لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث السيدة ليلى بن علي حرم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية لفائدة مجموعة « Arabies »
نشر في أخبار تونس يوم 23 - 05 - 2009

السؤال (1): ماذا تمثّل رئاسة تونس لمنظّمة المرأة العربيّة بالنسبة لكم؟
الجواب:
إنّ رئاسة تونس لمنظّمة المرأة العربيّة تعبّر في المقام الأوّل عن تقدير الدّول العربيّة لتونس كبلد رائد في مجال النّهوض بأوضاع المرأة وتعزيز منظومة حقوقها وعن تثمين إسهامها في ترسيخ مسار الحداثة والتطور.
كما أنّها تعكس الثّقة في قدرة تونس على دفع التّعاون في مجال الارتقاء بمكانة المرأة العربيّة وذلك انطلاقا من حرصها على الإسهام الفاعل في الرّفع من شأن المرأة في المجتمعات العربيّة وتعزيز حضورها ودورها وتطوير قدراتها وإمكاناتها، سواء كان ذلك صلب منظّمة المرأة العربيّة أو عبر مختلف الهيئات الإقليميّة والدّوليّة.
ومن منطلق دعم تونس للعمل العربي المشترك وإرساء آلياته الفاعلة واكبت بلادنا مختلف مراحل تأسيس هذه المنظّمة. وكانت في مقدمة البلدان العربية التي بادرت بالتوقيع على اتفاقيّة إنشاء هذه المنظّمة والمصادقة عليها. وقدمت عديد المقترحات والتصورات لبرامج عملها وأهدافها.
كما أسهمت تونس في وضع الآليات الكفيلة بتطوير قدرات المنظّمة لخدمة قضايا المرأة العربيّة بالنّجاعة والالتزام الضروريّين تعزيزا للتضامن بين النّساء العربيّات باعتباره من العناصر الأساسيّة للتضامن العربي بوجه عام.
وإذ أعبّر باسمي الخاص وباسم جميع التونسيات والتونسيين عن امتناننا وشكرنا لكلّ الشقيقات العربيات اللاتي حمّلن تونس مسؤولية رئاسة منظّمة المرأة العربيّة في ظرف تاريخي تزداد فيه حاجة العرب إلى مزيد دعم مسيرة التطوير والتحديث التي انخرطوا فيها إراديّا من أجل الارتقاء بأوضاع بلداننا من خلال إعادة الاعتبار لدور المرأة، فإنّني أؤكّد أنّ ثقتهنّ في تونس هي تكليف لا تشريف. إنها ثقة تحمّلنا مسؤوليّة مضاعفة الجهد من أجل أن نكسب جميعا رهان النهوض بأوضاع المرأة والأسرة العربيّة وكسب رهانات الإصلاح والتحديث.
إنّ أملنا كبير في أن تكون رئاسة تونس لمنظّمة المرأة العربيّة فرصة لتمتين جسور العمل العربي المشترك ودفع آليات ومجالات التّعاون والشّراكة بين البلدان العربيّة وتكثيف تبادل الخبرات والتّجارب وتوسيع الاستفادة منها.
وإنها أيضا فرصة متجدّدة لتونس لتقديم الإضافة والإفادة من خلال مبادرات وتصوّرات استشرافيّة مستمدة من تجربتها النموذجيّة الناجحة في مجال تطوير أوضاع المرأة بما يدعم مكانتها العربية ويعزّز حضورها الفاعل في مختلف المجالات.
السؤال (2) : ما هي الأهداف التي تصبون إلى تحقيقها من خلال رئاستكم للمنظّمة وما هي المجالات التي تعتزمون التركيز عليها؟
الجواب:
أرى من الواجب أولا أن أعبّر عن شكري وتقديري الكبيرين لصاحبات الجلالة والسمو السيدات الأول اللاتي تولين بكلّ كفاءة واقتدار رئاسة المنظّمة منذ إحداثها وساهمن في إرساء أسسها وبذلن جهدا متميّزا لتحقيق أهدافها.
إنّنا سنعمل على مواصلة المسيرة الموفّقة التي شرعت منظّمة المرأة العربيّة في رسم معالمها وتجسيم أهدافها من أجل أن يكون للمرأة العربيّة موقع متكافئ مع الرجل في الشأن العام ورسم السياسات وفي تحقيق تطلّعات المجتمعات العربيّة إلى مزيد الرقيّ والنّماء. وسنبذل كلّ الجهود من أجل مساهمة فاعلة لتحقيق هذا الطموح المشروع .
