قرطاج (وات) - قدم المفكر والناشط والكاتب السياسي الفلسطيني عزمي بشارة بعد ظهر السبت بقصر قرطاج محاضرة عنوانها "السياقات التاريخية لانشاء أنماط العلمانية"، تحدث خلالها عن نشأة العلمانية وأصل مفهومها وكيفية استخدامها خلال القرون الوسطى وابان عصر النهضة في اوروبا وصولا إلى علاقتها بالعالم العربي والاسلامي وكيفية استخدامها من قبل المجتمعات الاسلامية وحكامها. واشار المفكر الفلسطيني إلى وجود موقف مسبق من العلمانية لدى المسلمين يقر بسلبيتها دون الاخذ بجوهرها الحقيقي في الوقت الذي ساعد فيه هذا الفكر والمصطلح القارة الاوروبية خلال القرون الحديثة في تحقيق نهضتها ومجدها. كما اعتبر الانموذج التركي في تعاطيه مع العلمانية "الانموذج الاكثر تجسيما للعلمانية السليمة رغم قيامها في البداية على العلمانية الصلبة وذلك بفضل تعديل المواقف السياسية من قبل الاحزاب الفائزة في كل مرة بالانتخابات وحتى وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة الذي قدم تنازلات أنقذت البلاد من حكم فاشي" على حد قوله. وفي سياق حديثه عن الاستقطاب الحاصل في البلدان العربية بعد قيام ثورات الربيع العربي بين العلمانيين والتيارات الدينية لاحظ عزمي بشارة أن ذلك ليس في صالح الديمقراطية والتعددية بالنظر إلى أن هذا الاستقطاب "نابع من صراع هويات وليس صراع مواقف". واضاف أن اللعبة الديمقراطية "لا تتطلب هويات" بل إنها تقوم من وجهة نظره على "أساس منطلقات ايديولوجية وفكرية وليس صراع بين هويات تتحول غالبا إلى طوائف تتصارع من أجل اثبات وجودها في مجالها الحيوي ولا تعمل على اعلاء مصلحة الوطن وهو أمر كان له دور سلبي في كامل التاريخ الاسلامي". وفي معرض حديثه عن الثورة التونسية ومسار الانتقال الديمقراطي في البلاد قال المفكر الفلسطيني عزمي بشارة "انها تسير في الاتجاه الصحيح " مؤكدا على الدور التاريخي لتونس في انجاح ثورات الربيع العربي وفي ارساء الديمقراطية الحقيقية لاسيما وان المنطقة العربية اصبحت محط انظار العالم والجميع يترقب نتائج ثورة شعوبها. وخلال النقاش لاحظ رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي أن المعارك السياسية هي معارك سياسية بالاساس تتخفى وراءها قضية أعمق تتمثل في تفشي الاستبداد معتبرا الديمقراطية الحل الانجع لمثل هذه الصراعات. واعتبر جامعيون واكاديميون ومن منطلق استنتاجاتهم من الممارسة التطبيقية للعلمانية في الوطن العربي أنها ليست فصلا بين الدولة والدين بل هيمنة الدولة على الدين وسط تساؤل بعضهم عن كيفية استخدام الدين كاستراتيجية للتحديث في البلدان العربية؟ جدير بالذكر أن هذه المحاضرة حضرتها شخصيات فكرية وسياسية واعلامية وطنية.