تونس 12 سبتمبر 2009 (وات) - ابرز التقرير السنوى للبنك المركزى التونسي لسنة 2008 تطور حجم الاستثمار ب 8ر14 بالمائة ليبلغ 9ر24 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي بفضل تواصل نسق الاصلاحات ولا سيما المتعلقة بتحسين مناخ الاعمال وتشجيع المبادرة الخاصة وبعث المؤسسات. وبين التقرير الذى تسلمه الرئيس زين العابدين بن علي لدى استقباله يوم الجمعة محافظ البنك المركزى التونسي ان الاقتصاد الوطني قد حقق خلال السنة الماضية نسبة نمو تقدر ب 6ر4 بالمائة بفضل تواصل نسق النمو في الخدمات المسوقة خاصة في مجالات الاتصالات والنقل والسياحة بينما شهد القطاع الصناعي تباطؤا في نسق نموه على مستوى الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والمحروقات والمناجم. وبالرغم من عمق الازمة المالية العالمية تواصل النشاط الاقتصادى على المستوى الوطنى بنسق ايجابي سنة 2008 مع الحفاظ على التوازنات المالية. وقد كانت تونس من اول الدول التي ادركت خطورة الازمة منذ بوادرها الاولى مما مكن من استباق الاحداث واقتراح الاجراءات قصد مواكبة حاجيات المؤسسات من التمويل ومساعدتها على مواجهة الظرف الاقتصادى الصعب. ومن جهته بادر البنك المركزى التونسي في اطار دعم هذه الاجراءات الظرفية بالتخفيض في نسبة الفائدة الاساسية ب 75 نقطة قاعدية وفتح تسهيلات جديدة للبنوك بهدف مزيد تنشيط السوق النقدية وتوفير الظروف الملائمة لدعم النشاط الاقتصادى للمؤسسات والافراد. تطور حجم الاستثمار الأجنبي سنة 2008 بحوالي 64 % وقد سجل الاستثمار الاجنبي تطورا هاما اذ ارتفع حجمه سنة 2008 بحوالي 64 بالمائة ليبلغ 3400 مليون دينار وهو تطور شمل جل القطاعات وخاصة منها الطاقة والصناعات المعملية والخدمات. وعلى المستوى المالي تميزت سنة 2008 بمواصلة التحكم في التوازنات الداخلية والخارجية بالرغم من الضغوط التي سلطتها تقلبات الظرف الدولي. وقد مكنت الجهود المبذولة على مستوى الادخار الوطنى من تدعيم حجمه الذى بلغ 7ر11 مليار دينار بما مثل 3ر23 بالمائة من الدخل الوطني المتاح وساهم في تامين التمويل الملائم للاقتصاد. اما في ما يتعلق بالمدفوعات الخارجية فقد شهدت المبادلات التجارية تطورا حثيثا يعود في جانب منه الى الارتفاع الملحوظ لاسعار المواد الاساسية مما ادى الى توسع العجز التجارى الذى بلغ 2ر4 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي مقابل 6ر2 بالمائة في سنة 2007. وقد امكن تغطية هذا العجز بصفة سليمة بفضل الزيادة الهامة المسجلة في الاستثمار الاجنبي المباشر. وافرز الميزان العام للمدفوعات فائضا هاما بقيمة 2053 مليون دينار مكن من دعم الاحتياطي من العملة الاجنبية ليبلغ 11656 مليون دينار مقابل 9582 مليون دينار سنة 2007 كما تحسنت بصفة موازية مؤشرات التداين الخارجي. وعلى المستوى النقدى سجلت السوق في ما بين البنوك سنة 2008 حركية ملحوظة نتيجة وفرة السيولة المتاتية بالاساس من تدعم الموجودات من العملة الاجنبية وتطور المساعدات للاقتصاد ب 5ر13 بالمائة حيث ارتفعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع /ن 3/ ب 4ر14 بالمائة في نهاية 2008. وفي هذا الاطار وبهدف السيطرة على الضغوط التضخمية رفع البنك المركزى التونسي خلال 2008 وفي مناسبتين من نسب الاحتياطي الاجبارى مع تكثيف المتابعة الدقيقة لتطور السوق النقدية والقيام بالتدخلات الضرورية لتعديل السيولة بما مكن تدريجيا من