ولئن كان وضع برامج تونس الخاصّة بفترة رئاستها للمنظمة (2011-2009) يعود لاجتماع المجلس الأعلى للمنظّمة في شهر جوان القادم ، فإنّني أؤكّد أنّنا سنعمل من أجل أن تكون تونس خلال هذه الفترة عاصمة للمرأة العربيّة بامتياز، مستندين في جهودنا إلى رصيد ثوابتنا التونسيّة ومن أهمّها التمسّك بقيم التّضامن والحوار والتسامح والانفتاح والحداثة والالتزام بمناصرة حقوق المرأة والدّفاع عنها باعتبارها شريكا في مسار التنمية والتّحديث في مجتمعاتنا.
وإذا كان من الطبيعي أن نواصل السّهر على إنجاز المشروعات التي يتمّ تنفيذها حاليّا فإنّنا سنعطي إشارة انطلاق تنفيذ إستراتيجيّات وبرامج أخرى تستجيب لتطلعات المرأة العربية. وسيتمّ التّركيز على أنشطة مستحدثة الأبعاد والمضامين تولي المجالات الاقتصاديّة والاجتماعية والتعليمية الثقافيّة والاتّصاليّة والرياضيّة ما تستحقه من أهمية بما ينعكس إيجابا على أوضاع النّساء العربيّات ويسهم في تدعيم قدراتهن في مختلف الميادين والمجالات.
وسنعمل على توفير المزيد من الآليّات لتمكين المرأة العربيّة من فرص أوسع للمشاركة في التنمية وفتح مزيد من الآفاق أمامها.
ولمّا كان من مهام المنظمة تصحيح صورة المرأة العربية، فإننا سنركز جهودنا على اعتماد خطّة عمل تيسّر انفتاح المنظّمة على محيطها الخارجي وتنمية قدراتها على التفاعل الايجابي مع التجارب الناجحة بما يؤمن اضطلاع المنظمة بدورها في هذا المجال.
إنّنا سنسعى إلى أن تشهد فترة الرّئاسة التونسيّة قطع أشواط جديدة يتعزّز بها حضور المنظّمة كرافد أساسي في العمل العربي المشترك والفضاء الأمثل لتعزيز تضامن النساء العربيات وتفعيل دورهن بما يزيد مكانة المرأة العربيّة رسوخا في مختلف أوجه الحياة.
السؤال (3): كيف تقيّم السيدة ليلى بن علي التطوّر الذي حققّته المرأة التونسيّة؟
الجواب:
إنّ المسار الذي قطعته المرأة التونسيّة على درب التطوّر والتحرّر والتحديث يتّصف بالتواصل والإضافة والتطلّع إلى الأفضل.
ولئن كانت مجلّة الأحوال الشخصيّة التي صدرت منذ عام 1956 على يد الزّعيم الرّاحل الحبيب بورقيبة حجر الأساس للنّهوض بأوضاع المرأة التونسيّة في مختلف مجالات الحياة، وعنوان رهان تونس على المرأة والارتقاء بحقوقها إلى المساواة مع الرّجل في التّشريع والممارسة، فإنّ هذا التقدّم قد شهد نقلة نوعية منذ تغيير 7 نوفمبر 1987 بفضل إصلاحات ومبادرات عميقة وشاملة اتخذها الرئيس زين العابدين بن علي أفضت إلى وضع منظومة متكاملة من التّشريعات والقوانين حول الأسرة والطّفولة وحقوق الإنسان، تدعّمت بمجموعة أخرى من الإجراءات والبرامج الموجهة للمرأة التونسيّة، وأصبحت تميّزها عن نظيراتها في محيطها الإقليمي والدّولي جعلت من قانون الأحوال الشخصيّة في تونس أهمّ مدوّنة عربيّة برؤيتها المتقدّمة وبعدها الشامل.
لقد نزّلت حركة التغيير بإرادة من الرئيس بن علي حقوق المرأة وإثراء مكاسبها منزلة البعد الرئيسي من أبعاد حقوق الإنسان، وذلك
من منطلق الايمان بأنّ الشراكة بين المرأة والرجل في تصريف شؤون الأسرة والمجتمع سبيل للتّقدّم، وان دور المرأة في كسب رهانات المستقبل ينبغي أن يكون معاضدا لدور الرجل.
