مزيد توحيد الجهود وتعبئة الطاقات الوطنية من أجل المثابرة على مكافحة الأمراض السرطانية والوقاية من أخطارها تونس 30 نوفمبر 2010(وات)- توجهت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية، رئيسة جمعية "سيدة" لمكافحة السرطان بكلمة الى المشاركين في الأيام الأولى للتحسيس حول الوقاية من سرطان الثدي تولى القاءها نيابة عنها السيد منذر الزنايدي وزير الصحة العمومية بعد ظهر الثلاثاء في الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة. وفي ما يلي النص الكامل لهذه الكلمة "بسم الله الرحمان الرحيم حضرات السيدات والسادة، ضيوفنا الكرام، يسعدني أن أشرف اليوم على افتتاح "الأيام الأولى للتحسيس حول الوقاية من سرطان الثدي" مرحبة بسائر المشاركات والمشاركين فيها. وأعبر عن اعتزازي، من منطلق رئاستي لجمعية "سيدة"، بتنظيم هذه الأيام التي تتنزل في إطار تفعيل مبادرة الرئيس زين العابدين بن علي بإعلان "سنة 2010 سنة مكافحة الأمراض السرطانية". لقد حظي القطاع الصحي على مدى العقدين الأخيرين، بعدة قرارات وإجراءات مكنت بلادنا من تحسين مختلف المؤشرات الصحية الأساسية على غرار ارتفاع مؤمل الحياة عند الولادة والنسبة العامة للتلاقيح، وانخفاض معدلات وفيات الأطفال والأمهات، والقضاء على عدة أمراض وأوبئة، والسيطرة على الأمراض المستجدة، والتحكم في أحدث التقنيات الطبية، وإقامة المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية بمختلف جهات الجمهورية، والبلوغ بالتغطية الطبية إلى طبيب لكل 800 ساكن. كما كانت رئاسة تونس للدورة الثالثة والستين للجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية الملتئمة بجنيف في شهر ماي 2010 مناسبة لإبراز المقاربة الكونية للرئيس بن علي بخصوص تحقيق الرفاه الصحي الشامل للأمم قاطبة، وتجسيم الأهداف الإنمائية للألفية ذات العلاقة بالصحة. إن ما سجلناه من مكاسب جمة ومتنوعة في الميدان الصحي، لا ينبغي أن يحجب عنا جسامة الرهانات المطروحة على بلادنا والناتجة أساسا عن التحولات الوبائية والديمغرافية وآثار تغير أنماط العيش والسلوكيات الغذائية وإدمان التدخين، وما تقتضيه كل هذه العوامل من حرص، دائم، على تطوير المنظومة الصحية الوطنية، ودعم قدراتها على مجابهة شتى التحديات. وفي هذا الإطار، تتنزل العناية التي توليها الدولة التونسية للأمراض السرطانية خاصة، لما أصبحت تشكله هذه الأمراض من أعباء اجتماعية ومشاكل اقتصادية في تونس وفي سائر البلدان. ونشير في هذا السياق، إلى أن انتشار أمراض السرطان في العالم آخذة في الازدياد، حيث تفيد إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن عدد الحالات الجديدة المسجلة سنويا يناهز 3ر12 مليون حالة. كما يؤدي هذا المرض سنويا إلى وفاة 6ر7 ملايين شخص في العالم من بينهم8500 حالة وفاة في تونس، بما يجعل منه ثاني أسباب الوفيات بعد أمراض القلب والشرايين. ونتيجة لذلك، بادرت تونس منذ سنة 2001 بإرساء برنامج، وطني لمكافحة الأمراض السرطانية يعتمد على الآليات الوقائية أساسا وفي مقدمتها النهوض بالكشف المبكر، وتعزيز وسائله، والتكفل العلاجي الملائم، ومواكبة مختلف المستجدات العلمية في هذا الميدان. كما أتاحت المبادرة الرئاسية بإعلان سنة 2009 سنة مكافحة التدخين، الإطار الملائم لإحداث