التحكم في التضخم. وبالتوازى تواصل العمل من اجل تطوير اليات السياسة النقدية والاعداد لاستكمال الجوانب الفنية الضرورية للانتقال الى مرحلة استهداف التضخم. وبخصوص المالية العمومية ارتفعت الموارد الذاتية للدولة بنسبة 8ر19 بالمائة سنة 2008 مقابل 7ر6 بالمائة للنفقات بما مكن من الضغط على عجز الميزانية الى حدود 2ر1 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي مقابل 9ر2 بالمائة في 2007 بالرغم من الزيادة الهامة في أعباء الصندوق العام للتعويض ودعم المحروقات. ومكنت الاصلاحات المدخلة على النظام الجبائي وترشيد النفقات العمومية من تحسين مؤشرات المالية العمومية بشكل ملموس ومن التخفيض بالخصوص من نسبة المديونية الى 5ر47 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي مقابل 50 بالمائة في 2007. تعزز جهود البنوك في مجال التحكم في المخاطر والمعالجة الديناميكية للقروض وفي مجال التمويل بلغ قائم المساعدات للاقتصاد 6ر32 مليار دينار نهاية 2008 مسجلا زيادة ب5ر13 بالمائة مقارنة ب 2007. كما واصلت البنوك مجهوداتها الهادفة الى تدعيم أسسها المالية لتبلغ أموالها الذاتية 9ر3 مليار دينار مسجلة بذلك تطورا ب 6ر12 بالمائة وليرتفع مؤشر كفاية راس المال الى 7ر11 بالمائة. أما على مستوى نوعية محفظة القروض فقد تعززت جهود البنوك في مجال التحكم في المخاطر والمعالجة الديناميكية للقروض المصنفة وتكوين المدخرات اللازمة لتغطية المخاطر بما مكن من الحط من نسبة الديون المصنفة الى 5ر15 بالمائة مقابل 6ر17 بالمائة في 2007 والترفيع في نسبة تغطية هذه الديون بالمدخرات لتبلغ 8ر56 بالمائة. وانعكست هذه المجهودات ايجابيا على النتائج المالية للبنوك حيث شهد الناتج البنكي الصافي ارتفاعا بنسبة 3ر13 بالمائة في 2008 بما رفع في مردودية الاموال الذاتية لتبلغ 2ر11 بالمائة. وحافظت السوق المالية التونسية على مستوى نشاط مطرد وواصلت البنوك تمويل الاقتصاد بنسق ارفع مما تم تسجيله خلال السنوات العشر الاخيرة. كما حافظت السوق المالية التونسية على ثقة المتدخلين والمستثمرين بفضل صلابة أسسها وتظافر الجهود التي مكنت من تفادى الاضطرابات العنيفة التي عرفتها جل الاسواق المالية الاخرى. وعلى الصعيد الدولي ذكر تقرير البنك المركزى ان الازمة المالية احتدت بشكل غير مسبوق اواخر سنة 2008 حيث امتدت العدوى الى الاسواق المالية فى البلدان المتقدمة الاخرى وكذلك الى البلدان الصاعدة والنامية لتتحول الى ازمة عالمية شملت تداعياتها كافة القطاعات. ونتيجة لهذه التطورات سجل الاقتصاد العالمي تباطؤا ملموسا في 2008 من خلال تحقيق نسبة نمو لم تتجاوز 2ر3 بالمائة مقابل 2ر5 بالمائة في 2007 فيما انخفض نسق التجارة الدولية. كما تراجع تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة بشكل ملحوظ ليتقلص حجمها الجملي بحوالي 15 بالمائة مقارنة بسنة 2007. وشهدت التوازنات المالية بدورها تدهورا ملحوظا وخاصة في البلدان المتطورة. وامام هذه الظروف سارعت السلطات النقدية والحكومات وخاصة في البلدان المتقدمة الى التدخل بشكل احادى او بالتنسيق فى ما بينها من خلال ضخ مكثف للسيولة في الجهاز المالي وتخفيض اسعار الفائدة واعادة شراء الاصول عالية المخاطر وتوسيع حقل الضمانات على الاداعات والقروض المصرفية فضلا عن المساهمة بكثافة فى اعادة رسملة البنوك. وتعد هذه الاجراءات غير المعهودة سابقة في السياسيات الاقتصادية الليبيرالية .