وتجسّمت هذه الرؤية الحضاريّة في سياق سياسات اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة كرست واقعا أكثر تقدّما، كان كفيلا بفتح مزيد الآفاق أمام المرأة التونسيّة في جميع الميادين.
وكرّست هذه الرؤية مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ورسّخت مفهوم الشّراكة بينهما في كلّ شؤون الحياة.
وقد عزّزت هذه الإصلاحات رصيد مكاسب الأسرة التونسيّة ودعمت موقع المرأة كشريك فاعل في المجتمع وحضورها في الحياة العامّة.
إنّ المرأة التونسيّة تجاوزت اليوم طور الذود عن حقوقها إلى مرحلة الارتقاء بمكاسبها ومكانتها كشريك فاعل في مسيرة البلاد بعدما انخرطت في شتّى ميادين العمل والإنتاج والاستثمار، واكتسبت من المهارات والكفاءات، ما جعلها تحتلّ اليوم أرفع المراتب وأعلى المناصب في المجتمع التونسي.
فالمرأة التّونسيّة تمثّل اليوم نسبة 30 بالمائة من السكّان النشيطين، وبلغ عدد النّساء صاحبات المال والأعمال ما يفوق 10 آلاف امرأة، كما سجّلت المرأة حضورها في قطاعات كانت حكرا على الرجال مثل سلك القضاء الذي تمثّل المرأة فيه اليوم نسبة 33 بالمائة وسلك المحامين الذي تمثّل فيه نسبة 13 بالمائة وسلك الأساتذة الجامعيين الذي تمثّل فيه نسبة الثّلث إلى جانب حضور المرأة بنسبة 23 بالمائة في الوظائف الإداريّة السّامية.
ولعلّ من أبرز المؤشّرات دلالة، تلك التي تتعلّق باتّساع مجال مشاركة التّونسيّات في الحياة العامّة وحضورها المتنامي في مواقع القرار والمسؤوليّة ومشاركتها في تحديد الخيارات الوطنيّة والتنمويّة الكبرى وتكريس المشروع الحضاري لتغيير 7 نوفمبر 1987.
فالمرأة التّونسيّة هي اليوم متواجدة في مختلف مراكز القرار والمسؤولية وتبلغ نسبة حضورها في البرلمان 23 بالمائة و في المجالس البلديّة ما يقارب 28 بالمائة. وتستأثر في السّلك الدبلوماسي بنسبة 20 بالمائة، دون أن ننسى انخراطها الفاعل في الشأن العام الذي اقترن بتطوّر ملحوظ لعدد الجمعيّات النسائيّة الذي يفوق 30 جمعيّة.
وارتفاع نسبة المشاركة في الحياة العامة دليل على إيمان تونس بأنّ في تفعيل دور المرأة دفعا لحركة تطور المجتمع، وتوسيعا لقاعدة المشاركة والبناء الدّيمقراطي، وهو البناء الذي ما انفك الرئيس بن علي يؤكد باستمرار على أنّه لا يكتمل من دون مشاركة فاعلة للمرأة.
وإذا ما أدركنا أنّ مجالات التربية والتّعليم والتّكوين قد فُتحت جميعها أمام المرأة إذ تناهز اليوم نسبة طالبات مرحلة التعليم العالي 60 بالمائة من طلبة الجامعات ونسبة المتخرّجات من مختلف التخصّصات 60 بالمائة فضلا عن أنّ نسبة تمدرس الفتيات في سنّ السادسة قد فاقت 99 بالمائة، فإنّه يمكننا الجزم بأنّ مستقبل المرأة في تونس واعد ومشرق.
إنّ المرأة التونسيّة اليوم على وعي عميق بوظائفها في الأسرة كشريك وأمّ ومربّية، وهي مدركة لأهميّة دورها في تماسك المجتمع وتوازنه واستقراره، إذ تساهم بنجاعة في صناعة مستقبل تونس وتوفير مقومات كسب رهاناته.
السؤال (4): وكيف يمكن للمرأة العربيّة أن تستفيد من هذه التّجربة الرّائدة؟
الجواب:
أشير في البداية إلى أنّ مسيرة تحرير المرأة العربيّة والنّهوض بأوضاعها تتطلّب مراعاة الواقع الاجتماعي والخصوصيات الثقافية ودرجات التقدّم المسجّلة في هذا البلد العربي الشقيق أو ذاك.
