كان لأحباء الريغي والايقاعات الافريقية كما الكلمات الهادفة موعد مع سيدو كونيه المغني الايفواري العالمي المعروف بلقب ألفا بلوندي ليلة الثلاثاء 24جويلية2012، ليغني بلغته الأصلية الديولا وباللغتين الفرنسية والانجليزية وأحيانا باللغة العربية. المدارج غصّت بجمهور جاء متلهّفا لمعانقة إبداعات الفنان الإفريقي المراوحة بين المهارة العالية في العزف على القيثارة وتنسيقه المذهل مع أعضاء الفرقة. إضافة الى اللوحات الراقصة التي تجسد بدورها كلمات معمقة ترمي إلى نبذ العنصرية والدعوة الى محاربة الفقر والحب بكل أنواعه. شتان بين هذا وذاك.. الملاحظة التي يمكن أن نسوقها إزاء محتوى العرض ليلة الثلاثاء الماضي بمسرح قرطاج الأثري هو أن حضور أحمد الماجري في الجزء الأول من العرض-رغم غنائه لأشهر أعماله على غرار أغنية "الدغباجي" التي أعاد توزيعها في مراوحة بين موسيقى الريغي وأنعام المزود، وتوظيف لوحات راقصة تنزلت في إطار المحافظة على خصائص فن الريغي- لم يستقم آداؤه مع مميزات السهرة في مجملها ومع ما قدمه الفنان الايفواري في الجزء الثاني من العرض. وكان على الأرجح أن لا يبرمج ألفا بلوندي وأحمد الماجري في نفس الحفل لأنّه لا مجال للمقارنة بين هذا وذاك سواء من حيث التجربة الفنية أو من حيث التمكن من خصائص فن "الريغي" (كلمة الريغي تعود إلى أصل إسباني قديم وتعني"ملوك الموسيقى") سيما أنّ هذا الفنّ الراقي يستدعي قدرات كبيرة على مستوى العزف ويحرص دوما على أهمّية الرسالة التي يمكن ايصالها إلى العالم. و من الواضح أنّ الماجري أراد أن يعتلي مسرح قرطاج لأوّل مرّة ليثبت قيمته الفنية وانتماء أعماله الى الفن الافريقي، لكنه لم يلق التفاعل المنتظر من الجمهور بدليل أنّ هذا الأخير سرعان ما طالب بظهور الفنان الايفواري.هذا لا يعني أن ما قدّمه أحمد الماجري فنيا لم يكن في المستوى ولكن برمجته مع الفا بلوندي هي عين الخطإ. نوبة من الإنتشاء أطل الفنان الايفواري ألفا بلوندي على جمهور قرطاج ملتحفا علم تونس وسرعان ما خلق نوبة من الانتشاء وصلت الى حالة هستيرية بالنسبة الى البعض تحت وقع عزف القيثارة وقرع الطبول ونغمات الأرغن. وقد ردد الكورال والحشد الراقص عن ظهر قلب جل الأغاني وتمايل على أنغامها. كلمات الأغاني كانت لها علاقة بالسياسة وإرساء الديمقراطية في افريقيا كما اعتمد سيدو كونيه بين الفينة والفينة ارتجال بعض الكلام الذي جاء في شكل شعارات على غرار"كفانا فقرا فالفقر ليس قدرنا كفانا حربا نريد سلما".. وما إن تلفظ ب " لا إلاه إلا الله محمد رسول الله" مطلع إحدى أشهر أغانيه "سابي أليه" حتى تكاثف الهتافات والرقص المتواصل الى آخر السهرة مع أحلى أنغام الريغي التي تذكرنا ببوب مارلي وجيمي كليف..