زغوان 10 مارس 2011 (وات) - يقطن سليمان بن سليمان (40 سنة) هو واخوته الأربعة وزوجاتهم وابناؤهم منزلا شيد وفق الطراز المعماري المميز للريف الأوروبي، وقد كان زمن الاحتلال الفرنسي على ملك احد المعمرين الذي فوت فيه بعد الاستقلال إلى والدهم. يقع هذا المنزل على أطراف قرية "بنى دراج" من حوض سهل وادي الرمل من ولاية زغوان وسط مروج خضراء وغابات زيتون شاسعة ومزارع للقمح كان يتصرف فيها المعمر ذاته مالك المنزل ثم أحيلت إلى تعاضدية فلاحية قبل إعادة هيكلتها وإسناد التصرف فيها إلى مستثمر فلاحى. وذكر سليمان ان هذا المنزل مثل على امتداد أكثر من عقدين إشكالا عقاريا واجتماعيا فلم يكن لهم الحق في تربية الماشية حتى الصغرى منها ولم يتم تزويده لا بالماء ولا الكهرباء مضيفا ان جيلا كاملا من أصحاب هذا المنزل تدربوا على الكتابة والقراءة على ضوء الشموع وأحس سليمان هو واخوته أنهم يقطنون منزلا تطوقه من كل صوب أراضي على تصرف غيرهم وأثناء الثورة الشعبية التي شهدتها البلاد شهدت قرى بن دراج والقنطرة الكحلة ووادي الربح وبوسليم وبوعشير وعين الصابون وقرى سهل حوض وادي الرمل الذي يعتبر من أخصب السهول على مستوى ولاية زغوان عدة احتجاجات على سياسة إعادة هيكلة الأراضي الدولية التي كانت معتمدة في العهد السابق. وذكر بعض سكان منطقة "بني دراج" أن القرية بأكملها تعيش نفس وضعية سليمان بن سليمان فهي محاصرة بمروج سهل "مخب" مؤكدين أنهم ريفيون دون أن يمارسوا أي نشاط ريفي ففي نظرهم "سلب منهم ريفهم الذي هو جهاز إنتاجهم". وأكد آخرون أن سياسة إعادة هيكلة الأراضى الدولية خلال السنوات الماضية كان من الممكن أن تكون ناجحة اجتماعيا لو أخذت بعين الاعتبار أوضاع العائلات الريفية القاطنة بهذه المناطق وطرقهم في توفير لقمة العيش. وأشار بعض المستثمرين الفلاحيين بالجهة إلى أن ضيعات تم نهبها أثناء الثورة وان ما حرك دوافع النهب هو اختناق الريفيين بأرضهم الخصبة ووضعهم الاجتماعي المزري. وفى تقييمهم لأوضاع هذه القرى خلال العهد السابق يذكر البعض أنها تمتعت بمشاريع هامة للبنية الأساسية مما سمح ببروز قرى جميلة ونظيفة لكنها لا تمثل سوى مبيتات ومأوى لسكانها فكل شبابها الناشط من ذكور وإناث يعملون في مجال الصناعة والخدمات بالمدن المجاورة ولا يبقى بالقرى سوى المسنين والمعطلين عن العمل. سليمان بن سليمان الذي يحمل نفس اسم احد المناضلين التونسيين وهو فخور بذلك ذكر أن وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية تفطنت في العهد السابق لوضعه وتولت إسناده مقسما يمسح 78 هك بجوار منزله لكن لم يتمكن من تملكه وهو يرى أن هذه الأرض تحل مشكلة أكثر من 20 نفرا يقطنون هذا المنزل. ولاحظ أن الوضع الذي يعيشه الآن يشبه إلى حد كبير أوضاع أناس آخرين من القاطنين بهذه القرى متسائلا "هل يؤسس عهد الثورة الشعبية لمرحلة جديدة من التعايش الاجتماعي بين المستثمرين الفلاحيين وأهالي هذه القرى الريفية".