وأقول بوضوح وصراحة إنّّنا نرى في قانون الأحوال الشخصية في تونس تجربة رائدة أثبتت الأيام رؤيتها المتبصرة والثاقبة، ونحن في تونس بقدر ما نرفض أن نتلقّى الدروس من أحد، فإنّنا في المقابل ننأى بأنفسنا عن إعطاء الدروس للآخرين، ولا نسعى بالمرّة إلى فرض تجاربنا أو رؤانا.
ومن هذا المنطلق، أعتقد أنّه موكول لغير التّونسيين من الأشقّاء العرب تحديد كيفيّة الاستفادة من التجربة التّونسيّة في عمليّة النّهوض بأوضاع المرأة في المجتمعات العربيّة ووفقا لما تنطوي عليه من خصوصيات.
إنّ المقاربة التونسيّة في مجال النهوض والرقي بالمرأة باتت معروفة سواء من حيث أهدافها ومضامينها وبرامجها أو من حيث الآليات والاستراتيجيات المعتمدة لتحقيقها. إنها مقاربة صيغت بمفردات تونسية عربيّة إسلاميّة وبخلفيّة حضارية نهلت من ينابيع الاجتهاد والتنوير والحداثة بمعنى أنّها تجربة تمتلك كلّ مقوّمات هويّة الشخصية التونسية وتتنزّل في صميم مقتضيات العصر.
وما يمكن أن أقوله هو أنّ تونس تولي التّعاون والتّواصل مع الأشقاء عناية فائقة ولا تتوانى في دعم كلّ ما يعزّز روابط الأخوّة والتضامن بين البلدان العربيّة، وتعمل باستمرار على تبادل الخبرات والتّجارب سواء في مجال النّهوض بالمرأة والأسرة أو غيرها من الميادين.
وبحكم اعتزازها بانتمائها العربي الإسلامي وبحكم عضويتها الفاعلة في كلّ هياكل العمل العربي المشترك ومؤسساته تضع تونس كلّ قدراتها وتجاربها وخبراتها على ذمّة شقيقاتها وأشقّائها متى ما طلب منها ذلك.
السؤال(5) : ما السّبيل لمزيد تفعيل مشاركة المجتمع المدني في النّهوض بأوضاع المرأة العربيّة وتعزيز دورها في مسار التنمية في الوطن العربي؟
الجواب:
إن النّسيج الجمعياتي مقوّم أساسي في بنية المجتمع المدني، وأصبحت حاجة المجتمعات إليه ضرورة لما يترجمه من تعاون وتضامن ودفع للعمل التطوّعي يشمل مختلف الميادين والقطاعات الاقتصاديّة منها والاجتماعيّة والثّقافيّة، وهي جزء لا يتجزّأ من عوامل التنمية والتقدّم والتحديث ومن آليات ترسيخ التّوازن بين الفرد والمجموعة.
وإذا كان مطلوبا اليوم تكريس مفهوم الشّراكة بين مؤسّسات الدّولة والجمعيّات الأهليّة، فإنّه من البديهي القول بضرورة التكافل والتفاعل والتعاون بين جميع مكونات المجتمع المدني.
ومن هذا المنطلق، فإنّ إيماننا راسخ بأنّ للمجتمع المدني بكلّ أطيافه دورا حيويا في عمليّة الارتقاء بأوضاع المرأة والأسرة وتوفير المناخ الاجتماعي السليم للمرأة حتّى تمارس وظيفتها كاملة في تصريف شؤون الأسرة والمشاركة في مسيرة التّقدّم والتّحديث في البلاد العربيّة.
ولا شك أنّ المطلوب هو تفعيل الشّراكة وأطر التعاون بين منظّمة المرأة العربيّة والاتحادات النّسائيّة والجمعيّات الوطنيّة من أجل النّهوض بأوضاع المرأة وتعميق الوعي بقضاياها وتطوير الرّؤى الثقافيّة والإعلاميّة والاجتماعية من أجل دور أكبر للمرأة في تحقيق التّنمية الشاملة.
وإنّني أعتقد أنّه رغم الجهود القيّمة المبذولة، مازال أمام كلّ هذه الهياكل والجمعيات والمؤسّسات الكثير من العمل والجهد من خلال مزيد توظيف طاقات التحرّر التي يزخر بها مخزون مجتمعنا العربي الحضاري والفكري والإصلاحي، سواء لدعم ما تحقّق للمرأة العربيّة من مكاسب أو لتأمين القدرة على مواجهة ما ظلّ عالقا، في مجتمعاتنا، من رواسب في ما يتّصل بالمرأة وصورتها ودورها في الأسرة والمجتمع.
