تونس (وات) - رأى عدد من المسيرين الشبان أن حياد الإدارة أمام تعدد الأحزاب في تونس ما بعد الثورة، يمر حتما عبر تغيير العقلية الإدارية باتجاه محورتها حول خدمة المواطنين على قدم من المساواة ودون تمييز على أساس الانتماءات السياسية أو الجهوية أو الدينية أوالعقائدية وفي استقلالية تامة عن السلطة التنفيذية. وأكدوا خلال لقاء عقده مركز المسيرين الشبان يوم الأربعاء بمنطقة البحيرة بالعاصمة حول "حيادية الإدارة أمام تعدد الأحزاب السياسية"، أن ترسيخ حيادية الإدارة يبقى رهين إرساء عدد من الآليات منها تقريب خدمات المحكمة الإدارية من الجهات وإضفاء الشفافية والنجاعة والسرعة على أدائها وكذلك تعزيز عمل دائرة المحاسبات. وتم في ذات الإطار التأكيد على أهمية تطبيق القوانين والإجراءات بشكل صارم في المعاملات الإدارية وتعزيز آليات الرقابة والمتابعة على أداء الإدارة التونسية. كما شددوا في سياق الحديث عن هذه الضمانات على ضرورة تكريس حرية الإعلام واستقلاليته وكذلك إعداد ميثاق يضمن تمتع المواطن بخدمات إدارية ذات جودة فضلا عن ترشيد التصرف في الموارد البشرية في القطاع العام وتكريس شفافية الانتدابات فيه وتعزيز يقظة مكونات المجتمع المدني. وأكد الوزير المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو في مداخلة خلال هذا اللقاء أن //أداء الإدارة التونسية ليس على الدرجة من السوء التي يروج لها البعض، وهي في حل من سيطرة أي أطراف حزبية مهما كانت// مشيرا إلى أن الوزارة ماضية في تعزيز الأجهزة الرقابية وتطوير صلاحياتها في الرقابة على المال العام وتطوير أداء المحكمة الإدارية وتعزيز مناخ الاستثمار في البلاد. وبين أن تونس ما بعد الثورة لم تعد تسمح بتعطيل أي نشاط اقتصادي بقرار سياسي خاصة في ظل استقلالية القضاء وحرية الإعلام مؤكدا انفتاح الحكومة على الحساسيات والآراء والمبادرات البناءة من اجل استغلال فرص إنتاج الثروات ودعم دور البعثات الدبلوماسية في جلب الاستثمارات الخارجية. وأشار من ناحية أخرى إلى الجهود المبذولة للتقليص من التعقيدات الإدارية وتطوير الإدارة الالكترونية ومراجعة آجال دراسة الملفات وتعصير مختلف الإجراءات التي يجب أن تكون الفيصل في المعاملات الإدارية بهدف تيسير قضاء شؤون المتعاملين مع الإدارة وتسهيل اجراءات الاستثمار. ومن جانبها شددت رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وداد بوشماوي على ضرورة إدخال جملة من الإصلاحات على الإدارة التونسية لضمان حياديتها والفصل بين الالتزامات السياسية والمهام الإدارية والتخفيف من حدة البيروقراطية لان المناخ العام للاستثمار غير مشجع خاصة لدى المستثمرين الأجانب الذين ينتظرون مؤشرات قوية من الحكومة لطمأنتهم. وأشارت إلى أن الصورة التي تبثها بعض وسائل الإعلام العالمية عن تونس والتي أسهم في نحتها الإعلام التونسي بقدر كبير جعلت بعض المستثمرين الفرنسيين يؤجلون زيارة عمل إلى تونس كانت مبرمجة خلال النصف الثاني من شهر مارس القادم. أما الكاتب العام للأكاديمية الدولية للقانون الدستوري غازي الغرايري فأكد أن ضمان حياد الإدارة ليس في علاقة عضوية ببعض الشروط القانونية والفنية وهو يرتكز بالأساس على ضمان استقلالية الهياكل العمومية وفصل الهيئات المختصة عن وزارات الإشراف على غرار فصل مجلس المنافسة عن وزارة التجارة وهيئة السوق المالية عن وزارة المالية. كما أبرز ضرورة حياد الإعلام وإدراج مبادئ حياد الإدارة كمادة في التكوين صلب المناهج الدراسية بالمدرسة الوطنية للإدارة. وسيتم رفع مختلف الاقتراحات التي تقدم بها المسيرون الشبان إلى الحكومة للاستئناس بها في عملية إصلاح الإدارة التونسية.