شدد ممثلو أحزاب سياسية لدى مشاركتهم، اليوم الثلاثاء، في الاستشارة حول " الإعداد لإطار قانوني جديد لتنظيم الأحزاب السياسية"، على أهمية إرساء معايير موضوعية للتمويل العمومي للأحزاب وعدم تغييبها عن وسائل الإعلام العمومي والخاص، فيما عبر البعض الآخر عن مخاوفهم من التضييق على الحق في إنشاء الأحزاب وتكوينها. ودعا حسن اليعقوبي (ممثل حزب المؤتمر من اجل الجمهورية) في مداخلة له لتقديم مقترحات حزبه خلال الاستشارة التي نظمتها في العاصمة، وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، الحكومة الى "عدم التدخل في شؤون الاحزاب على مستوى التكوين وإرساء معايير موضوعية للتمويل العمومي للاحزاب ومنع السياحة الحزبية". من جهته دعا فتحي فرحات (حزب التواصل الدستوري للحرية و العدالة) الى ان تكون مراقبة الأحزاب من اختصاص المحكمة الإدارية وأن لا تكون حكرا على حزب دون آخر، في حين شدد فيصل الزمني(حزب اليسار الحديث) على ضرورة ان يحدد القانون الاساسي الجديد للاحزاب والذي سيعوض المرسوم 87 الصادر في سبتمبر 2011 ،"عقوبات ضد الادارة التي تعرقل عمل الاحزاب وتنظيم العمل الجبهوي لتكون له المردودية الكافية على العمل الحزبي"، حسب تعبيره. وبخصوص المخاوف حيال التضييق المحتمل للقانون الاساسي المنظم للأحزاب على تشكيلها عبر ممثلو عدة احزاب عن رفضهم لاي تضييق على "المنسوب العالي من الحرية الذي أتى به المرسوم 87". وفي هذا السياق اعتبرت فريدة العبيدي(حزب النهضة) أن حزبها يعارض" أي تضييق على تكوين الاحزاب السياسية ويعتبر مرسوم 87 نصا قانونيا جد متطور ومتضمن لعديد الايجابيات ". وقال محمد الفقيه،(حزب الرفاه التونسي) في مداخلته "هناك مخاوف من ان تستغل هذه الاستشارة لتصفية احزاب بعينها". و اعتبر عماد الدين حدوق (حزب التحرير)، أن الاستشارة التي تعتزم وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان إطلاقها لمراجعة المرسوم 87 ،"تتنزل في اطار عنف الدولة لتصفية خصومها السياسيين "، مشددا على ضرورة أن لا " تتدخل الدولة في المضامين الفكرية لمواطنيها وهو ما يعد مدخلا للدكتاتورية "، حسب قوله. في المقابل طالب ممثلون لأحزاب أخرى بملائمة المرسوم 87 المنظم للأحزاب في تونس مع نص دستور جانفي 2014 . وفي هذا السياق دعا شكري البلطي (الحزب الاشتراكي الدستوري) إلى "احترام مدنية الدولة ومنع الأحزاب ذات الخلفية الدينية والطائفية أو تلك التي تنشط تحت أسماء فولكلورية"،وفق تعبيره، مطالبا بشطب الأحزاب التي لا تنشط سياسيا خلال سنة من إعلان قيامها و بالسماح للمواطنين بمقاضاة الأحزاب. وحذر ممثل (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين)، رضا بن حسين، من "وجود أحزاب تمثل خطرا على الديمقراطية متى وصلت إلى الحكم "، في حين شدد ممثل (حزب التكتل من أجل العمل و الحريات) على أن لا يسمح بتكوين حزب لا يحترم الدستور. وبخصوص التمويل العمومي للأحزاب دعا فتحي فرحات (حزب التواصل الدستوري للحرية و العدالة)، الى أن يكون حجم المنحة العمومية المرصودة للأحزاب في حدود 50 مرة قيمة الأجر الفلاحي الأدنى المضمون تدفع سنويا للحزب على مرحلتين. أما ممثلة (الحزب الدستوري الحر) عواطف عبيد فاشارت الى مخاطر التمويل الأجنبي المتدفق على تونس . وقدم ممثلو أحزاب أخرى جملة من المقترحات حيث طالب نجيب الحجري(الحركة الوسطية الديمقراطية) الدولة بمساعدة الأحزاب في مجال جمعها للإنخراطات عبر التحويلات البريدية، والتقليص من الآداءات المفروضة عليها . أما وحيد ذياب ممثل حزب (قوى 14 من جانفي) فدعا الى احداث "مجلس للاحزاب" تقدم فيه الأحزاب مقترحاتها الى السلطة السياسية، في حين دعا ممثل (حزب العمال) ،حمادي بن ميم إلى منع التمويل الخاص والأجنبي للأحزاب. من جهته أكد وزير العلاقة مع الهيئات الدسستورية المجتمع المدني وحقوق الانسان، المهدي بن غربية في كلمة افتتح بها اشغال الاستشارة ، أن الهدف من اللقاء مع ممثلي الاحزاب وعددها أكثر من 208 حزبا هو "اطلاق حوار بناء حول مزيد تقييم المنظومة التشريعية للأحزاب السياسية و تطويرها ومراجعتها وارساء الآليات الكفيلة بالارتقاء بالعمل الحزبي". وقال " إن وزارته تعتزم عبر مقاربة تشاركية مراجعة المرسوم عدد 87 لسنة 2011 في اتجاه اعداد مشروع قانون أساسي جديد في الغرض يكون متلائما مع الفصل 65 من الدستورالذى ينص في أحد أجزائه على أنه تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بتنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية وتمويلها ". ولاحظ الوزير أيضا أن مراجعة مرسوم الاحزاب تهدف الى معالجة الثغرات والعوائق المرتبطة بالنصوص القانونية السارية المفعول حاليا، ودعم القدرات المالية للأحزاب، ودعم شفافية تمويل الحياة السياسية وتحصينها من المال الفاسد. وشدد على أن المراجعة ستثبت المكتسبات التي جاء بها المرسوم 87 وستحافظ على "منسوب الحرية في التأسيس والتعبير و الممارسة الحزبية ومبدأ حرية التنظم المنصوص عليها في دستور جانفي 2014، قائلا " إن مدنية الدولة خط احمر وانه لن تكون هناك في تونس أحزاب تتجاوز هذا الامر". وتضمنت الاستشارة مداخلات لعدد من الاساتذة الجامعيين حول الاطار القانوني المنظم للاحزاب في تونس وتطوره . وقالت القاضية فضيلة القرقوري،رئيسة غرفة بدائرة المحاسبات " إن 15 حزبا فقط من اجمالي الاحزاب والتي بلغ عددها 208 قامت بايداع تقاريرها المالية لدى الدائرة"، مؤكدة ان هذا الرقم يعد "محتشما كما انه لم يحترم الدورية المنصوص عليها في نص المرسوم عدد 87 "