في خطوة قد تُحدث تغييرًا جذريًا في العلاقة بين البنوك التونسية والمقترضين، تقدّم عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب بمقترح قانون يهدف إلى وضع حد أقصى للضمانات على القروض البنكية. هذا المقترح يأتي كاستجابة مباشرة للشكاوى المتزايدة من "شروط الضمانات المجحفة" التي تفرضها المؤسسات المالية، والتي تتجاوز في كثير من الحالات 150% من قيمة القرض الأصلية، ناهيك عن الفوائد! لطالما شكلت هذه الضمانات البنكية "المُبالغ فيها" عبئًا ثقيلًا على كاهل التونسيين الباحثين عن التمويل، وخاصة أصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة الذين يواجهون صعوبات جمة في الحصول على قروض بشروط عادلة. "غياب الشفافية في تحديد قيمة الضمانات المطلوبة وعدم إلزام البنوك بتبرير اختياراتها للحرفاء" هي إشكاليات رئيسية أوردتها وثيقة شرح أسباب مقترح القانون، الذي أحيل للجنة المالية والميزانية بالبرلمان. يضع الفصل الرابع من مشروع القانون هذا حدًا واضحًا وجريئًا:لن تتجاوز الضمانات المطلوبة 100% من أصل مبلغ القرض، ودون احتساب الفوائد والعمولات!هذه النقطة الجوهرية تهدف إلى تكريس مبدأ التوازن العقدي، الذي يحفظ حقوق "الطرف الأضعف" في العلاقة البنكية، وهو المقترض. وليس هذا فحسب، فالمقترح الجديد يُلزم المؤسسات البنكية بتبرير قيمة الضمانات وإعلام الحريف بها بوضوح، ويُبطل أي شرط تعاقدي مخالف لذلك. كما يمنح السلطة الترتيبية صلاحية ضبط حالات الاستثناء، لضمان مرونة تطبيق القانون. لماذا هذا التدخل ضروري الآن؟ يُعد هذا التدخل التشريعي حيويًا لعدة أسباب: * حماية المقترضين:سيُقلل من الضغوط المالية على الأفراد والمشاريع، ويحميهم من الشروط غير العادلة. * تعزيز الثقة:سيعزز ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة البنكية ككل. * دعم الاقتصاد:يهدف المشروع إلى تحقيق التوازن بين مصالح البنوك والمقترضين، مما يضمن استدامة النظام المالي والمصرفي ويدعم النمو الاقتصادي، خاصة عبر تسهيل نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة للتمويل. نداءات سابقة من أجل العدالة المالية تأتي هذه الخطوة البرلمانية لتتكامل مع دعوات سابقة من قبل الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، التي طالبت بضرورة مراجعة وتحديث الإطار التشريعي المنظم لتمويل هذه المؤسسات الحيوية. الجمعية عبّرت في بيان لها (8 أفريل 2025) عن قلقها من الصعوبات المتزايدة في النفاذ للتمويل البنكي، مؤكدة على الدور المحوري للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في تحريك العجلة الاقتصادية وتحقيق التنمية