تونس (وات)- أكد رئيس الجمهورية المؤقت، محمد المنصف المرزوقي، أن الواجب يقتضي استخلاص الدروس من الأزمة الأخيرة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بشأن ملف تسليم البغدادي المحمودي، التي قال إنه "تم اليوم تجاوزها"، مشددا على أن "استخلاص الدروس يكون عبر العودة لسنة الوفاق والتشاور بين الرئاسات الثلاث.. لأن الوفاق لا بديل عنه وفي غيابه يفتح الباب أمام المغامرات السياسية". كما شدد المرزوقي، في كلمة متلفزة، توجه بها، مساء الجمعة، إلى الشعب التونسي، على أن استخلاص الدروس من الأزمة الأخيرة يكون عبر "توسيع دائرة التوافق لتشمل كل الأطراف الوطنية.. لأن تونس ملك الجميع" داعيا في هذا المضمار إلى ضرورة إعادة التركيز بقوة على مبادئ احترام حقوق الإنسان في التعاطي مع ملفات اللجوء وحرية التعبير وحرية اللباس خاصة في ضوء ما سجل خلال الفترة الماضية من تجاوزات قال إنها "تثير القلق وتفرض تعزيز ضمانات صيانة الحريات في الدستور المقبل للبلاد". وفي عودة إلى تفاصيل الخلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، قال المنصف المرزوقي إنه "فوجئ" وهو في مهمة بالجنوب التونسي بتسليم البغدادي "دون إذن منه ودون علمه"، مؤكدا أن عملية التسليم تطرح عديد الأسئلة المتصلة بمدى وفاء تونس بالتزامتها تجاه المواثيق الدولية ومدى أخذها آراء ومواقف المنظمات الحقوقية الدولية التي كانت ضد التسليم بعين الاعتبار. وشدد في هذا الصدد على أن تونس من واجبها أن تلتزم بتعهداتها الدولية وباحترام حقوق الإنسان، موضحا بقوله: "إني على يقين بأن كل الشركاء في الإئتلاف الحاكم يدافعون عن شرف تونس ومصلحتها بوطنية صادقة.. لكن ما وقع هو اختلاف في الرؤى وهذا عادي حتى بين الأصدقاء" ومن باب أولى وأحرى "بين شركاء سياسيين بما يفرض على الجميع التساؤل حول الطريقة التي يمكن بها إدارة الشراكة والإختلاف خاصة وأن القاعدة الذهبية التي انبنى عليه التحالف وهي التوافق.. لم يتم الإلتزام بها في هذه القضية". وأضاف أنه في مواجهة ما اعتبره مسا بصورة تونس وبصورة رئاسة الجمهورية قام خلال الأيام الثلاثة الأخيرة باستشارة واسعة مع مكونات المشهد السياسي الوطني، أفضت إلى تعبير الجميع عن تخوفهم من أن تكون البلاد قد انخرطت في مسار يقوم على فرض مزيد من القرارات الإنفرادية وما أسموه "التغول" الذي قال إن "الخوف منه شرعي ومفهوم"، مؤكدا أن مصلحة البلاد تقتضي المضي قدما في بناء المؤسسات الديمقراطية الضامنة لقطع الطريق أمام مثل هذه الظواهر السلبية. وتابع المرزوقي يقول : "بقدر ما أردد أن الخوف من التغول ضروري وشرعي.. أقول اليوم إنه لا مبرر للخوف لأن كل الشركاء تعهدوا وأكدوا تمسكهم بالوفاق" مضيفا "اعتبر اليوم أننا تجاوزنا الأزمة وعلينا استخلاص الدروس منها". وجدد رئيس الجمهورية، العزم على مواصلة الإضطلاع بمسؤولياته في إطار التوافق والحرص المشترك على ضمان توازن السلطات بما يقطع الطريق أمام عودة فلول النظام السابق، مؤكدا أن ما حدث من اختلاف خلال الأيام الماضية يعد أمرا طبيعيا في كل الديمقراطيات. وتوجه في هذا الصدد إلى التونسيين بالقول:"لا تخشوا من مثل هذه الأزمات إنها للبناء وليس للتدمير.. وهي أزمة لن تزيدنا إلا وعيا بضرورة العمل من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي، ومن أجل قطع الطريق أمام فلول النظام السابق التي قال إنها "تطاولت على دماء الشهداء بعد أن مارست النهب والتعذيب وتزييف الإنتخابات وتزوير إرادة الشعب". وأكد أنه على الشعب التونسي أن "يتصدى لعودة الماضي لا أن يخشى من المستقبل". وبخصوص ملف إقالة محافظ البنك المركزي التونسي الذي اتخذ قبل أيام بقرار جمهوري، أكد المنصف المرزوقي على ضرورة ألا يفهم قرار الإقالة على أنه "تدخل من السلطة السياسية في السلطة النقدية"، مبينا أن القرار اتخذ من باب الحرص على أن يباشر المجلس الوطني التأسيسي إصلاحات عملية وعميقة للقطاع المالي والمصرفي "على ضوء مصلحة الشعب"، حسب تعبيره. ولاحظ في سياق متصل أن تونس الثورة "بقدر حرصها على الإيفاء بإلتزاماتها المالية الدولية فإنها كذلك حريصة على ألا يتحمل شعبها عبء الديون المجحفة التي حملها إياها نظام الاستبداد". ولاحظ، على صعيد آخر، أن خريطة الطريق المستقبلية بالنسبة للمرحلة الانتقالية "واضحة" ومن محطاتها الكبرى واستحقاقاتها الأساسية، إعادة اللحمة داخل الإئتلاف الحاكم والإنتهاء من كتابة الدستور قبل موفى العام والتوقيع في 14 جانفي 2013 على العقد الاجتماعي بين مختلف الأطراف الاجتماعيين إضافة إلى إجراء الانتخابات في مارس 2013. وأكد في هذا الصدد على ضرورة إحياء الهيئة العليا للإنتخابات حتى تقوم بواجبها في الإعداد الجيد للإنتخابات القادمة. كما دعا إلى ضرورة المسارعة بتنظيم انتخابات بلدية مقترحا صائفة 2013 موعدا لها.