ولمّا كان موكولا للمرأة العربيّة إثبات قدرتها على الاضطلاع بأدق الأدوار في مختلف ميادين العمل والإنتاج، فإنّ المطلوب من المجتمع المدني مساعدتها على التسلّح بالمعرفة والمهارات التي تبقى أنجع الأدوات لإزالة العقبات التي تعوق مسيرتها وتحول دون قيامها بدورها التنموي بكلّ فاعليّة واقتدار.
وستكون فترة الرّئاسة التّونسية لمنظّمة المرأة العربيّة فرصة سانحة لإبراز مدى انخراط المجتمع المدني في الدّفاع عن قضايا المرأة. وسنحرص على إرساء شراكة فعليّة مع عدد كبير من الهياكل غير الحكوميّة العاملة في مجال النّهوض بالمرأة لإضفاء المزيد من النجاعة والحيويّة والفاعليّة على عمل المنظّمة.
السؤال (6) : ما هو رأيكم في تأثير نظام المحاصصة أو “الكوتا” في تطوير المشاركة السياسيّة للمرأة العربيةّ؟
الجواب:
يثير نظام المحاصصة أو ما يصطلح عليه أحيانا “بالتمييز الإيجابي” جدلا في جلّ دول العالم المتقدّمة منها والنّامية، وإن كان يهدف، كما هو معلوم، إلى تحسين نسبة مشاركة المرأة في الحياة العامّة وتطوير مساهمتها في صناعة القرار.
وتشير تقارير عديدة إلى ازدياد مساحة اللجوء إلى نظام المحاصصة في العالم حيث أنّ ما يفوق ال 80 دولة تعتمد هذا النّظام كصيغة مرحليّة لتجاوز رواسب الموروث الاجتماعي ومعوقاته، التي تحول دون تحقيق المساواة الفعليّة بين الجنسين وتمكين المرأة في مختلف المجالات السياسيّة منها والاقتصاديّة والثّقافيّة.
ويرى الذين يبدون تحفّظات على نظام المحاصصة أنّه يعطي فرصًا للمرأة على حساب الرّجل، وأنّه لا يعتمد مبدأ الكفاءة لإسناد مهامّ للمرأة، بل يذهب أصحاب هذا الاتّجاه إلى اعتبار المحاصصة خروجا عن مبدأ المساواة ذاته وتمشّيا لا ديمقراطيّا من جهة أنّه يمنح المرأة موقعا على أساس النّوع لا الكفاءة وبالتّالي ينال من مبدأ تكافؤ الفرص.
وإذا كانت مواقف أصحاب الرّأي الرّافض للمحاصصة قد تجد بعض وليس كلّ ما قد يسندها في المجتمعات المتقدّمة، فإنّ من شأن مبدأ المحاصصة في مجتمعاتنا العربيّة، التي لم تنخرط فيها المرأة كليّا في الحياة العامّة بسبب العديد من العقبات أو العراقيل سواء الاجتماعية أو القانونيّة، أن يكرس تجارب إيجابيّة في مشاركة المرأة في العديد من المجالات مثل الحياة النيابيّة أو البلديّة أو السياسيّة عموما، وتعزيز حضورها في هذه المجالات، وتعويد الرأي العام عليها في المشهد السياسي وفي دوائر القرار المختلفة، ممّا يخلق ديناميكيّة اجتماعيّة تساهم في الارتقاء بوعي فئات من المجتمع غير مستعدة لأن تُبوّْأ المرأة مواقع القرار والمسؤوليّة في ظلّ عادات وتقاليد موروثة تقتصر فيها المرأة على الاضطلاع بالثانوي من الأدوار، وتحرمها من خوض تجارب هامّة ترتقي بخبراتها وتصقل إمكانيّاتها وتنمّي كفاءاتها، رغم ما بلغته المرأة في بعض البلاد العربيّة من مستوى معرفي وعلمي كبير.
إنّ تأمين المشاركة السياسيّة للمرأة يظلّ حاجة تمليها شروط التّنمية الشّاملة التي تنشدها مجتمعاتنا، وهي تنمية لن تتحقّق إن لم تكن المرأة شريكا فاعلا فيها، ودون مساواة فعليّة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وتقاسمهما النّاجع للأدوار والوظائف داخل الأسرة وفي المجتمع.
ونحن نعتقد أنّ نظام المحاصصة عامل من العوامل وليس العامل الوحيد، الذي يساهم في تمكين المرأة العربيّة من ممارسة مسؤوليّاتها في تعزيز مسار الرّقيّ في بلادها.
ومن هذه المنطلقات اعتمدنا مبدأ المحاصصة في تونس كبداية، وهو ما سيمكّننا من بلوغ الهدف الذي رسمه الرّئيس زين العابدين بن علي في برنامجه لتونس الغد المتعلّق بحضور المرأة بنسبة 30 بالمائة على الأقل في مراكز القرار والمسؤوليّة مع موفّى سنة. 2009
ونحن نعتقد أنّنا قد لا نحتاج إلى مبدأ المحاصصة في مستقبل قريب لأنّ المرأة التونسيّة أثبتت جدارتها في المواقع التي تبوّأتها وتمكّنت من تولّي مسؤوليّتها عن جدارة كبيرة.
تبقى الإشارة إلى أنّ اللجوء إلى نظام المحاصصة لا يعفي المرأة من مسؤوليّتها في مواصلة النّضال من أجل تأكيد ذاتها واكتساب المهارات التي تؤهّلها إلى تحمّل المسؤوليّة وهو ما يتطلّب منها مزيد التّحصيل ومزيد الاهتمام بالشّأن السّياسي والشّأن العام واستكمال شروط المواطنة. كما أنّ على الدّولة والمجتمع العمل من أجل القضاء على كلّ مظاهر التّمييز ضدّ المرأة واعتماد التّشريعات والقوانين التي تجعل منها مواطنة كاملة الحقوق والواجبات. وكلّ هذا يحتاج إلى مشروع مجتمعي يقوم على ثقافة جديدة تنبذ كلّ مظاهر الإقصاء والتّهميش وترسّخ إدماج المرأة داخل المجتمع وتُعلي من مكانتها وتعزّز دورها لا في الحقل السّياسي فحسب وإنّما في عمليّة التّنمية الشّاملة التي تنشدها بلداننا العربيّة.
السؤال (7): وماذا عن دور منظّمة المرأة العربيّة في تعزيز الرّعاية بالشرائح النسائيّة ذات الاحتياجات الخصوصيّة، وذلك انطلاقا من دوركم الرّائد في هذا المجال في تونس؟
الجواب:
إن نظرتنا للمرأة ذات الاحتياجات الخصوصيّة لا تنطلق من كونها شريحة منفصلة عن المجتمع، بل نحن على قناعة راسخة بأنّها جزء من المجتمع، طموحاتها وتطلّعاتها لا تختلف عن تطلّعات النّساء عامّة وطموحاتهنّ، وأنّ الاهتمام بها شأنها في ذلك شأن غيرها من النساء في المجتمع.
إلاّ أنّ المرأة ذات الاحتياجات الخصوصيّة أحقّ بالرّعاية والاهتمام وأوْلى بتعزيز ثقتها بإمكاناتها، وقدرتها على المشاركة في خدمة مجتمعها.
ونحن نفهم خصوصيّة هذه الحاجيات على أساس أنّ الاهتمام بها يجب أن يكون مضاعفا وذلك بالنّظر إلى تعدّد حاجياتها وتنوّعها ممّا يستوجب برامج إحاطة تكون بدورها متنوّعة ومتعدّدة، منها ما يهتمّ بالجانب العضوي والجانب النّفسي والجانب الاجتماعي.
وتبقى الأولويّة المطلقة هي العمل من أجل دمجها في المجتمع وفي الدّورة الاقتصاديّة عبر السعي إلى تطوير كفاءاتها والاستفادة منها، وبذلك نقضي على بعد من أبعاد الإقصاء الذي تعاني منه المرأة عامّة، والمرأة ذات الاحتياجات الخصوصيّة بشكل خاص.
وهذا الدّور موكول لمؤسسّات المجتمع المختلفة وفي مقدّمتها الجمعيّات النّسائيّة المعنيّة بقضايا المرأة ومن بينها منظّمة المرأة العربيّة.
