تونس (وات)- قال وزير الثقافة مهدي مبروك انه لا وصاية اليوم على الثقافة في تونس ،مبينا ان السياسة الثقافية لن تعكس توجهات اي طرف كان بل ستكون الثقافة حرة ترتقي بالذائقة الفنية لشعب الثورة،ولا قيود على مبدعيها وصانعي الفعل الثقافي. وأضاف في لقاء أجرته معه وكالة تونس افريقيا للانباء "وات" الخميس بمقر الوزارة أنه لم يتلق أية تعليمات من رئيس الحكومة أو من الترويكا الحاكمة لكي يتم توجيه الثقافة يمينا أو يسارا بل اتفق معهم على ان يقدم برنامجا إصلاحيا لهذا القطاع يدعم مكاسبه ويرفع القيود التي كانت تكبل أهله. وحول التوجهات الكبرى لبرنامج عمله قال الدكتور مهدي المبروك،الذي رغم اختصاصه في علم الاجتماع،فهو ابن الوزارة وعمل بها لأكثر من عقد،انه سيعمل مع أهل الاختصاص على تطوير الترسانة التشريعية للقطاع الثقافي التي تعد في نظره إحدى المعضلات الأساسية التي حدت من تحقيق النقلة المنشودة في المجال. وأوضح في ذات السياق ان تطوير المنظومة التشريعية لا يعنى البتة وضع قيود على المبدعين بل تامين حقهم في تقديم اعمالهم في صورة تليق بثورة هذا الشعب وبتونسالجديدة التي ينشد الجميع ان تكون مثالا للحرية المسؤولة ومهدا للديمقراطية وكرامة الإنسان وبالتالي كرامة المبدعين. وحول أولويات الملفات المعروضة عليه قال الوزير ان جميع الملفات لها نفس الأهمية والاستعجالية حيث تعاني تقريبا كل القطاعات من مشاكل عدة ،مثنيا في سياق متصل على الجهود التي بذلها سلفه عزالدين باش شاوش حيث مهد أرضية للعمل قدر الإمكان. وبين ان نفس المدة الزمنية ستتاح له تقريبا للقيام بإصلاحات بعضها على المدى القصير وأخرى على المتوسط والبعيد. وأكد انه سيواصل ما بدأه باش شاوش من آليات لحماية التراث، حيث شهد التراث الوطني انتهاكات عدة حتى بعد الثورة تعكس هشاشة المدونة التشريعية التي تحمي هذا القطاع ملاحظا ان المحافظة على التراث تعد رمزا لاعتزازنا بتاريخنا وحضارتنا. وحول قطاعات المسرح والسينما والموسيقى قال المبروك انه على اطلاع بما تشهده هذه القطاعات من مشاكل وسيشرع في الأيام القليلة القادمة في التنقل شخصيا إلى جل الفضاءات الثقافية التي تحتضن هذه الفنون الخاصة منها والعمومية وفي كامل تراب البلاد ليكون في اتصال مباشر مع أهل المهنة وليعاين النقائص التي تعرقل الحركة الإبداعية. وأكد وزير الثقافة ان المبدع رفعت عنه ثورة 14 جانفي القيود التي كانت تكبله ولكنه لم يشهد إلى حد الآن فعلا ثقافيا يعكس هذه الحرية التي منحها له شهداء هذا الشعب، مبررا انه ربما لا تزال في داخل البعض "توجسات وخيفة من شيء ما"، داعيا إياهم إلى تحرير أنفسهم وإطلاق العنان لروح الإبداع فيهم. وحول التظاهرات الثقافية الكبرى قال مبروك ان أيام قرطاج المسرحية ثابتة في موعدها أي بداية من 6 جانفي القادم آملا ان تعكس الأعمال الوطنية التي ستقدمها ما يطمح إليه الشعب التونسي من رقي فني،موضحا ان الوقت لا زال مبكرا للتفكير في إقامة بقية التظاهرات الثقافية قبل إدخال إصلاحات سريعة على مختلف القطاعات. وإجابة عن سؤال حول مصير "مدينة الثقافة" قال مهدي مبروك ان الوزارة لم تتسلم بعد هذا الصرح الثقافي الهام لتحدد مصيره ،مضيفا ان هذا المشروع بيد القضاء وهو ما ينسحب أيضا على اللوحات الفنية لتشكيليين تونسيين يمثلون أجيالا متعاقبة وتعد بالآلاف في مخازن الوزارة وسرق واتلف منها الكثير. وختم مهدي مبروك حواره مع وات بالتأكيد "ان التخوفات التي يحملها البعض تجاه توجهات الحكومة الحالية تدخل في إطار محاسبة النوايا وهو ما يتطلب منا إعطاء الثقة لبعضنا البعض من أجل إتاحة الفرصة لخدمة هذا الشعب ووضع اللبنات الأولى لتأسيس جمهورية ثانية قوامها الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان."