يعكس ارتفاع عدد حالات الانتحار في تونس تنامي مشاعر الضيق من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، رغم الثورة التي تعيشها البلاد منذ 2011. وأكدت الدكتورة فاطمة الشرفي الأخصائية في الطب النفسي أن ظاهرة الانتحار ليست بالجديدة في تونس، حيث أنها بدأت “منذ أكثر من 10 سنوات”. وترأست الشرفي لجنة لمكافحة الانتحار التي أسستها وزارة الصحة في 2015 بعدما دق اختصاصيون “جرس الإنذار” في هذا الشأن، وتتمثل مهام اللجنة في وضع إستراتيجية وقائية وسجل وطني يتضمن إحصاءات حول الانتحار، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد. ووفقا للجنة، انتحر في تونس 365 شخصا في عام 2015، أي ما يعادل 3.7 حالة انتحار لكل مئة ألف نسمة، وحوالي نصف المنتحرين شباب تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عاما. ورغم أن حالات الانتحار في تونس بعيدة عن النسب المرتفعة المسجلة في بلدان أخرى، إلا أن فاطمة الشرفي ترى في ارتفاعها “المستمر” أمرا “خطير جدا”، وتقول: “عندما نقارن بيانات بعض مصالح الطب الشرعي للسنوات 1990 و2000 وبعد سنة 2010، نلمس هذا الارتفاع”. وفي السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة التهديد بالانتحار، أو محاولة الانتحار حرقا، سواء بشكل فردي أو جماعي، خصوصا في صفوف خريجي جامعات عاطلين عن العمل ويطالبون بوظائف، وتقول الشرفي: “كنا ننتظر تسجيل بداية انخفاض (في حالات الانتحار حرقا) سنة 2015 ، لكنها بقيت مستقرة منذ 2011”.