تونس (وات) - أكد المتدخلون في الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية التي نظمتها يوم الخميس جمعية "تونسيات" تحت عنوان "اي دور للمراة في التنمية؟" على حجم التحديات الحقيقية التي تعوق المشاركة الفعلية للمراة التونسية في مختلف مجالات الحياة رغم اهمية ما تحقق لها من مكاسب والمكانة التي تضطلع بها صلب المجتمع. وبين المشاركون في هذه الندوة ان دفع عجلة التنمية ورفع التحديات الراهنة في تونس ما بعد الثورة لن تتحقق الا عبر تعبئة كل الطاقات والقدرات البشرية بما فيها النساء، مبرزين ان النساء يحتجن الى فتح مزيد من الافاق امامهن وتوفير الاليات والاطر الضامنة والمكرسة لمساهمتن الفاعلة في بناء تونسالجديدة. واكد ممثل البنك الافريقي للتنمية ايمانويل سانتي ان الحفاظ على مكاسب المراة هو اصعب بكثير من الحصول عليها وهو ما يستدعي عملا مضاعفا للحد من عدة مظاهر سلبية على غرار العنف المسلط على النساء وانتشار الفقر والبطالة في صفوفهن وعدم المساواة امام فرص التشغيل. ومن جانبها تساءلت وزيرة شؤون المراة سهام بادي عن اسباب التضارب بين الخطب والشعارات الداعمة لحقوق المراة وبين ما تعيشه من تهميش اقتصادي واجتماعي وسياسي مقارنة بوضع الرجل. ويعزى هذا الخلل ، بحسبها، الى غيابها عن مناطق الفعل والنفوذ وهو ما يستوجب التخلي عن الانتظار والسلبية والمبادرة بفرض ذاتها كشريك فعلي في شتى اوجه الحياة العامة. وحول حدود وامكانيات مشاركة المراة في الانتقال الديمقراطي، تحدث الاستاذ الجامعي والباحث في علم الاجتماع عبد الستار بن رجب عن العقليات والممارسات التي تعوق تحرير هذه المشاركة. واوضح ان هذه التحديات يشترك فيها الرجل والمراة على حد السواء وتعززها المؤسسات عبر جملة من الممارسات. ويرى هذا المتحدث ان المدخل الاجرائي للتحرر من التناقض بين الخطاب والممارسة في ما يتعلق بحقوق المراة يجب ان يكون بصناعة رموز نسائية تمثل واجهة للتخطيط الاستراتيجي. وتجسد الارقام والمعطيات الاحصائية التي قدمها يامن هلال عن المعهد الوطني للاحصاء الصورة الاقرب لواقع المراة في تونس اليوم، ذلك انه في مقابل التفوق العددي للنساء على حساب الذكور عامة وفي صفوف الطلبة خاصة بنسبة تعادل 61 فاصل 2 بالمائة سنة 2011 لا تزال معدلات توظيف المراة في حدود 29 فاصل 9 بالمائة مقابل 70 فاصل 1 بالمائة للذكور. ولا تزال مشاركة المراة في الحياة السياسية جد محتشمة اذ ان 7 بالمائة فقط من القائمات التي ترشحت لانتخابات المجلس الوطني التاسيسي تراسها نساء، بينما لم تتجاوز نسبة عضوية المراة صلب هذا المجلس 26 بالمائة. ويتطلب هذا الوضع تكثيف برامج محو الامية والنهوض بالمراة وتعزيز قدراتها على التاهل للحصول على فرص عمل افضل وتيسير دخولها الى سوق الشغل كشريك فاعل في دعم الاقتصاد الى جانب تعزيز مشاركتها في الشان الوطني العام. وتهدف هذه الندوة التي تندرج في اطار تمكين المراة وتفعيل دورها ودمجها في مسيرة التنمية والتطوير والتحديث لتونس ما بعد الثورة الى تعميق التفكير في سبل النهوض باوضاع المراة وتلافي المعوقات والنقائص التي تحول دون مساهمتها الفعلية في مختلف مجالات الحياة. ويتضمن برنامج هذه الندوة التي حضرتها عديد الشخصيات وممثلي الهياكل الوطنية والدولية، جملة من المداخلات والورشات لمناقشة واقع وافاق دور المراة في التنمية بتونس ما بعد الثورة.