أثارت بعض المشاهد التي تم تداولها مؤخرًا على شبكات التواصل الاجتماعي، وتحديدًا صور ومقاطع فيديو لأطفال وقُصّر خلال مشاركتهم في مهرجانات فنية وثقافية في تونس، جدلًا واسعًا وانطباعات متباينة. هذه المواد المصورة، التي أظهرت تفاعل الأطفال مع الفنانين أو مشاركتهم في الرقص والغناء، لاقت للأسف موجة من التنمر والتعليقات الجارحة التي مست كرامة الأطفال، الأمر الذي دفع وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن إلى التدخل. وفي هذا السياق، أكد المنصف بن عبد الله، المندوب العام لحماية الطفولة، في تصريح لموزاييك اف ام ، أن الوزارة تلقت إشعارات رسمية بشأن هذه المحتويات، واعتبرت أنها تم تداولها خارج الأطر القانونية، ما استوجب إعلام النيابة العمومية وطلب الإذن بفتح تحقيق في الغرض. حماية المعطيات الشخصية للأطفال أولوية مطلقة شدد بن عبد الله على أن القانون التونسي، وتحديدًا القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، يمنع تداول صور أو معلومات تتعلق بالأطفال دون احترام الإجراءات القانونية. وأوضح أن تداول هذه المواد يشكل خرقًا لمبدأ مصلحة الطفل الفضلى، المعتمد في الدستور ومجلة حماية الطفل، ويمثل في بعض الحالات انتهاكًا صريحًا للخصوصية. وأكد أن موافقة العائلة وحدها لا تكفي، إذ يشترط القانون في هذه الحالات الحصول أيضًا على إذن مسبق من قاضي الأسرة، لأنه الجهة القضائية الوحيدة المخوّلة لتقدير مدى توافق مثل هذه المشاركات مع مصلحة الطفل الفضلى. ضوابط لمشاركة الأطفال في الأنشطة الفنية والإشهارية في ما يتعلق بمشاركة الأطفال في الأعمال الفنية أو الإعلانات، أوضح بن عبد الله أن هناك ضوابط قانونية صارمة تنظم هذا المجال، من بينها شرط السن، وطبيعة المحتوى، والحفاظ على الآداب العامة، بالإضافة إلى وجوب الحصول على ترخيص مسبق من مفتش الشغل، بما يضمن حماية الطفل من كل أشكال الاستغلال. مسؤولية الأسرة والمجتمع في استعمال وسائل التواصل أكد المندوب العام أن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يكون مؤطرًا وواعيًا، وخصوصًا حين يتعلق الأمر بالأطفال. فليس كل ما يُنشر من صور أو فيديوهات للأطفال بريء أو عفوي، وقد يؤدي إلى أضرار نفسية خطيرة نتيجة التنمر أو الاستغلال الرقمي. وأشار إلى أن دور الأسرة محوري في التوجيه والرقابة، إلى جانب المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والإعلام. خطوط للإشعار والتبليغ ذكر المندوب العام أن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن تضع على ذمة المواطنين رقم الإشعار 192 لتلقي البلاغات المتعلقة بالطفولة المهددة خلال التوقيت الإداري، إضافة إلى الرقم 1809 خارج التوقيت الإداري، في انتظار توحيدهما ضمن مشروع يجري العمل عليه حاليًا.