تونس 20 جانفي 2011 (وات) - ليس غريبا أن يتفاعل الفنانون والمثقفون مع ثورة الشعب التونسي التي أصبحت تعرف ب"ثورة الياسمين" ذلك أنهم في طليعة القوى الحية التي تصبو دائما إلى الحرية والانعتاق باعتبار أن المبدع الحقيقي يقف إلى جانب الحق وينحاز إلى مصلحة الشعب فهو ضمير الأمة الحي وصوتها المعبر عن أحلامها وطموحاتها. وفي هذا الإطار بادر العديد من أهل الفكر والثقافة والفن فرادى وجماعات للتعبير عن مواقفهم وآرائهم بشأن الأحداث الجارية الحبلى بالآمال و التوق نحو الأفضل. فقد عقد / ائتلاف السينمائيين الأحرار/ اجتماعا اليوم الخميس بدار الثقافة ابن خلدون بالعاصمة صدر على اثره بيان أكدوا فيه أن تونس اليوم تعيش لحظات فارقة في تاريخها المعاصر بما يستوجب حماية مكتسبات الثورة الشعبية من أعدائها الداخليين والخارجيين داعين في هذا الصدد إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني ومحاسبة المورطين مع النظام السابق في الفساد وتهميش قوى الشعب. كما اقترحوا تكوين لجنة وطنية تبلور ملامح العمل الثقافي وتضمن حرية التعبير والإبداع والإلغاء الفوري للممارسات الرقابية بما في ذلك رخص التصوير وطالبوا بإرساء ثقافة ديمقراطية ضمانا لحرية المعتقد والاختلاف. وفي سياق استطلاع آراء بعض الوجوه الفنية والثقافية في تونس صرح الموسيقار محمد القرفي لوكالة تونس افريقيا للأنباء/ وات/ انه يعتبر هذه الثورة ثمرة تراكمات نضالية ممتدة على عقود منذ الاستقلال قام بها مناضلون سياسيون ومثقفون قدموا للشعب أفكارا تنويرية وثقافة طلائعية بعيدة عن التمييع الذي ميز الحقبة الماضية رغم صمود منارات فكرية أنارت الطريق، ولاحظ أن شباب اليوم الذي حمل مشعل الثورة قد كرع من الأفكار التقدمية التي طرحها الكثيرون. وأكد من جهة أخرى على ضرورة محاسبة كل من تسبب في تمييع الثقافة والفنون بالتمسح على أعتاب النظام وإمضاء اللوائح المناشدية . وقال الكاتب والناشر الشاب وليد سليمان انه فخور بهذه الثورة المباركة معربا لا عن انحيازه التام إلى هذا الشعب الرائع داعيا إلى احترام خياراته لأنه اثبت نضجا وقدرة على التفاعل مع الأحداث وعبر عن أمله في التخلص من رواسب العهد البائد حيث تعرض كل من لا ينتمي إلى الحزب الحاكم إلى التضييق إلى جانب التخلص من المحسوبية التي قلبت الأمور رأسا على عقب. وفيما يتعلق بحرية التعبير دعا إلى إطلاق هذه الحرية بشكل كامل في كنف القانون ودون تعليمات فوقية وطالب بان تتسم كل تصرفات المصالح المعنية بوزارة الثقافة بالشفافية وأن يتم الإعلان عن إجراءات الدعم أو غيرها بشكل علني وبصورة تراعي مبادىء المساواة والإنصاف بين المبدعين. من جهته صرح الممثل الكوميدي ورجل المسرح رؤوف بن يغلان انه كمواطن وكفنان يطالب بالفصل النهائي بين الأحزاب السياسية والدولة وتحقيق استقلالية مؤسسات الإعلام العمومية المكتوبة والمسموعة والمرئية في إطار احترام أخلاقيات المهنة الصحفية وضمان حرية التعبير وطلب من أي شخص يتحمل مسؤولية في أي موقع من السلطة ومؤسسات الدولة أن يتحلى بنظافة اليد وان يخضع لمراقبة كل مكتسباته الشخصية. من جانبه أشار لطفي المرايحي رئيس جمعية أحباء الإبداع الموسيقي إلى ضرورة استرجاع الثقافة لمكانتها في هذه الثورة للتمتع بحرية التعبير مضيفا انه ينبغي الاستجابة لتطلعات التونسيين ودعم لامركزية العمل الثقافي ملاحظا ان النشاط الثقافي يندرج في صلب الحفاظ على الكرامة الإنسانية. أما أستاذ الموسيقى والباحث زهير قوجة فقد صرح بأنه كمواطن يطالب بنبذ التطرف مهما كان مأتاه قائلا إننا في حاجة إلى إدارة منصفة ودولة عادلة، وندد بدور الحزب الحاكم السابق في تكريس الديكتاتورية ونشر الفساد كما أعرب عن أمله في أن تفرز الفترة القادمة إرساء نظام برلماني والتخلي عن النظام الرئاسي.