تونس (وات)- تجريب بين الواقعي والافتراضي بالاعتماد على الحركة والمشهدية ، تلك هي الاختيارات الجمالية التي انتهجها المخرج التونسي أنور الشعافي في مسرحيته "ترى ما رأيت" إنتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين في اختتام الدورة 15 لأيام قرطاج المسرحية مساء الجمعة بالمسرح البلدي بالعاصمة. تنطلق مشاهد المسرحية بإيحاءات حول المرض والوهن والموت وسط شبه غياب للديكور والنص التقليدي لتحل محلهما الحركات والتعبيرات الجسدية الفردية والجماعية نفذها ثلة من الممثلين والممثلات من خريجي المعاهد العليا للمسرح وهم نجيب بن خلف الله وجلال عبيد ونورشان شعبان وفاطمة بنور وجهاد الفورتي ومكرم المانسي ووليد الخضراوي. فاللغة المسرحية في هذا العمل تجاوزت الفضاء الركحي المحدود لتمتد إلى فضاء أرحب تتواصل فيه المشاهد المسرحية مع اللقطات السينمائية لتخرج الحكاية من الركح إلى الشاشة في صميم عملية توليف بين الواقعي والافتراضي . هذه التقنيات الفنية اعتمدها المخرج للغوص في دلالات الشعور بالألم النفسي والاغتراب في زمن تنتهك فيه أفكار المثقف وتغتال فيه الكلمة الحرة المعبرة فتصاب الذات الواعية بالشلل وهي في صميم بحثها عن الأمل في الانعتاق من قيود الدكتاتورية والاستبداد . نص المسرحية مقتبس من ديوان للشاعر التونسي المهاجر كمال بوعجيلة عنوانه " ترى ما رأيت " حيث عاش هذا الشاعر تجربة مريرة في المهجر وحيدا وهو يعاني من المرض دون أن يجد من يؤنسه في غربته وقد حاول المخرج أنور الشعافي توظيف خبرته في المسرح التجريبي لنقل هذه التجربة المضنية بالاعتماد على تقنية التقطيع الفني القائمة على مسرح الحركة والإيماء و الصورة. مسرحية "ترى ما رأيت" التي تعد باكورة الأعمال الفنية لمركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين أرادها المخرج ان تكون رؤية مختلفة عن السائد من خلال فسح المجال للمنطوق الجسدي والمزج بين الواقع الركحي والخيال الافتراضي والمراوحة بين المشاهد المسرحية والمشاهد السينمائية.