وسيكون من بين أهداف فترة رئاستنا للمنظّمة الخروج بإستراتيجية مشتركة تهدف إلى إدماج المرأة ذات الاحتياجات الخصوصيّة ضمن برامج تمكين المرأة في مختلف المجالات وبلورة برامج موجّهة إلى النّساء ذات الاحتياجات الخصوصيّة.
وستسعى هذه الإستراتيجية إلى ترجمة ما تعتمد عليه برامج الإدماج الاجتماعي من عناصر كالدّعم والوقاية والتّحسيس والحماية والمساعدة.
كما سنولي اهتماما كبيرًا لموضوع الاندماج الاقتصادي للمرأة ذات الاحتياجات الخصوصية من خلال الحرص على تحسين قابليتها للتشغيل والرفع من قدراتها ممّا يمكّن من تطوير واقعها اجتماعيّا واقتصاديّا وإنسانيّا، ويؤكّد حقّها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي ويمنحها فرصة المشاركة الإيجابيّة في المجتمع.
وستتاح لتونس فرصة التّعريف بتجربتها في مجال الإحاطة والرّعاية والتّشريع لكلّ الفئات ذات الاحتياجات الخصوصيّة، علما بأنّ هذا المفهوم قد تطوّر في تونس في ما يتعلّق بالمرأة ليتجاوز مفهوم الإعاقة العضويّة ليشمل حماية المراهقات والعناية بالمرأة الريفيّة وبالمرأة المهاجرة، والأمّ الحاضنة والأمّ السجينة الحامل والمرضعة، وكلّ هذه الحالات تندرج تحت عنوان المرأة ذات الاحتياجات الخصوصيّة التي تكفل لها القوانين التونسيّة اليوم حقوقها ومستلزمات العيش الكريم.
السؤال (8): لا يخفى عنكم الوضع المأساوي للشّعب الفلسطيني عامّة وللمرأة الفلسطينيّة على وجه الخصوص، ما الذي يمكن لمنظمة المرأة العربية أن تقوم به لدعم المرأة الفلسطينيّة؟
الجواب:
إنّ ما يتعرّض إليه الشّعب الفلسطيني الشّقيق من اعتداءات وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وتساقط شهدائه من الشّيوخ والأطفال والنساء الأبرياء بأشدّ الأسلحة فتكا وتدميرا، بقدر ما يثير فينا مشاعر الاستنكار والغضب، فإنّه يدعونا إلى اعتماد إجراءات عملية لحماية الشّعب الفلسطيني وتمكينه من صيانة مؤسساته التربويّة والثقافيّة وحماية معالمه الحضارية والتاريخيّة التي يحاول الاحتلال طمسها بكلّ الطرق.
وأغتنم هذه المناسبة لأجدّد تحيّة التّقدير والإكبار إلى المرأة الفلسطينيّة الباسلة لصمودها، ولكفاحها التاريخي و البطولي في التمسّك بهويتها والإحاطة بأسرتها والدّفاع عن أرضها، رغم قساوة الظّروف المحيطة بها، ووحشيّة ما تتعرّض إليه من عدوان.
ولا شكّ أنّ منظّمة المرأة العربيّة كانت منذ تأسيسها وستبقى سندا ونصيرا لا تفتر عزيمته في نصرة القضيّة الفلسطينيّة عامّة والمرأة والطّفل والأسرة الفلسطينيّة على وجه الخصوص. وستظلّ هذه القضيّة في جوهر عمل المنظّمة وعلى جدول أعمالها وأنشطتها طيلة مدّة رئاستنا لهذه المنظمة.
وفي هذا السّياق سنعمل على تفعيل ما سبق أن اقترحناه ودعونا إليه، وهو تكوين هيئة عربية تختص بكل ما من شأنه أن يساهم في حماية المرأة الفلسطينيّة والأطفال الفلسطينيين ويدعم صمودهم داخل الأراضي المحتلّة، ويعرّف بقضيتهم العادلة ويدافع عن حقّهم في الحرية وتقرير المصير على الصّعيد الدّولي ولدى منظّمات حقوق الإنسان.
إنّ ما عاشه الشّعب الفلسطيني من مآسي ومِحن يؤكّد حتميّة التضامن والتحرّك المشترك وفق منهج عملي وميداني، سنحرص على أن تكون منظّمة المرأة العربية جزءا فاعلا فيه، من أجل تأكيد حق الإنسان الفلسطيني في البقاء والنّماء والحياة الحرّة الكريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.