تدفع حاليا نقابات أطباء الممارسة الحرة نحو مراجعة شاملة لمنظومة التأمين على المرض على المستوى التشريعي وعلى مستوى نوعية الخدمات التي يكفلها الصندوق حاليا وسقف العلاج الذي لم تقع مراجعته منذ أكثر من 4 سنوات رغم الحراك الكبير الذي يشهده القطاع الصحي. وقد أكد الدكتور منصف الخلادي كاتب عام نقابة أطباء القطاع الخاص أن المفاوضات جارية مع إدارة الصندوق حول عدة ملفات تعتبرها مفصلية في تطوير منظومة التأمين على المرض حيث طالبت النقابة بإعادة النظر في الأتعاب التعاقدية للأطباء المعمول بها حاليا تماشيا مع ارتفاع المعيشة ونسبة التضخم وقد اقترحت النقابة أن تكون هذه الزيادة على ثلاث سنوات. وتأتي المطالبة بالزيادة في أتعاب الأطباء بعد احتجاج المهنيين على تواصل العمل بالتعريفات الحالية لسنوات دون أي تحيين وهو ما أدى إلى تسجيل عدة تجاوزات بعدم الإلتزام بالأتعاب التعاقدية وإجبار المضمون الإجتماعي على تكبد الفارق بين الأسعار المعترف بها من قبل صندوق التأمين على المرض والتي يتقاضاها الأطباء فعليا. هذا إلى جانب تفكير شق آخر من مقدمي الخدمات الصحية في فك الارتباط نهائيا مع «الكنام». في سياق متصل أكدت مصادر نقابة أطباء الممارسة الحرة أن مطالبها لن تقف عند مراجعة التعريفات التعاقدية للأطباء حيث يتم التفاوض كذلك حول التوسيع في قائمة العمليات الجراحية التي يتكفل بها الصندوق في القطاع الخاص والترفيع في السقف العلاجي وتوحيد المعلوم التعديلي لكل المنظومات العلاجية في أقسام الإستعجالي ، ولا تستبعد مصادر النقابة البت في هذه الملفات خلال المجلس الوطني للتأمين على المرض الذي سيعقد في المدة القادمة. لا للحلول الموجهة سياسيا «صمتنا طلية السنة الماضية كان اختيارا ومراعاة للمصلحة الوطنية ولم نعبر يوما عن رضانا عن وضعية المنظومة الصحية ولا منظومة التأمين على المرض» هكذا عبر الدكتور فوزي الشرفي كاتب عام نقابة أطباء الاختصاص عن موقف أهل المهنة من التأمين على المرض، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لمخاطبة سلطة الإشراف بكل جديّة حتى تعيد فتح هذه الملفات بما يمكن من إصلاحها جذريا بعيدا عن الحلول الترقيعية والموجهة سياسيا كما كان عليه الحال في العهد السابق. الدكتور فوزي الشرفي قال أن كل مبررات السكوت عن الوضع الحالي انتفت بوجود حكومة شرعية في السلطة معتبرا أن شرعية الحكومة الحالية تسمح لها بفتح أمّ الملفات حسب اعتقاده في الصحة وفي الشؤون الاجتماعية, مضيفا أن أطباء الاختصاص في القطاع الخاص سيدفعون في هذا الإتجاه إيمانا بقدرة الوزراء الحاليين سواء في الصحة أو في الشؤون الإجتماعية على التجاوب مع مطالب القطاع التي يعتبرها مفصلية في أيّة عملية إصلاح، مشيرا إلى أن خليل الزاوية وزير الشؤون الإجتماعية الحالي بصفتيه كطبيب استشفائي جامعي ونقابي سابق يعرف حق المعرفة هنات نظام التأمين على المرض في صيغته الحالية ومدى تأثيره على مردودية المنظومة الصحية في القطاعين العام والخاص . كاتب عام نقابة أطباء الإختصاص في الممارسة الحرة قال أيضا إن النقابة التي أمضت سابقا مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض الإتفاقية الإطارية ستطالب بإمضاء الإتفاقية القطاعية لكن بشكل جديد يسمح بالتفاوض على تعديل المنظومة التي بعثت منذ 2004 ولم يقع تقييمها تقييما علميا إلى حد الآن ولم يكشف ولو في مناسبة واحدة عن حقيقة التوازنات المالية للكنام لأن الكشف عن هذه التوازنات سيمكن من الوقوف على الوضعية الحقيقية للمنظومة وسيتم على ضوئها اتخاذ قرارات المراجعة سواء بتحسين سلة الخدمات أو بالإبقاء على ما يكتفي به الصندوق حاليا من خدمات . الدكتور فوزي الشرفي اعتبر أن طريقة تعامل الصندوق الوطني للتأمين على المرض حاليا مع منظوريه والأطباء تفتقد إلى الشفافية مما يجعل كل واحد « يخدم على زي راسو» فالأطباء لا يلتزمون بما جاء في النص القانوني من حيث التعريفات التعاقدية والتعامل مع المرضى وفي المقابل لا أحد يحاسب الصندوق على السلم المعتمد في إرجاع المصاريف وصيغ التكفل مما خلق نوعا من اللبس لدى كافة الأطراف المتدخلة وفتح الباب على مصراعيه للتجاوزات بجميع أصنافها. وأضاف د. الشرفي أن الأوان آن لوضع حد لهذه التجاوزات وإعادة النظر في منظومة التأمين على المرض بصفة جدية بعيدا عن الحسابات السياسية التي أسقطت في وقت ما هذا المشروع إسقاطا وجرّت الأطباء إلى خلافات وانقسامات لم تخدم في تلك الفترة إلا مصلحة السلطة التي راهنت على بعض الأطراف لتمرير المشروع مهما كانت نقائصه . فهل تقدم الحكومة على فتح ملف التأمين على المرض ومراجعته مراجعة شاملة رغم أنه يصنف من أبرز الإصلاحات التي عرفتها المنظومة الإجتماعية طيلة العشرية الأخيرة ؟