من موقع الحراسة حيث يقف الجندي الليبي محمد أبو شبر على الخط الأمامي يمكنه أن يرى المواقع التي يتحصن بها مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية بأسلحتهم الثقيلة على مبعدة أقل من كيلومتر واحد. فقد استولى المتشددون فعليا على مدينة سرت مسقط رأس معمر القذافي مستغلين حربا أهلية بين حكومتين متنافستين من أجل تعزيز تواجدهم في شمال أفريقيا. ويقول محمد الذي يتشبث هو ورفاقه على المشارف الغربية لمدينة سرت بآخر موقع للقوات التي تنتمي لواحدة من الحكومتين المتنافستين في ليبيا وهي حكومة المؤتمر الوطني العام التي تسيطر على العاصمة طرابلس ومعظم المنطقة الغربية من البلاد. وقال محمد "لا ينشطون إلا ليلا" مشيرا إلى موقع المتشددين في بيت على الطريق تسد مدخله أكياس الرمل. وينام محمد في سقيفة بجوار مواقع إطلاق النار حيث تتناثر على الارض بقايا قذائف الدبابات المستخدمة. وانزلقت ليبيا إلى حالة من الفوضى منذ ساعدت طائرات حلف شمال الأطلسي الثوار في الإطاحة بحكم القذافي في حرب أهلية عام 2011 وأصبحت الان ثالث معقل كبير للتنظيم الاسلامي الذي أعلن قيام دولة الخلافة في الأراضي التي استولى عليها في سوريا والعراق. وأصبح مقاتلو الدولة الاسلامية قوة رئيسية العام الماضي في درنة التي تعد معقلا حصينا للجهاديين في شرق ليبيا وانتشروا بسرعة إلى بنغازي أكبر مدن الشرق حيث نفذوا هجمات انتحارية في الشوارع المقسمة بين الفصائل المسلحة. وباحتلال سرت خلال الأشهر الاربعة الماضية سيطر المتشددون على مدينة كبرى بوسط البلاد على امتداد الطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها. وأعلن المتشددون عن وجودهم بقوة في فبراير شباط باختطاف أكثر من 20 مسيحيا مصريا ممن يعملون بصناعة النفط وذبحهم على شاطيء ونشر لقطات فيديو لعملية الذبح على الانترنت. وفي ليبيا تنشر الجماعة مقاتلين جندتهم محليا بقيادة مبعوثين أرسلوا من سوريا والعراق. ومن هؤلاء ليبيون عادوا من القتال في جبهات سوريا والعراق بعد أن استوعبوا أساليب الجماعة المتمثلة في استخدام العنف المفرط والحرب المتواصلة بين من يعتبرونهم المسلمين السنة الحقيقيين وبقية الناس. وأثارت المكاسب التي حققها التنظيم في ليبيا قلق حكومات أوروبية وجيرانها في شمال أفريقيا. غير أن الدول الغربية التي تشارك في قصف مواقع التنظيم في سوريا والعراق أحجمت حتى الآن عن التدخل على نحو مماثل في ليبيا. ولا يملك أي من الحكومتين المتنافستين في ليبيا سيطرة رسمية كبيرة على الاراضي. ولكل منهما قوات تسمي نفسها الجيش لكنها في الواقع مؤلفة من تحالفات فضفاضة من الثوار السابقين الذين أطاحوا بالقذافي ورفضوا نزع سلاحهم واختلفوا منذ ذلك الحين حسب انتماءاتهم القبلية والسياسية والاقليمية. وتدفع كل من الحكومتين رواتب للجنود من عائدات النفط الليبي ما يمنح كل جانب المال اللازم والحافز الذي يغذي الحرب إلى ما لا نهاية. واستولى التنظيم على سرت من الحكومة التي تعمل انطلاقا من العاصمة طرابلس والتي تستمد دعمها في الأساس من مقاتلين في مدينة مصراتة الغربية برز دورهم كواحد من أقوى الفصائل في البلاد بعد سقوط القذافي