«وقفات الصمت ضد قانون الصمت»، «استقلال القضاء ضرورة ديمقراطية، كفى ارتهانا بالسلطة القضائية»، «احتجاج الصمت ضد قانون مرر في صمت» ...شعارات عدة رفعها امس القضاة أمام المحاكم الاستئنافية بكامل تراب الجمهورية بالزي القضائي في وقفة احتجاجية عبروا من خلالها عن احتجاجهم على المصادقة على مشروع القانون الاساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، وموقفهم من المشروع الذي اعتبروا أنه «مرّر في صمت مريب وتصويت آلي»، حيث وضع القضاة لاصقات على أفواههم لمدة 15 دقيقة تقريبا، قبل ترديد النشيد الوطني. وأكدت روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة خلال الوقفة موقف القضاة من المشروع، معتبرة انه مرر في صمت مريب واستثنائي من كافة النواحي. وأشارت القرافي إلى أنه من حق مجلس نواب الشعب التشريع والتصويت بالاجماع، وملاحظة أنه لا يمكن له ألّا يقدم للتونسيين تفسيرات حول سبب تجريد هذا المشروع من صلاحياته وحصر دوره في النقل والترقيات، مشيرة الى أن ذلك يعيد القضاء إلى عهد الاستبداد وتدجين القضاء واخضاعه للسلطتين التنفيذية والتشريعية عكس ما يحدث في المغرب الذي حقق قفزة تاريخية بالنسبة لاستقلالية القضاء، حيث منح المشرع المغربي المجلس الأعلى للقضاء عدة صلاحيات، من بينها استقلالية النيابة العمومية والاستقلال الإداري للمحاكم. ونبهت القرافي إلى أن ما يحدث اليوم هو انتكاسة ديمقراطية و«أننا أصبحنا نشهد تمرير قانون بصمت تحت قبة مجلس النواب بتعلة الإجماع». مشروع الحكومة غيّر ... واللجنة مررت مشروعها ؟ من جانبه أكد حمدي مراد القاضي بالمحكمة الإدارية والكاتب العام لجمعية القضاة أن مشروع القانون الاساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء مرر في صمت، دون أن تكون هناك مداولات أو مناقشات حوله، وأن التصويت تم دون أي اعتراض عليه وقال مراد ل«التونسبة» «ظاهريا تم النظر في مشروع قانون الحكومة لكن في الواقع ما تم تمريره هو المشروع الذي أعدته لجنة التشريع العام، والذي صرحت هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين بعدم دستوريته، وهو ما جعلهم يمررونه في شكل مقترحات تعديل في جلسة 23 مارس الفارط، حيث وقع التصويت وقبول جميع مقترحات التعديل»، ونبه مراد إلى أنه وقع تمرير 75 مقترح تعديل على قانون احتوى على 89 فصلا، مع إسقاط 28 فصلا وإضافة 21 فصلا وعنوانا أخرى. وتساءل مراد عما بقي من مشروع الحكومة، منبها إلى أن الجمعية لا تنكر حق السلطة التشريعية في إدخال تعديلات على مشاريع المبادرات التشريعية الصادرة عن الحكومة، مع احترام الحدود المتعارف عليها، والتي قال «نجدها حتى في فقه قضاء المجلس الدستوري الفرنسي»، والتي ترتكز أساسا حسب ما أكده محدثنا على احترام التوجهات الكبرى للحكومة، باعتبارها المسؤولة عن رسم السياسة العامة للدولة وفقا لما أقره الدستور. ونبه مراد إلى أن الحكومة تنازلت عن بعض صلاحياتها لفائدة المجلس الأعلى للقضاء، ولكن مجلس النواب رفض ذلك، مضيفا أن المجلس غير القانون بطريقة مست بالتوجهات الكبرى للحكومة وفي مخالفة صريحة لقراري هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين الصادران في 8 جوان و22 ديسمبر من السنة الفارطة.