تحوّلت معضلة انقطاع المياه إلى واقعٍ يتعايش معه التّونسّيون منذ سنوات، وتتزايدُ الظاهرة بشكل ملفت في فترات الحر الشديدة التي شهدتها البلاد خلال هذه الصائفة حيث ارتفعت درجات الحرارة في الأيام الأخيرة، لتصل محلّيا إلى 45 درجة. وتزامنت ظاهرة اضطراب المياه في تونس مع تحذيرات دولية من موجة جفاف تهدد البلاد، حيث صنّف تقرير دولي صادر عن معهد الموارد العالمية "وورلد ريسورسز" في سنة 2019 تونس على أنها من أكثر الدول المهددة بجفاف حاد بسبب ندرة المياه وارتفاع درجة الحرارة إضافة إلى استنزاف الموارد المائية. وتصاعدت خلال أيام عيد الأضحى الاحتجاجات في ولايات عديدة في البلاد بسبب انقطاع مياه الشرب لساعات طويلة وأيام، ما عكّر صفو العيد في العديد من مناطق البلاد وحرم المواطنين استعمال ماء الحنفيات، في وقت اشتدت فيه درجات الحرارة. وتحدث المرصد التونسي للمياه، غير الحكومي، عن عدد602 مشاكل مياه تم الإبلاغ عنها على كامل تراب الجمهورية خلال 2020. وخلال شهر جويلية المنقضي ورد على المرصد 67 تبليغا عن انقطاعات للمياه و9 تبليغات عن مياه غير صالحة للشرب و11 تبليغا عن تسربات. وشهدت البلاد 70 تحركا احتجاجيا متعلقا بهذا الملف. وجاءت ولاية منوبة، خلال الشهر نفسه، على رأس عدد التبليغات (21) تليها ولاية قفصة (15) وسليانة (13) والقيروان (10) وسيدي بوزيد (9) وباجة (9). ونبّه مرصد المياه إلى توقع ارتفاع كبير لعدد التبليغات المواطنية عن الإشكاليات المتعلقة بالمياه منذ أوّل شهر أوت. حيث تشهد الأرقام ارتفاعا كبيرا بدخول هذا الشهر تزامنا مع ارتفاع أكبر لدرجات الحرارة. واحتجاجا على الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب، أقدم عدد من المواطنين، اليوم الاثنين، على غلق الطريق الجهوية الرابطة بين باجةوتبرسق على مستوى منطقة عين مليتي بولاية باجة، وذلك احتجاجا على انقطاع الماء بعين مليتي وضعف تدفقه. وأوضح معتمد تبرسق، هيكل الهرمي، ل"وات" أن شح المياه وكثرة استهلاكه فى الفترة الحالية هما السبب فى الإشكاليات التى تعرفها منطقة عين مليتي، مؤكدا أنه سيتم العمل على إيجاد حلول جذرية تضمن انتظام تدفق المياه بالمنطقة. ذات الأمر تكرر بولاية تطاوين، حيث أقدم أهالي منطقة قصر أولاد بوبكر من معتمدية البئر الأحمر صباح اليوم الإثنين على غلق الطريق الرابطة بين تطاوينومدنين وإشعال العجلات المطاطية وذلك احتجاجا على انقطاع الماء الصالح للشراب عن المنطقة منذ أكثر من أسبوعين وخاصة الأيام الأخيرة التي شهدت ارتفاعا كبيرا لدرجة الحرارة. وتعرف عدة مدن تونسية انقطاعات متكررة في التزود بالمياه الصالحة للشرب، وسط تحذيرات من انفجار الوضع الاجتماعي نتيجة "أزمة العطش". واليوم 3 أوت 2020 سجل مرصد المياه انقطاع المياه بطريق قابس في مدنين، وانقطاعات متواصلة بمنطقة الحوس الوسطى ببومرداس. كما سجلت تحركات احتجاجية بتبرسق ومنطقة أولاد حاج بمعتمدية أولاد حفوز. ويرى مراقبون أن أزمة المياه ستشتد بشكل أكبر، وستكون محسوسة أكثر خلال السنوات القادمة بسبب اهتراء قنوات توزيع المياه. وبحسب المعطيات، التي تقدمها شركة استغلال وتوزيع المياه، فإن 42 بالمائة من قنواتها قديمة، ويفوق عمرها 25 سنة، ومن الضروري استبدالها. المصدر: المرصد التونسي للمياه