تونس (وات)- لأن فن "الريغي" يأبى النسيان، كانت سهرة الحنين لعبق الأسطورة "بوب مارلي" ،ذلك الغائب الحاضر حيث اهتزت مدارج مسرح قرطاج الأثري في الدورة 48 للمهرجان باقتسام ليلة الإمتاع والمؤانسة ليرحل عازفو "الريغي" ومريدو "بوب مارلي" و"تيكن جاه فاكولي" بالجمهور نحو تخوم أسطورة هذا الفن الجميل ويدعوه إلى آفاق ساحرة زاخرة بالعزف والغناء. فمع هؤلاء، كان الجمهور استثنائيا حيث طرح رحاله ليلة الثلاثاء في مسرح قرطاج ليمتلك المكان وما فيه، فهذا الجمهور الذي غصت به المدارج لم يلق عناء رغم اختلاف أجياله في ترديد أشهر أغاني "بوب مارلي" ، غناها وكررها خلف العازفين في حماسة هادرة جعلت منه ذلك الكورال المحترف والحشد الراقص الذي انسلخ عن نفسه وطار إلى أجواء "الريغي" البعيدة والبديعة. فبين عزف "الريغي" والتغني بالحب المفقود والسلام المنشود والرقصات العفوية تلونت ليلة الثلاثاء لتحدث جلبة الانتشاء عند الجمهور في تفاعل رائع عكسته حركة الرقص التي لم تنقطع وكأنه اختزل اللحظة في موسيقى "الريغي" التي لا تنضب ليتدثر بسحرها ورونقها. ففي سهرة أمس لم يستطع مريدو "بوب مارلي" محو ذكراه من مخيلتهم وإبداعاتهم في تعلق منهم بالفن الخالد ليلتقوا مع "فاكولي" ابن الحداد الذي نحتت شخصيته من فولاذ الثورة على الظلم فكان ذلك الفنان الثائر والمبدع الذي لم يتورع عن الصراخ في وجه الاستبداد. فمع "بوب مارلي" خرج فن "الريغي" من عباءته ليكون موسيقى عالمية تلامس الفن الإنساني الرحب وتستمد الكلمات من خلاله سمو الحب والسلام في دياجير الطغاة ويترجم "الريغي" مع رائده ومريديه وعشاقه ومتابعيه قصة الإنسان الذي طالما تأرجح بين الحلم الخالد والكفاح المستمر.