نقلة تحول كبيرة في حماية المجتمع من هذه الآفة ومن آثارها المضرة بالصحة. لكن نسق تفشي الأمراض السرطانية خلال الأعوام القادمة، وما سينجم عنها من وفيات وخسائر، أصبح يقتضي بذل المزيد من الجهد والاجتهاد من قبل الجميع، للحد من مخاطر هذه الأمراض. وقد حرص الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه المستقبلي "معا لرفع التحديات" على دعم إمكانيات الوقاية والعلاج من أمراض السرطان. وأذن بمناسبة انعقاد المجلس الوزاري الملتئم في 2 جويلية 2010 بخطة متكاملة لمكافحة هذه الأمراض تقوم على تعزيز شبكة المراكز الصحية المتخصصة وتقريب خدماتها من المواطنين في مختلف الجهات، وتكثيف الإحداثات الجديدة وتجهيزها بأفضل معدات الكشف والعلاج، وانتهاج مقاربة، شاملة للوقاية من هذه الأمراض، وتفعيل الكشف المبكر عنها والوقاية منها. كما تهدف هذه الخطة إلى مزيد النهوض بميادين التكوين والبحوث العلمية والرفع من القدرات الوطنية في مجال تصنيع الأدوية المختصة في علاج أمراض السرطان. وانطلاقا من الوعي الجماعي بضرورة مكافحة هذه الأمراض كنت بادرٍت منذ شهر جويلية 2010 ببعث "جمعية سيدة لمكافحة السرطان". وحرصٍت ́ على أن تضم هذه الجمعية نخبة من الكفاءات الطبية الوطنية المختصة، وأن تنتهج برنامجا هادفا ومتكاملا في ميادين العلاج والتكوين، وفي الإحاطة النفسانية والاجتماعية بالمرضى وذويهم، لاسيما من خلال إنجاز معهد "الزهراوي" الذي سيكون دعامة متميزة لشبكة المراكز الطبية المتخصصة. وقد سعت جمعية" سيدة "إلى إيلاء الأمراض السرطانية كل ما تستوجبه من حذر وتوعية للوقاية منها، وذلك بوضع برنامج، اتصالي واسع للغرض، إلى جانب تنظيم هذا اليوم التحسيسي الأول، قصد تعميق الوعي بجدوى الكشف المبكر عن سرطان الثدي، لأن هذا المرض هو الأكثر انتشارا لدى المرأة، إذ يسجل حوالي 1500 حالة جديدة كل سنة. كما أن نسبة كبيرة من هذه الإصابات تحصل في مقتبل عمر المرأة، وتخلف سنويا قرابة ألف حالة وفاة. لذلك يمثل تعٍزيز الكشف المبكر عن هذا المرض، رهانا صحيا واجتماعيا وحضاريا بالغ الأهمية، باعتبار علاقته المباشرة بحظوظ العلاج وبمقومات جودة الحياة بالنسبة إلى المرأة في مرحلة ما بعد العلاج. وقد بادرت وزارة الصحة العمومية بإرساء خطة، عملية بغاية التقليص بنسبة 50 بالمائة من حجم الورم عند اكتشافه، وذلك بدعم الكشف المبكر بالفحص السريري والذاتي، واستهداف النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 35 و69 عاما، وتعزيز التشخيص بالأشعة السينية من خلال تعميم آلات الماموغرافيا على سائر الولايات بصفة، تدريجية، وتكثيف دعم التكوين المستمر لفائدة الإطارات الصحية، وتوسيع جهود التثقيف الصحي الموجهة إلى المرأة. ولا يفوتني في هذا السياق أن أؤكد أهمية الدور الموكول إلى إطارات الصحة وسائر وسائل الإعلام والاتصال، لتعميق وعي المرأة التونسية بهذا المرض وحثها على ضرورة التوقي منه بكل السبل. حضرات السيدات والسادة، أرجو أن يكون هذا اليوم التحسيسي الأول حول الوقاية من سرطان الثدي حافزا إلى مزيد توحيد الجهود وتعبئة الطاقات الوطنية على كل المستويات، من أجل المثابرة على مكافحة الأمراض السرطانية والوقاية من أخطارها، راجية لأعمالكم النجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."