المختص وهذا ما جعله يسحب ثقته من هذه المؤسسات الى حين تدارك النقائص. وطالب ان يتم تطبيق كراس الشروط على هذه المؤسسات واجراء زيارات تفقد للوقوف على التجاوزات الموجودة. المرافقة البيداغوجية من جهة ثانية تعد مسألة غياب المرافقة البيداغوجية من اهم ما يشغل بال أولياء الأطفال والمهتمين بالشأن الطفولي والتنشئة السليمة للأطفال وفق المناهج التربوية العلمية السليمة. غير ان ما يلاحظ هو تعويل أصحاب روضات الأطفال، ومعظمهم باعثو مشاريع من اصحاب الشهائد العليا، على أعوان ومرافقين غير مختصين بل ويفتقرون الى مستويات تعليم مؤهلة في التعامل مع الطفولة. وعن نقص بل وغياب المرافقة البيداغوجية، أكد أحد المساعدين البيداغوجيين انه ما من إطار بيداغوجي يزور هذه المؤسسات. واذا كان بعض المؤطرين بالروضات يعتمدون مناهج الكتب حسب أعمار الأطفال(كتب واقراص مضغوطة)، فان ذلك لا يكفي بحسب احد المساعدين البيداغوجيين لأن هذه الكتب تحتاج الى مرافقة ميدانية من المرشدين وهو ما لا يتم بسبب مقاطعة هذا القطاع لمؤسسات الطفولة بسبب خلافات إدارية تتعلق بالأجرة وتوزيع الاطار البيداغوجي. وبالتالي فان التفقد متعطل الى حين يولي المسؤولون بالجهة أهمية للقطاع كما ينتظر ان تصل قوافل المراقبة من الجهات المعنية بوزارة شؤون المرأة والإدارة العامة للطفولة. تدارك النقص وفي هذا الخصوص اكدت السيدة فوزية جابر المديرة العامة للطفولة بوزارة شؤون المرأة، ان نسبة التغطية لرياض الاطفال بجهة الوسط من سيدي بوزيد والقصرين والقيروان تشكو من نقص هذه المؤسسات. وتتراوح بين 10 و20 بالمائة أي دون المعدل الوطني. كما اكدت وجود مساع نحو توسعة نسبة تغطية مؤسسات الطفولة وخصوصا بالمناطق الداخلية عبر إحداث رياض أطفال من خلال التشجيع على الاستثمار داخل المناطق الريفية والمناطق ذات الكثافة السكانية الضعيفة وتشجيع الجمعيات التنموية على التدخل والاستفادة من المنح (14 ألف دينار) وفتح رياض أطفال ذات معلوم في متناول الأولياء. وبينت ان ذلك يهدف الى تمكين الطفل من فرصة الالتحاق بمؤسسات الطفولة (المبكرة) من محاضن ورياض أطفال بما يسمح للطفل من تكوين شخصيته وبيداغوجيته من خلال اللعب واللغة الحسية وفق دليل بيداغوجي يضبط طرق تأهيل مروضات الأطفال وذلك قصد تنمية القدرات النفسية والذهنية للطفل في هذا الوسط وفق أسس تربوية علمية سليمة. ولا شك ان القطاع يحتاج الى متابعة وتفقد وإجراءات مكثفة لفائدة الطفولة لاسيما وان الجهات المختصة أكدت في منتديات سابقة أهمية هذه المؤسسات في التنشئة النفسية والتربوية.