الحمامات (وات)- تفتتح مؤسسة "وايتو" المتخصصة في مقاومة التجارة الموازية يوم الاثنين 9 جويلية 2012 بتونس مركزا أورمغاربيا للبحوث والدراسات الإستراتيجية يعنى بمساعدة السلطات المحلية والإقليمية على تطوير سياسات مكافحة مختلف أشكال التجارة الموازية وبدعم البرامج الهادفة لحماية المستهلك. ويعتبر هذا المركز الرابع من نوعه في العالم بعد المراكز التي تم إحداثها ببكين (الصين) وواشنطن (الولاياتالمتحدة) وموناكو، حسب ما أعلنه بيار ديلفال مدير عام هذه المؤسسة غير الحكومية التي تنشط في مجال حماية المستهلك من المنتجات المقلدة، خلال مشاركته في الملتقى الثاني لجمعية "20 مليون مستهلك" الذي انتظم اليوم الجمعة بالحمامات. وأشار ديلفال في مداخلته التي اهتمت بمخاطر التجارة الموازية وارتباطها بالفساد والرشوة إلى ان ملياري مستهلك في العالم تعرضوا سنة 2010 إلى حالات تسمم أو جرح نتيجة استهلاك أو استعمال منتجات مقلدة ،مضيفا أن الأرباح التي يحققها القطاع الموازي تصل إلى 250 مليار اورو. وفي ما يخص تونس، قال إن "العادات السيئة للنظام القديم سيما منها التجارة الموازية والرشوة والتهريب لا تخدم صورة تونس ولايمكن أن تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية أو في استرجاع ثقة المستثمرين المحليين والأجانب". وحيا بالمناسبة ما لمسه من استعداد من قبل الحكومة الحالية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتوقي من "الاقتصاد الإجرامي" على حد قوله والعمل على تحقيق انتقال اقتصادي سليم يحقق التنمية الفعلية ويضمن حق المستهلك. ولاحظ أن الدراسات التي أنجزها خبراء مؤسسة "وايتو" حول الوضع في تونس تشير إلى ان6ر77 بالمائة من التونسيين يقتنون بضاعة من السوق الموازية و8ر69 بالمائة منهم يقرون بمواصلة اقتناء البضائع غير المراقبة غير مهتمين بمخاطرها الصحية أو بتوفر شروط السلامة فيها. كما تشير دراسات الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، حسب ما ذكره بيار ديلفال، الى ان التجارة الموازية تساهم من 15 إلى 20 بالمائة في الناتج الداخلي الخام وتشغل أكثر من 31 بالمائة من اليد العاملة غير الفلاحية. ولاحظ أن هذه الأرقام بقدر ما تؤكد أن عملية التطهير لن تكون بالمسألة الهينة فهي تبرز الضرورة الملحة للعودة إلى الأسس السليمة للتنمية الاقتصادية من اجل التوقي من أن تكون تونس ما أسماه "وجهة اللاقانون". ومن ناحته أوضح وزير الصحة على اللطيف المكي في افتتاح الملتقى أن التحدي الحقيقي في تونس اليوم هو حمل الجميع على الالتزام بتطبيق القوانين أكثر من صياغة منظومات قانونية جديدة، مشيرا بالخصوص إلى ضرورة مكافحة التجارة الموازية والغش ومقاطعة البضاعة المقلدة باعتبار انعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني وخطورتها على صحة المستهلك. وشدد على أهمية تفعيل التعاون بين الإدارة ومكونات المجتمع سيما وأن ما يلاحظ من انتشار للأمراض غير السارية على غرار السكري وضغط الدم يبرز أهمية تعزيز جهود التوقي من هذه الأمراض. وتبلغ تقديرات الإنفاق على الصحة في تونس، حسب وزير الصحة، حوالي 6 آلاف مليون دينار يدفع المواطن من جيبه أكثر من 47 بالمائة منها وهو ما يدل على ان ضمان صحة المواطن ليس في زيادة الإنفاق بل في تعزيز الوقاية ودعم التوعية والتحسيس انطلاقا من ترشيد الاستهلاك وحسن توظيف الاعتمادات. وأشار إلى الاعتمادات اللازمة لتأهيل القطاع العمومي للصحة تقدر ب15 ألف مليون دينار مبينا ان القطاع الخاص الذي يستقطب 18 بالمائة من المواطنين يستقطب قرابة نصف نفقات الصحة في تونس أي حوالي 3 آلاف مليون دينار. واعتبر الوزير أن "جمعية 20 مليون مستهلك التي تعنى بالتونسيين وبضيوف تونس على حد السواء وفق ما تؤكده تسميتها هي من المشاريع الإستراتيجية الواعدة التي من شأنها أن تساهم فعليا في بناء اقتصاد سليم يضطلع فيه المجتمع بدور أساسي في التحسيس والتوعية والضغط". وكان رئيس الجمعية زهير بن جمعة أكد ان هذا الملتقى الذي يشارك فيه مختصون في التغذية والطب، يهدف إلى تعميق الحوار حول سبل مزيد نشر ثقافة حماية المستهلك وتقديم مقترحات عملية تساعد أصحاب القرار على صياغة السياسات اللازمة لغرس ثقافة استهلاكية رشيدة وواعية بعيدا عن الافراط والاسراف بما يسهم في حماية صحة المستهلكين والتوقي من الامراض. وتضمن برنامج الملتقى مداخلات حول موضوعي الاستهلاك والصحة والاستراتيجيات الواجب اعتمادها من اجل استهلاك سليم، اضافة الى مائدتين مستديرتين حول الاستهلاك في شهر رمضان وبرنامج جمعية 20 مليون مستهلك لنشر ثقافة حماية المستهلك.